نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسليها جون ريد في القدس وتشارلز كلوفر في بيجنغ، حول
الاستثمارات الصينية في الشركات
الإسرائيلية.
ويقول الكاتبان في تقريرهما، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إنه عندما أقامت إسرائيل أكبر مؤتمر تكنولوجي الشهر الماضي في مدينة ريهوفوت، كان واحدا من كل عشرة ممثلين لحضور المؤتمر من الصين.
ويضيف الكاتبان أنه قبل ذلك بأسابيع قليلة كان هناك وفد كبير من شركة "علي بابا" الصينية الضخمة قد حضر إلى تل أبيب؛ ليشارك في مؤتمر للسايبر
تكنولوجيا، وهو المؤتمر الإسرائيلي الرئيس الذي يتعلق بأمن المعلومات على الشبكة العنكبوتية، وهو مجال أبدعت فيه إسرائيل.
ويشير التقرير إلى أن شركة "علي بابا" قد استثمرت مبلغا لم يعلن عنه في شركة "فيجيواليد"، وهي شركة إسرائيلية تختص في "تكنولوجيا كيو آر كود"، أو تكنولوجيا ترميز الاستجابة السريعة.
وتبين الصحيفة أن الشركات الصينية تقوم بالاستثمار في إسرائيل حاليا أكثر من أي وقت مضى، وترحب الشركات الإسرائيلية والمسؤولون الإسرائيليون بهذه الاستثمارات بأذرع مفتوحة.
وينقل التقرير عن مدير شركة "أور كراد"، التي تختص بما يسمى "كراود فندنغ"، أي (تجميع رؤوس الأموال من أفراد، وغالبا بالإعلان على الإنترنت لدعم مشاريع معينة)، جون مدفيد، قوله: "يبدو أن حكومتي البلدين موافقتان على السماح لهذه العلاقات التجارية بالازدهار".
وتذكر الصحيفة أنه قبل عقد من الزمان كان تركيز الاستثمار الصيني الخارجي منصبا بالدرجة الأولى على تأمين المواد الخام من أماكن مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكانت تقوده شركات الطاقة والتنجيم الحكومية.
ويستدرك الكاتبان بأن الصعود الكبير في الاستثمارات اليوم يستهدف التكنولوجيا غير المتوفرة للصين في سوقها الوطنية، حيث تقوم شركات خاصة وحكومية بدفع تلك الأموال. وغالبا ما تتجاوز استثمارات الصين في الخارج الاستثمارات الآتية من الخارج إلى الصين، التي وصلت إلى 128 مليار دولار عام 2014، لأول مرة هذا العام.
وتنقل الصحيفة عن مدير منتدى الصين في معهد الأمن القومي في تل أبيب عديد إران، قوله: "إن الاهتمام ينبع من هدف استراتيجي واضح للصين، وهو أن تصبح قوة رائدة ليس في الاستنساخ وإنتاج ما ينتجه الآخرون فقط، وبكلفة أقل، بل أن تضع نفسها على قائمة المستثمرين".
ويلفت التقرير إلى أن شركة "برايت فود" الصينية حصلت منذ فترة قريبة على موافقة حكومتها لشراء شركة "تنوفا"، وهي أكبر شركة ألبان إسرائيلية، حيث اشترتها من شركة "إيباكس بارتنز"، في صفقة قيمتها مليارا دولار.
وتوضح الصحيفة أن الصينيين يأكلون الكثير من الأجبان. وقالت الشركة إنها استثمرت في "تنوفا"؛ لأن "إسرائيل معروفة بمنتوجاتها الزراعية ونوعية إدارة منتوجاتها الزراعية".
وينوه التقرير إلى أن تلك الصفقة هي أكبر صفقة شراء لشركة إسرائيلية منذ عام 2011، عندما اشترت الشركة الصينية الوطنية الكيماوية شركة "أداما" المتخصصة في المبيدات وحماية المحاصيل، التي كانت تعرف حينها باسم "ماختشيم آغان"، بسعر 2.4 مليار دولار.
