تتداول الكثير من المصريات
المحجبات على مواقع التواصل الاجتماعي بغضب، وقائع تمييز واضطهاد تعرضن لها أثناء قضاء إجازتهن الخاصة في بعض الأماكن السياحية والترفيهية بسبب ارتدائهن للحجاب.
وتنوعت مظاهر التمييز ضد المحجبات بين المنع من دخول مطاعم ومقاهي بحجة أن روادها يتناولون مشروبات كحولية، وبين المنع من نزول حمامات السباحة في الفنادق والمنتجعات السياحية بسبب ارتداء "المايوه الشرعي" الذي يغطي جميع الجسد، بحجة أن هذه الملابس تفسد المظهر الجمالي للمكان، وكان آخر هذه الظواهر هو حظر بيع الفيلات و"الشاليهات" في القرى السياحية لأي أسرة ترتدي إحدى أفرادها الحجاب، بحجة أن الملاك هم من صفوة المجتمع ولا يقبلون وجود محجبات بينهم.
#مش_من_حقك_تمنعني
ودشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج حول هذه الوقائع تحت عنوان #مش_من_حقك_تمنعني، للتعريف بالأماكن التي تمنع المحجبات من الدخول في البحر الأحمر والساحل الشمالي والقاهرة والإسكندرية وغيرها، وتداول أفكار لمقاومة هذه الظاهرة، نجح في تصدر ترتيب الهاشتاجات في مصر.
وروت سيدات كثيرات مواقف محرجة تعرضن لها بعد منعهن من دخول تلك الأماكن، وتساءلن كيف تمنع سيدة من دخول أي مكان في بلدها العربية الإسلامية، بينما تنعم بحقوقها في البلدان الغربية؟ وهو ما جلب لهن تعاطفا كبيرا.
كما دشن نشطاء صفحة على فيس بوك بعنوان "Hijab Racism" لمقاومة التمييز ضد المحجبات، جذبت آلاف المشاركين والمتضامنين، كثير منهم سيدات غير محجبات قلن إن هذه التصرفات تعد انتهاك للحريات ومخالفة للدستور.
وتنص كافة القوانين والدساتير المصرية منذ عقود طويلة على تجريم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو المستوى الاجتماعي أو المادي.
ظاهرة اجتماعية وسياسية
وتنتشر تلك الظاهرة بصورة أكثر وضوحا في منتجعات
الساحل الشمالي - وهو واقع بين الإسكندرية ومرسي مطروح - ويقصده أثرياء مصر من رجال الأعمال والفنانين وكبار ضباط الجيش والشرطة والقضاة وغالبيتهم الساحقة من مؤيدي الانقلاب العسكري.
ويقول مراقبون إن منع المحجبات بدأت كظاهرة اجتماعية حيث ينظر المنتمون للطبقة الراقية في مصر للمحجبات والمتدينين على أنهم طبقة متدنية، لذا، فهم يرفضون أن يشاركوهم الأماكن ذاتها.
وبعد انقلاب يوليو 2013، اتخذت تلك الظاهرة بعدا سياسيا، بعد حملة التشويه المكثفة التي شنتها وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب على الإسلاميين في مصر، ونفرت قطاعات كبيرة منهم باعتبارهم إرهابيين، وجعلت من حجاب السيدات ولحية الرجال أحد مظاهر الانتماء السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، حتى أن شوارع مصر شهدت المئات من حالات الاعتداء العنيف على المتدينين فقط بسبب مظهرهم الخارجي.
وكانت حالات مشابهة قد انتشرت قبل ثورة يناير ـ وتصدى لها نواب الإخوان في مجلس الشعب، حيث قدم النائب فريد إسماعيل - الذي لقي مصرعه في المعتقل منذ شهرين - والنائب محسن راضي، استجوابات لوزير
السياحة في أيلول/سبتمبر 2009 بعد منع المحجبات من دخول بعض الشواطئ.
وقال الناشط خالد السرتي: "إن هذه الظاهرة لم تحدث بهذا الشكل الفج إلا في عهد عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب، ويكشف التوجه الجديد للنظام الحاكم وما يتسم به من تجرؤ غير مسبوق على الإسلام".
السياحة تنفي
وأكدت الإعلامية دعاء فاروق، مقدمة البرامج الدينية على قناة "الحياة"، إنها تلقت رسائل عديدة من سيدات تم منعهن من دخول عدد من الشواطئ في القرى السياحية على الساحل الشمالي لأنهن يرتدين "المايوه الشرعي" وليس "البكيني"، تنفيذا لتعليمات وزارة السياحة.
وحذرت فاروق من أن هذه التصرفات تستفز 90% من نساء مصر، وطالبت بإلغاء هذه التعليمات إن كانت موجودة بالفعل أو توقيع عقوبات على تلك الأماكن بسبب عنصريتها.
وبعد تزايد الشكاوى من هذه الوقائع، نفت وزارة السياحة وجود قرارات حكومية بالتضييق على حريات السيدات المحجبات في الأماكن السياحية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة السياحة رشا العزيزي، في تصريحات تلفزيونية، إن ما يتم تداوله في الفترة الأخيرة من منع فنادق وقرى سياحية للمحجبات من دخول المطاعم والشواطئ سوف يتم التحقق من حقيقته، وطالبت أي سيدة تتعرض لمثل تلك المواقف بأن تتقدم بشكوى للوزارة عن المكان الذي منعها من الدخول ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة معه.