وجه الباحث الشرعي السعودي إبراهيم السكران، رسالة نصح إلى شباب
تنظيم الدولة، داعيا إياهم إلى الإسراع في ترك التنظيم، وعدم البقاء مع من "ابتدع ناقضا جديدا من نواقض الدين الإسلامي"، وفق قوله.
وفي رسالته المطولة، التي نشرها عبر صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أوضح السكران أن رسالته تشمل "الشباب الصادق المجاهد في أرض الشام، وأيضا المناصرين لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وبدأ السكران رسالته إلى جنود، وأنصار تنظيم الدولة بتبيان أن "حبهم، وتشوقهم للشريعة وتطبيقها، وغلهم من مظالم الحكومات، وعتبهم على بعض أهل العلم بالتوسع في مداراة المتغلبين"، لا يعني التبرير لسياسة تنظيم الدولة الشرعية التي ابتدعت أمورا كبارا في الدين، وفق قوله.
السكران أعلن أن يوم الثلاثاء، وهو يوم إطلاق أبي محمد
العدناني كلمته الجديدة، هو يوم إعلان تنظيم الدولة عن عقيدته الحقيقية التي حاولت إخفاءها منذ سنتين، عبر قادتها وإعلامها الإلكتروني.
وأوضح السكران أن العدناني أظهر الحق لأنصار تنظيم الدولة بتكفيره لجميع الفصائل التي قاتلتهم، علما بأن "الأنصار" دأبوا على نفي ذلك مرارا في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت "
عربي21" أعدت تقريرا حول "اختلاف كلام العدناني في كلمته الأخيرة، عن مباهلته لشرعي جبهة النصرة أبي عبدالله الشامي قبل عام"، حيث قال جهاديون إن "العدناني لعن نفسه".
اقرأ أيضا:
هل لعن العدناني نفسه؟ باحث سعودي وناشطون يجيبون وأنصار يردون
وحول تكفير العدناني للفصائل المعادية لهم، قال السكران: "يا الله، أي أصل وضعي مناقض لفقه الشريعة في باب الدماء هذا؟! وأي حكم بغير ما أنزل الله يدعو له من يزعم أنه يسعى للحكم بما أنزل الله ؟! وأي أصل محدث بدعي في التوحيد والعقيدة ونواقض الإسلام وباب الأسماء والأحكام؟!".
وتابع: "ففي مباهلته قبل عام، تبرأ من الدعوى أن تنظيم الدولة يكفر من يقاتله، وتبرأ من أن يكون تنظيم الدولة يكفر باللوازم والمآلات، ولعن نفسه إن كان كاذبا، واليوم يفتح صدره للمستمعين ويعترف أن التنظيم يعتقد ذلك، يعتقد ما اجتهد سنة في نفيه عن تنظيمه!".
وفي مجاراة للحجج التي يلقيها جنود، وأنصار تنظيم الدولة لمخالفيهم بـ"الحكم بغير ما أنزل الله"، قال السكران: "أخي المجاهد الصادق، أخي المناصر الصادق، هل تعلم أن هذا الأصل الوضعي الذي أعلنه تنظيم الدولة في بيانه الرسمي (فاحذر فإنك بقتال الدولة الإسلامية تقع بالكفر، من حيث تدري أو لا تدري)، أنه من أعظم الأصول الوضعية المخالفة لحكم الشريعة؟! هل تعلم أن هذا الأصل من أغلظ أبواب الحكم بغير ما أنزل الله؟!".
وتحدث السكران عن كلمة العدناني من باب فقهي، قائلا: "وإذا كانت النصوص الشرعية شنّعت على الحكم بغير ما أنزل الله في أبواب الأموال، كباب الربا، الذي هو عقد بتراض بين طرفين، فكيف بالحكم بغير ما أنزل الله في أعظم أبواب الفقه احتياطا وهو باب الدماء؟!".
وواصل السكران حديثه عن الخطأ العقدي الذي وقع به العدناني، وفق قوله، متابعا: "أنت يا أخي تتذكر أن الحكم بغير ما أنزل الله فيه قدح عظيم في التوحيد وإفراد الله بالطاعة والانقياد والخضوع والتسليم، وإفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع.. فهذا الأصل الوضعي المُحدَث هو شرخ شنيع في التوحيد".
