هذا مبدأ لا مجرد سياسة لكسب أرض أو أشخاص أو مواقف. ليس لأحد أن يتألى على أحد ألا يصحح مساره ويعود بل يقود في المسار الصحيح، ليس لأحد أن ينصب من نفسه حارسا أو بوابا على باب التوبة والأوبة والمراجعة والتصحيح، وليس لأحد أن يدعي أنه لم يخطئ أو أن خطأه لم يكن جوهريا أو مصيريا.. هذه الروح كفيلة بحسم المعركة قبل انتهائها لصالح هزيمتنا.. الباب مفتوح وليس عليه بواب لا منا ولا من غيرنا.. وهؤلاء الذي يدعون القدرة على غلقه أو فتحه كاذبون. المجال مفتوح لكل من يرى أنه أخطأ أن يصحح، ولكل من أفسد أن يصلح، أما تعاملنا أو تعاوننا مع هذا أو ذاك فلا يكون إلا عن بينة وبيان واستبيان لا عن غفلة وتغافل واستغفال.
لقد وقفنا من قبل ضد هواجس فوبيا الإخوان، ثم ضد ما نتج هنا من وساوس فهلاوس، وكان ذلك عن مبدأ أنه ليس من حق أحد أن يشيطن المخالف لمجرد الاختلاف. الشيطان هو الطغيان، هو ما يقوم به الطاغية وطواغيته المساعدون، الشيطان هو الذي يعدنا الفقر، ويأمرنا بالفحشاء والمنكر، وينهانا عن الصلاح والمعروف، يأمرنا بأن يقتل بعضنا بعضا، ويستبيح بعضنا دماء وأعراض وأموال وبيوت وأبناء وبنات الآخرين، وسمعتهم وتاريخهم.. يأمرنا بالظلم في القضاء والكذب في الأخبار والبذاءة في الخلاف.. ولم يكن الإخوان ولا الرئيس المنتخب كذلك..
الشياطين من حرضوا على القتل واستمروا يحرضون ويشعلون نار الحرب ويروجون الأكاذيب ويحكمون بالإعدام على البرآء ويستحلون الدم الحرام ويصادرون الحرية التي هي أثمن ما في الإنسان.. أما من وقف موقفا خُدع فيه أو لم يُخدع لكنه أخطأ ولم يحرض على قتل ولم يهلل للجثث والأشلاء..
إن من الغباء أن تفرح أو تستسلم لكثرة الهالكين والمتبعين للشياطين والواقفين في زمرة الطاغين، وألا تفرح لتراجع أعدادهم ومراجعتهم لمواقفهم وتصحيحهم لمساراتهم.
مرحبا بكل شجاع اعترف بخطئه واعتذر عنه ولو على استحياء.
مرحبا بكل من بين موقفه الغامض أو تكلم بعد سكوت أو تحرك بعد كمون وسكون.
مرحبا بكل من سكت عما سبق منه من خذلان ومخاز، ليتحول إلى قولة الحق والنطق بالصدق ومؤازرة الطريق السليم.
مرحبا بكل من رأى أنه لم يخطئ ولكن رأى أن ضميره لا يقر ما يجري اليوم من كوارث تعصف بالوطن وأهله وتعرض حاضره ومستقبله للضياع.
مرحبا بكل من راجع نفسه وأعمل فكره ويبحث للوطن عن طريق السلامة ولو لم يكن مع أحد منا، ولو مضى يفعل ذلك وحده.
لكن الاجتماع خير، والاتحاد قوة، والاصطفاف طاقة حقيقية تنبئ بالرغبة الصادقة في كسر الاستبداد الذي جدده انقلاب الدم والتوحش.
إن كثيرين من أبناء ثورة يناير أعمتهم الصراعات والاستقطابات، وتولى بعضهم كبره حتى عمي عن الحقائق وتمسك بالشماعات الواهية والفزاعات المصطنعة وردد كلام المبطلين.. وكان على استعداد لتكملة مشوار الظلم ونصرة هذا الظالم ومنظومته البشعة.. لولا أن الظالم أبى إلا أن يعصف بهم هم أيضا، ومستهم نيران طغيانه وتجبره، ومنهم من استيقظ ضميره على صرخات وجدانه من لفحات الظلم الشنيع، وفيضان الدم الذي يتزايد ويجري كل يوم ويهدد الجميع.. منهم من انتبه على هذا العرض المسرحي الهزلي الذي يقدمه شخص واحد لا يجيد لا القول ولا العمل ولا التمثيل أنه يقول شيئا أو يعمل شيئا..
أعلم أن كثيرين من –إن لم يكونوا الأكثرين- في حلوقهم غصص من أكثر النخبة التي ناكفت باسم المعارضة، وتخلت عن المبادئ لصالح المصالح الضيقة، وتشبعت من روح الكراهية والحقد على الخيار الشعبي، ولم تعبأ بضياع الثورة أمام مطالب سياسية سموها ثورية ساعتها، وضيعوا الكثير لكسب القليل واغتروا بعدوهم للتخلص من منافسهم.. وأعلم أن نفوسا كثيرة بيننا لا تطيق أن تلتقي بهؤلاء مرة أخرى خاصة أن مواقف معينة كانت مؤلمة ومفجعة.. لكن هذه الجوانب الوجدانية المحترمة لا يمكن أن تكون حكما على مصائرنا، وليس لنا أن نكرر أخطاء هؤلاء حين أعماهم الشعور بالكراهية والغبن عن حقائق الأمور والمخاطر التي كانت تهدد الجميع.. فلنحترم المشاعر، ولنراع الحقائق معا.
