أكدت مصادر داخل جماعة الإخوان المسلمين في
مصر لصحيفة "
عربي21"، أن الأزمة التي تشهدها الجماعة الآن بين فريقين يدعي كل منهما حقه في إدارة
مكتب الإرشاد ستنتهي قريبا، بعد أن يتمكن أعضاء المكتب الجديد من حسم الصراع لصالحهم.
وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن موازين القوى تميل بوضوح لصالح المكتب الجديد من حيث التأييد، والقدرة على التأثير في قواعد الإخوان، والإمساك بملفات بالغة الحساسية في الجماعة.
المكاتب الإدارية ضد الإنقلاب
ويضم الفريق الأول أعضاء مكتب الإرشاد الذي كان يدير الجماعة قبل الإنقلاب، ويتزعمه محمود عزت النائب الأول السابق لمرشد الإخوان ومحمود حسين الأمين العام السابق للجماعة (مقيم في تركيا) ومحمود غزلان المتحدث السابق باسم الجماعة وعبد الرحمن البر الملقب بمفتي الجماعة.
فيما يأتي على رأس الفريق الثاني أعضاء مكتب الإرشاد الذي تم انتخابه في شباط/ فبراير 2014، ويتزعمه محمد طه وهدان ومحمد سعد عليوة ومحمد كمال، بالإضافة إلى حسين إبراهيم الأمين العام لحزب الحرية والعدالة وعلي بطيخ عضو مجلس شورى الجماعة.
وأوضحت المصادر أن معظم المكاتب الإدارية لمحافظات القاهرة والإسكندرية، وعدد من محافظات الدلتا والصعيد تؤيد المكتب الجديد وتوجهاته، وتصف قرارات مكتب الإرشاد القديم بأنها محاولة للانقلاب على القيادة الجديدة المنتخبة.
ولا يحظى المكتب القديم بتأييد يذكر على هذا المستوى التنظيمي المتقدم للجماعة.
والمكتب الإداري في الجماعة هو مجلس منتخب يتحمل مسؤولية إدارة شؤون الإخوان في تلك المحافظة.
كما رفض الإخوان المغتربون عودة المكتب القديم، حيث أعرب أحمد عبد الرحمن رئيس مكتب المصريين بالخارج عن دعمه للمكتب الجديد، الذي أوكل إليه عدة ملفات مهمة في إطار مقاومة
الانقلاب، على رأسها التواصل السياسي مع العالم الخارجي، والضغط على نظام الانقلاب خارجيا بكل الطرق الممكنة.
الشباب لا يحبون الثلاثي محمود
وفيما يتعلق بموقف شباب الإخوان من هذا الصراع، قالت مصادر في الجماعة لـ"
عربي21" إن الشباب منقسمون إلى فريقين، الأول يؤيد المكتب الجديد بسبب خطه الثوري الواضح، وظهر ذلك عندما شارك آلاف الشباب في هاشتاج "#مش_هانرجع_لورا"، في إشارة إلى رفضهم عودة القيادات القديمة لتولي أي مناصب في الجماعة.
ويتساءل كثير منهم -باستغراب- عن سبب صمت أعضاء المكتب القديم قرابة عام ونصف على الانتخابات التي أطاحت بهم من قيادة الجماعة، ثم حديثهم المفاجئ اليوم عن بطلانها، وبهذه الطريقة الصدامية!
أما الفريق الثاني من شباب الإخوان فيرى أن كلا المكتبين، القديم والجديد، فشلا في إدارة الجماعة وأوصلاها إلى هذا الوضع المأساوي، فلا المكتب القديم تمكن من توقع أو تجنب الانقلاب، ولا المكتب الجديد استطاع تحقيق أي نجاحات مؤثرة في مسار كسر الانقلاب، حتى الآن.
ومن بين هؤلاء أحمد عقيل أحد كوادر الإخوان الشباب الذي كتب عبر "فيسبوك" "لست مضطرا أن أختار بين خيارين سيئين، ولست مضطرا أن أستبدل فاشلا بفاشل آخر.. نحن في حاجة إلى طليعة جديدة تبني المستقبل، وتتخذ مسار الثورة الراشدة في إطار مؤسسي وبشفافية ومحاسبة ومسؤولية".
فيما قال "علي خفاجي" أمين شباب حزب الحرية والعدالة بالجيزة، عبر "فيسبوك"، واصفا القيادات القديمة بالجماعة: "عالم ضيعونا ودلوقتي بيجهزوا علينا شايفين الجماعة عزبة أبوهم، بقت فريقين بيلعبوا والكل فيها خسران".
وتؤكد المصادر أن التأييد للمكتب القديم في أوساط شباب الإخوان ضعيف، خاصة وأن كثيرا من الشباب يحمّل الثلاثي محمود عزت ومحمود حسين ومحمود غزلان مسؤولية الفشل في الفترة ما بين ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى انقلاب حزيران/ يوليو 2013.
القيادة الجديدة مسيطرة إعلاميا
ويسيطر المكتب الجديد على جميع النواقذ الإعلامية التابعة للجماعة، هي موقعا إخوان أونلاين ونافذة مصر، بالإضافة إلى حسابات "فيسبوك" و"تويتر" الرسمية، وهو ما يعطيه تأثيرا كبيرا داخل الجماعة، كما أعلن محمد منتصر المتحدث الرسمي باسم الجماعة تأييده للمكتب الجديد.
ومن الشواهد التي أظهرت قوة المكتب الجديد، المقال الذي نشره محمود غزلان منذ عدة أيام في موقع نافذة مصر التابع للجماعة، واستنكر تفلت بعض شباب الإخوان من السلمية، وبعد نشر المقال تعرض غزلان لهجوم عنيف داخل الجماعة، وخاصة من الشباب الذين رأوا أنه يمثل تيار السلمية المنبطحة داخل الإخوان.
وقالت مصادر في الجماعة لـ"
عربي21" إن غزلان حاول لمدة أسبوعين نشر المقال على نافذة مصر قبل أن يسمح له بذلك، وبعد نشره بساعات قليلة نشر الموقع عدة مقالات ترد عليه وتضعف من تأثيره.
كذلك فإن محمود حسين اضطر لنشر بيانه الأخير على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك"، بعدما رفضت قيادات المكتب الجديد نشره على أي منبر إعلامي تابع للجماعة.
اعتقال رمانة الميزان
وأكدت مصادر لـ"
عربي21" أن اعتقال محمد وهدان الذي يعد أحد أهم قيادات المكتب الجديد، كان بمنزلة ضربة موجعة للمكتب الجديد، حيث جاء في وقت كانت الجماعة في أمس الحاجة لجهوده للملمة شتاتها.
وفي ظل امتناع الجماعة عن إعلان أسماء القيادات التي تم انتخابها لتشكيل المكتب القديم، ترددت أنباء قوية عن تولي وهدان منصب مرشد الإخوان الفعلي بديلا للمرشد محمد بديع.
ويعد وهدان أعلى قيادة في الإخوان يتم اعتقالها منذ أكثر من عام ونصف، وهو مسؤول لجنة التربية في الجماعة.
وأوضحت المصادر أن اعتقال وهدان بعد عامين من الاختفاء عن أعين الأمن، حدث بعد أن اضطر في الأسبوع الأخير إلى التخلي عن حذره المعتاد والتنقل بين أكثر من مكان لعقد اجتماعات مكثفة مع قيادات بالجماعة لحل الأزمة الأخيرة، وهو ما تسبب في القبض عليه الأربعاء الماضي في مدينة ستة أكتوبر بالجيزة.