واقتبس إبراهيم السكران مقولة من كتاب "الصارم المسلول" للإمام
ابن تيمية، جاء فيها أن (من قتل نبيا كفر)، وعلّق عليها: "بالله، هل صرنا بحاجة أن نبرهن لجماعة مقاتلة معاصرة أنهم ليسوا أنبياء يكفر من قاتلهم ويخرج من الإسلام مرتدا؟!"، وأضاف: "هل بلغ الحال بجماعة مقاتلة معاصرة أن اعتقدت أنها تشارك الأنبياء في هذه الخصيصة، وأن من قاتلهم يكفر ويخرج من الإسلام كمن يقاتل الأنبياء؟!".
وتابع: "قد تحدث الإمام ابن تيمية عن من تبلغ به العصبية القتالية أن يقيم جماعة قتالية يوالي ويعادي عليها، وسمى هذا (جهادا في سبيل الشيطان)، وأن هؤلاء من جنس (التتار)، وأنه ليس جهادا في سبيل الله".
وأضاف متسائلا: "إذا كان ابن تيمية يعتبر أن من صار يوالي ويعادي على جماعة قتالية معينة مجاهدا في سبيل الشيطان، فماذا كان سيقول عن من يرى أن من قاتل جماعته وحزبه مرتدا عن الإسلام؟ ماذا كان سيقول لو سمع تنظيم الدولة وهو يقول: (فاحذر فإنك بقتال الدولة الإسلامية تقع بالكفر، من حيث تدري أو لا تدري)؟!".
وقال: "ثم لاحظ أرجوك أن هذه الكلمة ليست تغريدة منفعلة، ولا لفظة أفلتت في حوار تلفزيوني، ولا عبارة ندّت من لسان محاضر يرتجل، بل تقرير في بيان رسمي مكتوب ومعد مسبقا ومسجل صوتيا بصوت المتحدث الرسمي للتنظيم!".
وأرجع السكران السبب الذي دفع تنظيم الدولة لتكفير جميع من يقاتله، بعدة أمور، منها: "أن دولة الخلافة الشرعية هي دولة شورى تنعقد فيها الإمامة برضا الأمة، ومن أعظم خصالها الاجتهاد في تحكيم الشريعة على الناس كافة دون تمييز، وبوسائل الشريعة لا بوسائل محدثة وضعية مناقضة للشريعة، بالإضافة إلى الرحمة بالمسلمين والرفق بهم، ومن قارن الأوصاف الشرعية في الخلافة الشرعية والإمامة الشرعية أدرك أنه في غاية الإسفاف والابتذال أن تنسب الخلافة الشرعية الشريفة إلى تنظيم الدولة وممارساته في إمامة التغلب دون شورى الأمة، وفي التمييز في تحكيم الشريعة وإدخال الأصول المحدثة التوحيد والشريعة، وفي إسامة المسلمين سوء العذاب".
ورغم حديث السكران السابق، فإنه رفض تسمية تنظيم الدولة بـ"الخوارج"، قائلا إن "الخوارج، والمارقين مبدئيون، يطبقون اعتقاداتهم على الرئيس والمرؤوس، ويستتيبون زعماءهم مرارا، لكن تنظيم الدولة يراوغ في تطبيق مبادئه بحسب الرياسة والنفوذ".
وأوضح السكران أنه لم ينف تهمة "الخوارج" عن تنظيم الدولة مدحا لهم، أو تقليلا من أفعالهم، مضيفا أن "بعض غلاة زماننا أغلظ غلوا من الحرورية الأولين، فالخوارج يكفرون بالكبائر، وأما بعض غلاة زماننا فهم يكفرون بما هو دون الكبائر فيكفرون بأمور مشروعة أصلا"، في إشارة إلى تنظيم الدولة.
