كان يمكن الأمين العام لـ"حزب الله" أن يضيف ثلاث عبارات إلى ما قاله عن معركة
القلمون، لا ليكون مقنِعاً بل ليكون واقعياً. الأولى: نحن مَن استدرج "القتلة" و"الارهابيين" إلى القلمون؛ لذلك كان علينا تصحيح الخطأ الذي ارتكبناه. الثانية: نحن حاولنا بل ألححنا لإقحام الجيش اللبناني، لكنه امتثل لدولته التي ترفض التورّط خارج الحدود. والثالثة: نحن ننتمي إلى دولة أخرى، وذهبنا إلى القتال في سوريا بأوامر من ايران، شاء اللبنانيون أم أبوا...
وفي النقطة الأخيرة جاءت التزكية من علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد، معتبراً أن "انتصارات القلمون" تؤدي إلى "تقوية محور المقاومة والممانعة، ليس فقط في سوريا ولبنان، وإنما في المنطقة". ذلك أن هذا المحور يشعر حالياً بحاجة إلى "تقوية"؛ لأن حجته المعنوية باتت أضعف من حججه العسكرية - الإرهابية على النحو الذي ظهر في العراق وسوريا واليمن.
تجاهل السيد حسن
نصرالله، تمثّلاً بالعماد ميشال
عون، الحكم - المسخرة في قضية ميشال
سماحة. فالعقل الذي برر مشاركة النظام السوري في قتل شعبه هو نفسه العقل الذي يتضامن مع "رفيق مناضل" كان يدبّر لمجازر طائفية.
لم يسكت عون ونصر الله لأنهما مع استقلالية القضاء، بل لأن "لا استقلالية" القضاء العسكري و"لا عدالته" تناسبهما تماماً. قال سماحة بهدوء وبساطة إنه لا يهتم لمقتل هذا المفتي أو ذاك النائب، بل المهمّ تحقيق رغبة "علي والرئيس" (المملوك والأسد). كان لديه هو الآخر "مهمة جهادية"؛ لذا كان لا بد من الثأر له باغتيال وسام الحسن، ثم كان على قضاء كهذا أن يكافئه لا أن يعاقبه.
لم ينسَ نصرالله وعون حقدهما غير المبرر على "شعبة المعلومات" التي كشفت عملاء لإسرائيل في صفوفهما، وأجهضت فتناً دبّرها النظام السوري، وكانا مستعدّين للتغاضي عنها ما دامت تستهدف خصومهما. لذا وجب السؤال لنصر الله وعون: هل سماحة مجاهد أم إرهابي؟ من الواضح أن الأمر يحرجهما لشدّة وضوحه.
ظنّ نصرالله أنه يحرج خصومه حين يكرر السؤال: هل المسلحون في القلمون "ثوار أم إرهابيون"؟ ولو أنه وبشار الأسد ومرجعيتهما الإيرانية تواضعوا مرّة، واعترفوا بوجود ثوار في سوريا لبدا سؤاله مشروعاً، لكن إفراطه في استغشام اللبنانيين جعله يعتقد أنهم لا يميّزون بين الثائر و"النصروي" و"الداعشي"، بل يميّزون، ويعرفون أن "حزب الله" يقاتل في القلمون لهدفين: تخفيف الضغط الذي يتعرّض نظام الأسد في دمشق، وإبعاد الخطر عن مواقع لـ"الحزب" كان يجب أن تكون في عهدة الجيش اللبناني. واذا هوجمت، وهي في يد الجيش، كما في عرسال وجرودها، فلن يجد أي لبناني حرجاً في استعداء المهاجمين بلا أي تمييز.
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)