تساءل مراسل صحيفة "الغارديان" مارتن شولوف، عن وجود تنظيم
خراسان، الذي وجهت له الولايات المتحدة ضربة في بداية الغارات على
سوريا في أيلول/ ستمبر 2014.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي تعد فيه الولايات المتحدة خراسان تنظيما خطيرا تابعا لتنظيم
القاعدة، يخطط من سوريا لتنفيذ هجمات ضد مصالح غربية، فإن زعيم جبهة
النصرة يقول إنه ليس موجودا.
ويقول شولوف: "في إدلب يعرفون بـ (الغرباء على الخيول)، وبين قادة جبهة النصرة البارزين يعرفون بـ(أصدقائنا)، وفي أوروبا والولايات المتحدة ينظر إليهم على أنهم عصابة من الجهاديين تعرف بـ(خراسان)". ويتفق الجميع، كما يقول الكاتب، على فكرة واحدة، وهي أن التنظيم السري في شمال سوريا يظل سرا غامضا.
وتذكر الصحيفة أنه في لقاء زعيم جبهة النصرة أبي محمد
الجولاني، مع قناة "الجزيرة" نفى وجود خراسان، وقال إنه وجه جهود مقاتليه للعمل داخل سوريا، للإطاحة بنظام بشار الأسد.
ويلفت التقرير إلى أن تصريحات أبي محمد الجولاني تعد الأولى التي يتحدث فيها مسؤول بارز في تنظيم موال لتنظيم القاعدة عن "خراسان"، وهي الجماعة التي تتهمها الولايات المتحدة بالتعاون مع جبهة النصرة لتخطيط عمليات ضد مصالح غربية.
ويشير الكاتب إلى رفض المسؤولين الغربيين وسكان إدلب تصريحات الجولاني، وقدم مسؤولان إسلاميان بارزان، لهما علاقة قريبة بجبهة النصرة، صورة عن نوايا تنظيم خراسان، وعلاقته بالجماعات الجهادية المحلية.
وتنقل "الغارديان" عن مسؤول بارز قوله: "إنه حتى وقت قريب لم يكن لديهم أي علاقة بالحرب في سوريا، فقد كانوا يريدون استخدام سوريا ساحة لما يريدون عمله في أماكن أخرى، لكن الوضع مختلف الآن، ففي الهجوم على مدينة إدلب أدوا دورا مباشرا، وقاموا بتنسيق معظم العمليات، ودونهم لم تكن إدلب لتسقط".
ويعلق شولوف قائلا: "إن الزعم بأن تنظيم خراسان أدى دورا مباشرا، وساعد العناصر الجهادية الرئيسية في المعارضة السورية للسيطرة على مدينة كبيرة، هو أول مرة يعبر فيها مسؤولون عن استعدادهم للاعتراف بالعمل مع التنظيم".
وأضاف المسؤول للصحيفة: "إنهم سر كبير، كما تعرف، فهم يعملون مباشرة لصالح الظواهري"، زعيم تنظيم القاعدة.
ويتابع الكاتب بأنه "حتى وقت قريب رسم المواطنون والجهاديون الذين التقتهم (الغارديان) صورة عن تنظيم خراسان بأنه جماعة معزولة، ولا يمكن اختراقها، ولا تتدخل في أحد، ويتحرك أفرادها بشكل دائم؛ لتجنب الغارات الأمريكية".
وينوه التقرير إلى استهداف الأمريكيين للتنظيم في الليلة الأولى للغارات، التي استهدفت ثلاث قواعد لجبهة النصرة، واثنتين تابعتين لجماعة أحرار الشام، وقتلت الغارات 70 شخصا، الذين قالت واشنطن إنهم من قادة خراسان، وقد أرسلهم تنظيم القاعدة لتحديد أهداف لضربها خارج سوريا.
وتستدرك الصحيفة بأن الجماعات الجهادية نفت أي علاقة لها بجماعة اسمها خراسان، وتعهدت بالانتقام من الولايات المتحدة. ويقول مسؤولون في جبهة النصرة إنهم لم يسمعوا بخراسان قبل أن تقول الولايات المتحدة إنها تقوم بمراقبة نموها لأكثر من عامين.
وينقل التقرير عن شخصين في مدينة إدلب قولهما إن السكان يتحدثون عن "غرباء على الخيول" شوهدوا لأول مرة في ريف إدلب بداية عام 2013. وقال رجل: "جاءوا من كل البلدان التي ينتهي اسمها بـ ستان"، أي "أوزبكستان وأفغانستان وطاجيكستان، وأماكن مثل هذه". ويضيف "كانوا يلبسون زيا مثل المجاهدين مع أسامة بن لادن، وكانوا ينامون في الغابة وخيولهم إلى جانبهم، إنها خيول جميلة وقوية. ولم يكن لديهم أي عمل معنا أو أي من جماعات المعارضة".
وقال مواطن ثان إن الجماعة كانت تعرف بخراسان في نهاية عام 2013، ويضيف: "مع أنه كان من الصعب معرفة من ينتمي إليهم مباشرة، ومن هم مع جبهة النصرة، إلا أن منظرهم صار مألوفا، ولكن حتى القصف الأمريكي لهم لم نكن نعرف ماذا يريدون، ولا نزال لا نعرف"، بحسب الصحيفة.
وأكد مسؤول جهادي بارز للصحيفة أن زعيم التنظيم هو بالتأكيد محسن الفضلي، الذي وصل إلى سوريا بداية عام 2013، مع عدد من الأشخاص المقربين لأيمن الظواهري. وتزعم الولايات المتحدة أن الفضلي هو كويتي كان مقربا من أسامة بن لادن، وكان من القلائل الذين علموا بهجمات أيلول/ سبتمبر قبل وقوعها، وقد زعمت البنتاغون في البداية أن الفضلي قتل في الغارة التي شنت يوم 22 أيلول/ سبتمبر 2014، ولكنها قالت لاحقا إنه نجا من الضربة، وجرح في الغارة جهادي فرنسي يدعى ديفيد درجيون.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن نقاد الولايات المتحدة يشيرون إلى أن تنظيم خراسان لم تكن معروفا من قبل، وأن الولايات المتحدة اخترعت التنظيم كي تبرر تدخلها لضرب تنظيم الدولة. ويقول مسؤولون محليون إن التنظيم قوي ونما خلال العام الماضي، فيما قال مسؤول آخر إن قادة خراسان يتحركون بشكل دائم لتجنب الضربات، ويضيف: "أينما ذهبوا تلاحقهم الطائرات الأمريكية، وقد تم تدمير بيوتهم".
ويتابع المسؤول للصحيفة قائلا: "لا أشك أنهم يخططون لأعمال خارج سوريا، ولكن من المستحيل معرفة أين، ولا يوجد سوريون يعملون معهم مباشرة، فقط الرجال الكبار من تنظيم القاعدة، وحتى أكون صادقا معك فإن تعاونهم مع جبهة النصرة في إدلب كان هو الأول من نوعه".
ويرى شولوف أن محاولة إبعاد الجولاني تنظيمه عن خراسان هو جزء من محاولة لتقديم جبهة النصرة تيارا جهاديا مختلفا عن وحشية تنظيم الدولة، ومع ذلك يقول مسؤولون غربيون إن خراسان يظل على قائمة التهديدات المحتملة لأوروبا والولايات المتحدة.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول مسؤول آخر مرتبط بجبهة النصرة: "أصبحوا أكثر بروزا من ذي قبل، وما لم يتغير هو أن لا أحد يريد الحديث عنهم".