وأضاف: "الحرورية الأولون فيهم عبادة بالقرآن والصلاة، وبعض غلاة زماننا من أكثر الناس تفريطا في العبادة، وزاد كثير منهم قضاء يومه بأناشيد حماسية ومعرفات شبكية يزعم فيها نصرة أصحابه بالسباب والشتائم للمناوئ، بالإضافة إلى أن الحرورية أصدق لسانا من بعض غلاة زماننا الذين يستحلون الكذب لنصرة الحزب القتالي، فيكذبون في مناقب حزبهم ويكذبون في مثالب مناوئهم"، في إشارة إلى أبي محمد العدناني.
وقال السكران إن تنظيم الدولة ينفي عن نفسه تهمة "الخوارج" بأنه لا يكفر بالكبيرة، بينما يقوم بتكفير الناس على أمور ليست من الذنوب، ولا المحرمات بالأصل.
وختم حديثه في هذا السياق، بشكل ساخر، قائلا: "بل من تأمل صفات الخوارج وبعض صفات المنتسبين لتنظيم الدولة علم أنه بحاجة إلى الاعتذار للخوارج من الإساءة لهم بنسبة هؤلاء إليهم".
ووصف إبراهيم السكران تنظيم الدولة، قائلا: "الأرجح في نظري أن هذه الطائفة ليست دولة خلافة، ولا دولة خوارج، بل هي دولة (ملك وسلطان)، توظف الغلو بحسب أغراض الرياسة، وتستعمل خصال الملك الجبري، وتحكّم بعض الشريعة تحكيم الملوك وسلاطين الجبر".
وتابع: "ومن المظاهر الدالّة على هذا التوصيف، أنه قد تواطأ النقل على أنهم يعاملون الطبقة الأولى من زعماء التنظيم معاملة تمييزية خاصة، ولا يعرضون على قضاء ولا غيره كما يعرض عامة الناس، ولا يسمح لأحد أن ينبس فيهم ببنت شفة، وهذا تحكيم الملوك الظلمة وسلاطين الجبر للشريعة".
وبين قائلا: "ويعلم أفراد التنظيم أنفسهم أن الشريعة التي تطبق على رجال البلاط يأخذون فيها بأوسع الأقوال الفقهية، وأما الشريعة التي تطبق على المناوئ فيأخذون فيها بأقسى الأقوال الفقهية، وقد تواطأ النقل على المعاملة التمييزية بين المُبايِع وغير المُبايِع، فالجندي المبايع للتنظيم يتوسع في الأقوال الفقهية له ما لا يتوسع في الأقوال الفقهية لغير المبايع".
وروى الباحث إبراهيم السكران، حوارا دار بينه وبين مؤيد لتنظيم الدولة، قائلا: "فقال لي: هل تعلم أننا نعاقب بعض أفرادنا لوقوعهم في الغلو؟ فلما تحققت الأمر وجدتهم عاقبوا من وصل بهم الغلو إلى المزايدة على التنظيم نفسه حتى تطرقوا لتكفير بعض قادته، كما وقع في فتنة الحازمية بينهم".
وشبّه السكران تنظيم الدولة بالدول البعثية، قائلا: "يرجعون المسائل الشرعية إلى القيادات العسكرية، أو من قد يقدم التسويغات الفقهية لقرار القيادات العسكرية، بدلا من إرجاعها إلى أهل القرآن"، وتابع: "وهذا من جنس أفعال الملوك والسلاطين الذين يحتف بهم من يستعد لتغليف قراراتهم بشيء من الأقوال الفقهية".
ومن أخطر الأمور التي رآها السكران لدى مناصري تنظيم الدولة، "الإفراط المذهل في التقليد في التكفير، وتقليد غير العلماء في تكفير الأعيان والحكم بردتهم، وتقليد غير العلماء في تكفير الأعيان في مضايق المكفرات، وتراه يسمع من أقرانه أو قيادة عسكرية له تكفير معينين فيذهب من ساعته مجادلا في تكفيرهم!".
ومن القواعد المحدثة والمبتدعة في أصول الفقه، وفقا للسكران: "لا يفتي قاعد لمجاهد"، قائلا إن هذه "
القاعدة أضرت بالجماعات القتالية بحرمانها من الشخصيات المنكبة على العلم، وجعلت القادة العسكريين مرجعيات إفتائية".