في الذكرى الثانية لمظاهرات 30 حزيران/ يونيو، التي مهدت للانقلاب العسكري على الرئيس محمد
مرسي، يرى سياسيون ونشطاء أن الغموض واليأس يكتنف وضع
مصر السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.
وبينما يؤكد معارضو الانقلاب أن مصر تسير في الاتجاه الخاطئ، يرى المؤيدون أن النظام أيضا لم يلتزم بتنفيذ بنود خارطة الطريق التي كانت بمثابة عقد اجتماعي بين السلطة والشعب.
30 يونيو عكس خط السير
يقول مؤسس حزب غد الثورة والمرشح الرئاسي السابق، أيمن نور، إن "علينا أن نسأل أنفسنا ومن خرج في
30 يونيو الذين طالبوا بمزيد من الأمن والاستقرار والحقوق والحريات وتحسن الوضع الاقتصادي، ماذا تحقق لمصر؟ الإجابة ببساطة: لا شيء"، حسب تقديره.
وأضاف نور لـ"عربي21": "30 يونيو كانت شيئا عكس خط السير، وأعادت البلاد سنوات إلى الخلف في كل ما سبق، كما أن النظام لم يلتزم بما رسمه لنفسه من خريطة الطريق، وأهملها"، مؤكدا أن "مصر تعيش الآن أسوأ مرحلة في تاريخها على جميع الأصعدة دون استثناء".
وتابع: "يجب أن نقف أمام أنفسنا ونقيم ما حدث، ونسأل ماذا بعد؟"، مطالبا جموع المصريين -الذين شاركوا في ثورة يناير وممن شاركوا في 30 يونيو لتحقيق المزيد من الديمقراطية والحرية- أن يخرجوا ويدافعوا عن مطالبهم التي خرجوا من قبل للمطالبة بها؛ لأنها لم تتحق بعد".
المسار الثوري السلمي مستمر
من جهته، حذر أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، محمد سودان، من استمرار الأوضاع في مصر على ما هي عليها الآن، "فهي تنبئ بحدوث كارثة، قد تهوي بكل مقدرات ومقومات البلاد إذا لم يتم تداركها".
وقال لـ"عربي21": "من خرج في 30 يونيو خدعوا، فلم يتحقق للمصريين الأمن والأمان المزعوم، ولم يتحقق لهم رفاهية الاقتصاد الموعود، بل تردت الأحوال المعيشية لهم، وزادت معدلات البطالة، وارتفعت الأسعار، ولم يعد مسموحا بالحديث عن الحريات والحقوق، والمطالبة بالشفافية".
وأكد سودان في المقابل "عزم الثوار على الأرض في الداخل والخارج مواصلة نضالهم السلمي ضد الانقلاب العسكري، حتى استعادة حقوق الشعب المصري التي سلبها منهم العسكر ومن تحالف معه، لأن المسار الديمقراطي هو الخيار الذي اختاره الشعب عندما قام بثورة يناير"، حسب قوله.
بعد عامين الأسوأ قادم
وفي السياق ذاته، يرفض مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة القانون الدولي والمعاهدات الدولية الأسبق، السفير إبراهيم يسري، اعتبار 30 يونيو مظاهرات بالأصل، ويضيف لـ"عربي21": "هي مجرد فوتوشوب تم الترويج له داخليا وخارجيا لصنع الانقلاب العسكري"، حسب تعبيره.
واستنكر يسري حالة الحرب التي تعلنها السلطة بإعلامها ورجالها، وتعبئ لها، متسائلا: "هي حالة حرب مع من؟ وضد من؟ حتى في القانون الدولي لم يعد هذا المصطلح موجود، وماذا تتوقع أن يتحقق للمصريين على المستوى الاقتصادي أو السياسي وهي في حالة حرب كما يقولون".
ورأى يسري في مقولة عبد الفتاح
السيسي أن "يد العدالة مغلولة بسبب القوانين" هي "بمثابة إشارة لبدء تنفيذ سلسلة إعدامات بحق معارضي الانقلاب في المعتقلات". وتابع متسائلا: "فكيف يد العدالة مغلولة في الوقت الذي يصدر فيه القاضي أحكاما بالإعدام على مئات الأشخاص في جلسة واحدة دون حتى الاستماع لمرافعات المحامين عن المتهمين".
النظام لا يسعى للمصالحة والحوار
بدوره، قال عضو الهيئة العليا للتيار المصري، محمد القصاص، إن "المشهد في مصر الآن أكثر تعقيدا، وأشد قتامة".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "نحن أمام سلطة غاشمة، مستبدة وظالمة، ضيقت على الناس في كل شيء، ودفعت ببعض الأطراف في القوى السياسية إلى اللجوء إلى العنف والثأر"، حسب قوله.
وتابع القصاص: "مصر تمر بمأزق حقيقي، ولا يلوح في الأفق أي رغبة في عمل مصالحة وطنية تنهي حالة الاقتسام والاحتراب الموجود".
وحمل القصاص السلطة مسؤولية عدم تدارك الأمر، "فهي صاحبة القرار الأول والأخير في إجراء أي مصالحة؛ لأن بيده السلطة وجميع مقومات البدء في المصالحة لو رغبت في ذلك".
صراع الثورة المضادة
في المقابل، يقول عضو التكتل الثوري، محمد عطية، المشارك في احتجاجات 30 يونيو، إن "هناك صراعا قويا بين قوى الإرهاب والثورة المضادة، وهما وجهان لعملة واحدة، ولا ندري متى ينتهي، ومشهد عودة رموز مبارك لا يبشر بخير".
وقال لـ"عربي21: "كنا نأمل أن نشعر بنتائج ثورة 30 يونيو بعد عامين على انطلاقها، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي. ولكن للأسف نشهد تراجعا حادا غير الذي كنا نأمله، ونحن أمام طريقين: إما العودة لطريق الإخوان أو مبارك، ما لم يتم التحرك بعكس هذين الاتجاهين"، حسب تقديره.