بينت وثائق أن الحكومات العربية تنفق ملايين الدولارات سنويا من أجل
التجسس على
هواتف مواطنيها وأجهزة الكمبيوتر الشخصية لهم، في الوقت الذي يغرق فيه هؤلاء المواطنين في الفقر يوما بعد آخر بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية والتي زاد تدهورها بالتزامن مع تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في أكثر من منطقة بالعالم العربي.
وأظهرت وثائق سرية مسربة تمكنت "
عربي21" من الحصول عليها أن أجهزة الأمن العربية تبرم عقودا سنوية بملايين الدولارات مع شركة إيطالية متخصصة بالقرصنة وأنظمة الاختراق من أجل التجسس على المواطنين ومتابعتهم، فيما كان اللافت في الوثائق أن الدول العربية الفقيرة هي الأكثر إنفاقا على برامج وتكنولوجيات التجسس، وفي مقدمتها
مصر والمغرب والسودان.
والوثائق المسربة التي حصلت عليها "
عربي21" تم تسريبها بعد أن تمكن قراصنة مجهولون من اختراق شبكة الحاسوب التابعة لشركة (Hacking Team) الإيطالية، ليتمكنوا من تحميل أكثر من 400 جيجا بايت من الوثائق، والتي تضم تقارير عن أعمال القرصنة وفواتير وعقود، والعديد من الوثائق التي تكشف جانبا مهما يتعلق بالأمن والقرصنة والتجسس وعمل أجهزة الاستخبارات العربية، والعديد من أجهزة الأمن الأجنبية أيضا.
ويظهر من إحدى الوثائق أن قائمة الدول المتعاقدة مع شركة (Hacking Team) تضم كلا من: مصر، السعودية، البحرين، السودان، الإمارات، إضافة إلى جهات داخل الولايات المتحدة وروسيا، وعدد من الدول المعروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان.
وبحسب الوثيقة فإن مصر اشترت برمجيات وفيروسات ومنتجات تستخدم في مجال التجسس من الشركة المشار إليها بقيمة 750 ألف يورو (850 ألف دولار)، أي ما يعادل 6.5 مليون جنيه مصري.
وتكشف الوثيقة أيضا أن وزارة الدفاع المصرية تقوم بإبرام العقود وشراء المنتجات اللازمة للقيام بأعمال التجسس على هواتف المواطنين وحسابات الإنترنت عبر شركة تسمى (GNSE Group)، وهي شركة متخصصة بأعمال التكنولوجيا والإنترنت وتعمل لحساب الجيش المصري.
وتشير الوثيقة إلى أن وزارة الدفاع المصرية من بين المتعاقدين مع شركة القرصنة الإيطالية للقيام بأعمال تجسس على هواتف المواطنين المصريين وأجهزة حاسوبهم، وهو ما يعني أن قيمة العقود والصفقات بين النظام في مصر وبين الشركة الإيطالية يفوق بكثير مبلغ الـ750 ألف يورو، فضلا عن أن الحكومة المصرية قد تكون متعاقدة مع أكثر من شركة لتأمين أعمال التنصت والتجسس على الهواتف والإنترنت، حيث أن الوثائق تعود لشركة واحدة فقط.
ومن بين الوثائق التي تم تسريبها فاتورة بقيمة 130 ألف يورو قامت الحكومة المصرية بتسديدها مقابل حصولها على نظام (RCS)، وهو النظام الذي يوفر لصاحبه (جهاز الأمن) القدرة على الدخول إلى أي جهاز هاتف محمول والتجسس على محتوياته، كما أنه نظام أثبت فعالية عالية جدا في اختراق نظام "أندرويد" الأوسع انتشارا في العالم، والمستخدم لتشغيل هواتف "سامسونج" الذكية.
وتأتي هذه المعلومات عن قيام وزارة الدفاع في مصر بالتجسس على المواطنين واختراق هواتفهم وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم في الوقت الذي يواجه فيه النظام العسكري بمصر انتقادات واسعة بسبب انتهاكه لحقوق الإنسان، بما في ذلك إصدار أحكام إعدام بالجملة واعتقال أكثر من 41 ألف مواطن مصري لأسباب سياسية ودون محاكمة.
وتأتي هذه المعلومات لتتزامن مع الضجة المثارة في مصر بشأن "قانون مكافحة الإرهاب" الذي أجمعت مؤسسات المجتمع المدني ونقابة الصحفيين على أنه مقيد للحريات ويمثل انتهاكا للدستور إضافة إلى أنه ينتهك الحقوق الأساسية للناس بما فيها حق التعبير عن الرأي عبر وسائل الإعلام، ومن خلال شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.