إن أمامنا طريقا قد يطول ونحن عليه صابرون مثابرون، ولن يعجل بنجاحه مثل اتحاد الخط الثوري واصطفافه.. وهذه فرصة قد لا تتكرر أو يصعب استدراكها.. فلا يضيعنها الغباء، ولا يبددن طاقتنا تعنت .. وعلى كل مصحح أن يكون جادا، وإلا فهي ربما تكون فرصته التي لا تعوض.
ما أحب الهدى بعد العمى، وما أجمل الأوبة بعد الكبوة، والقيام بعد السقطة.. أتلقى بشيء من الارتياح الإعلانات المتوالية عن تصحيح المواقف وتصليح المفاسد وتصويب الأخطاء.. لأن هذا هو الطريق إلى استرداد الثورة لعافيتها، والأمل في محاصرة هذا الشر المستطير الذي يعصف بمصرنا.. إن خطة استنقاذ الوطن من براثن الاحتراب الأهلي والذهاب مع الريح هو في إفقاد هذا الانقلاب الدموي مياهه التي يسبح فيها، وهواءه الذي يتنفسه، وأرضه التي يقف عليها: الناس. وإن من يراجعون مواقفهم من أصحاب الرأي أو مسموعي الكلمة أو مقبولي الوجه ممن لهم جماهيرهم ومتابعيهم لهي ضربات قاصمة في عموده الفقري، وهو إن لم يتوجع منها تكبرا وتجبرا، فعما قليل يجد أثرها تهاويا منه وتصدعا.
مرحبا بكل من يعيد النظر فيما جرى من منظور الوطن ومصالحه العليا الحيوية، وأمنه القومي الذي يعبث به عصابة من الأشرار وطغمة من المرتبطين بحبل سُري وأحبال سِرية بمصالح الغرب والصهيونية، من يعيد النظر في المشهد من منظور الثورة ومبادئها وأهدافها ومسارها الديمقراطي الذي يجب استعادته، من يعيد النظر في الحاضر من منظور المستقبل الواقف على حافة الهاوية..
مرحبا بكل من يخرج من عباءة الظلم ونصرة الطغيان، إلى رحاب العدل والحق والحرية ونصرة المظلومين والدفاع عن الشهداء الذين تصدروا للموت من أجل أن نحيا أعزة والمأسورين بغير حق إلا أنهم كانوا خطرا على منظومة الفساد والاستبداد والتبعية، مهما أخطأوا، وقد أخطأوا، كما أخطأنا كلنا.
مرحبا بكل من يشارك في تجديد الثورة، والتمسك بما تبقى لنا من روحها وجسدها، ومن يمثل مفتاحا للخير مغلاقا للشر.. وأول طريق التصحيح الثوري هو ثورة تصحيح يشارك فيها الجميع عملا لا بمجرد الكلام..
وكل ذلك رهين بالحقيقة والتحقق، وإلا فبناء الثقة يحتاج إلى مجهود ممن بددوها وأهدروها، من جميع الأطراف، وإن للانتقال سننا فعلينا مراعاتها، وأن نعد لمرحلة انتقالية نحاصر فيها الاستبداد وكل المنظومة المنقلبة، ونشق فيها طريقا إلى "ثورة مستمرة حتى النصر".
هذا رجل لا يبغى إلا وجه الله ومصلحة الوطن فعلى كل من يخالفه الرأى أو يتفق معه فليترك ذلك جانبا ويدعوا إلى الاصطفاف الآن ضد الطغاة وبعد النصر عليهم يجب ان تقفوا لتعيدوا ترتيب الأوراق ولن تختلفوا ثانية على كيفية إدارة أمور هذا الوطن بما فيه صالح الجميع فأعتقد أن الجميع قد وعى الدرس جيدا ووقاكم اللله شر نفوسكم .
صعبه الحياه
الخميس، 30-07-201502:44 ص
كلام أغلىمن الذهب ومحتاج ناس عندها ضمير لفهمه
نورالدين من المغرب
الخميس، 30-07-201512:04 ص
الحمد لله هناك شرفاء يجدودوا فينا الامل
محمد مروان
الأربعاء، 29-07-201509:03 م
احسنت دكتورنا العظيم فانت صوت الحق فى زمن الظلم ارجو لك التوفيق فى انارة عقول المغيبين
عمر حامد
الأربعاء، 29-07-201508:32 م
فكرة المقال تنبي بعودة العقل المصري النير إلى جادة صوابه فعلى أشقاء نا المصريين الجادين علي إخراج مصر من المأزق التى أوقات فيها السيسي وزمرته التوحد ضد هذا الطغيان التي لم تعرفه من قبل وتجاوز كل سلبيات ثورة يناير ا