ويذكر الكاتبان أن الاستثمارات الصينية بدأت تتدفق إلى إسرائيل حديثا، ولم تجد إلى الآن ردة فعل سياسية معاكسة، حتى عندما تعلقت تلك الاستثمارات بمشاريع بنية تحتية مهمة، مثل مشروع مطار تكلفته 3.3 مليار دولار، يتم بناؤه في مدينة أسدود الساحلية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن التجربة الصينية في إسرائيل تقف على النقيض من أمريكا، التي رفضت أن تستثمر الصين في مزارع الرياح لتوليد الكهرباء عام 2012، وحديثا أبدت قلقها من أن الصين لها يد في عمليات الاختراق لأنظمة شركات متعاقدة مع وزارة الدفاع.
وتبين الصحيفة أن بنيامين نتنياهو، الذي يتوقع أن يرأس الحكومة الإسرائيلية القادمة، اتبع سياسة تهدف إلى الابتعاد بالعلاقات
الاقتصادية عن أوروبا، التي تعد أكبر شركاء إسرائيل التجاريين، وتتجه نحو الأسواق الناشئة.
ويجد الكاتبان أن الهدف براغماتي، حيث أن إسرائيل لا تتعامل تجاريا بشكل كبير مع بلدان "بريكس"، وبعض البلدان الغربية تنتقد بحدة ما تراه تجاوزات إسرائيلية تتعلق بالصراع مع الفلسطينيين، ويخشى المسؤولون الإسرائيليون تداعيات سياسية لذلك.
وينقل التقرير عن الملحق التجاري في بيجنغ أوفير غور، قوله: "أحيانا تقول (دولة إسرائيل) في مناطق أخرى من العالم، ويخطر ببالهم أمورا أخرى، ولكن عندما تقول (إسرائيل) في الصين يخطر ببالهم الابتكارات والتكنولوجيا المتقدمة، ولذلك فمن هذه الناحية وظيفتي هنا سهلة".
وتورد الصحيفة أن التبادل التجاري الإسرائيلي مع الصين وصل إلى 11 مليار دولار العام الماضي، أي حوالي ضعف ما كان عليه عام 2010. ومع هذا فإن الصادرات للصين لم تزد على 10% من التجارة الإسرائيلية، بينما يذهب الثلث إلى أوروبا في العادة، وحوالي الربع إلى أمريكا الشمالية.
وتقول وزارة الاقتصاد الإسرائيلية إنه بالإضافة إلى شركة "أداما" و"تنوفا"، فإن الصين تستثمر في الكثير من الشركات الأصغر، وخاصة التكنولوجية، والتكنولوجيا الزراعية، وإدارة المياه"، بحسب الصحيفة.
ويشير التقرير إلى أن شركة "بايدو"، وهي أكبر محرك بحث صيني، قد استثمرت حوالي ثلاثة ملايين دولار في شركة "بيكسيلوت"، وهي شركة تختص بالفيديو الرقمي، كما أن الشركة الصينية ذاتها مولت شركة تمويل مشاريع إسرائيلية العام الماضي.
وبحسب الصحيفة، فقد قامت شركة "شوغوانغ" على الشواطئ الصينية بإطلاق مشروع "مدينة الماء"، وهو مشروع يهدف إلى عرض الابتكارات الإسرائيلية؛ لإعادة استخدام المياه والتحلية، ويتوقع أن تبدأ العقود الأولى في هذا المشروع نهاية العام الجاري، وأن يبدأ تشغيله بحلول عام 2017.
ويرى الكاتبان أنه يمكن للصين، التي يبلغ عدد سكانها مليار نسمة، أن تشكل بالنسبة لإسرائيل سوقا وشريكا اقتصاديا في آن واحد.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول تود دولنغر من شركة تريندلاينز، المتخصصة في الاستثمار والتي نظمت المؤتمر: "نحن مخترعون جيدون وبارعون في تطوير الأشياء، ولكن إمكانيتنا الإنتاجية لا تضاهي تلك التي تتمتع بها الصين، ونحن بعيدون جدا عن الأسواق الكبيرة، ونحن في الحقيقة جزيرة، ونبدع عندما يكون لدينا شركاء".