منذ أن أحكم
تنظيم الدولة سيطرته على مساحات واسعة من المحافظات السنية في
العراق، وإعلانه "دولة الخلافة" منتصف العام الماضي، وهو يحاول بناء دولة مؤسساتية تقوم على مؤسسات متخصصة وفي شتى المجالات من خلال هيكلة إدارية تشبه الوزارات، وهي التي يطلق عليها اسم "الدوواين".
"ديوان الجند في دولة الخلافة"، يعد الأكثر أهمية بين بقية الدواوين التي أنشأها التنظيم منذ سيطرته على كامل مدينة الفلوجة قبل أكثر من عام ونصف.
وديوان الجند مؤسسة تُعنى بشؤون المقاتلين، والكتائب القتالية التابعة للتنظيم، من حيث العدد والتسليح وتوزيعهم على مواقع العمل، وصرف مستحقاتهم، هم وعائلاتهم وعائلات القتلى، والأسرى منهم. ويرتبط الديوان بما يُعرف بوزارة الحرب. وفي كل مدينة، أو "ولاية" كما يسميها التنظيم، يوجد مكتب تابع للديوان ينظم أمور الجيش، وقوات التنظيم فيها.
وفي حديث خاص لـ"
عربي21"، قال مصدر مقرب من تنظيم الدولة، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "ديوان الجند هو المؤسسة المسؤولة عن كل ما يتعلق بالجندي في الدولة الإسلامية، ابتداء من مكاتب التطوع والانتساب، وحتى الدخول في المعارك. ويتضمن أقساما، منها الإمداد والتموين، وشؤون الأسرى، وشؤون الشهداء، والرواتب وغيرها".
وأضاف المصدر المطلع: "مؤخرا أصدر ديوان الجند، بطاقات تعريفية (هويات) لكل منتسبي دولة الخلافة لضرورتها الأمنية والإدارية. وقد بدأ العمل بهذا المشروع منذ شهور، ولكن لم يتم اعتماده إلا حديثا نظرا لمتطلبات العمل، ومقتضيات الحاجة"، بحسب قوله.
وعن أبرز استخدامات بطاقات التعريف، قال المصدر المقرب من التنظيم: "بطاقة الهوية، هي وثيقة تعريف بالجندي، أو القائد، أو الأمير، أثناء تأدية واجبه، أو استلام مستحقاته، وهي وثيقة إثبات انتمائه لجيش الدولة الإسلامية، فله حقوق ولأهله أيضا حقوق، وأيضا لإبرازها في إتمام المعاملات الرسمية، وأثناء تأدية واجبه، كوقوفه في حاجز تنظيم السير، أو مدخل مدينة، أو ربما القيام بدورية وتطلب الأمر التوجه للقيام باعتقال، أو فض نزاع".
وتابع: "يجب على الجندي المنتمي لجيش الخلافة، أو الشرطي المنتسب للشرطة الإسلامية، إبراز هويته ليعلم السكان أن الأمر منضبط، والعمل مؤسساتي، وليس فوضويا، وموضوع حفظ الأمن من أهم واكبر المواضيع التي اهتمت بها الدولة الإسلامية"، حسب تعبيره.
وعن طبيعة هذه الهوية وما تتضمنه من معلومات، قال المصدر: "يتم تسجيل الاسم والعمر والولاية والكتيبة، أو الجيش". وأضاف: "هنا أتكلم عن جيوش الولايات، فمثلا جيش الخلافة غير مرتبط بأي ولاية، فقيادته مرتبطة بوزارة الحرب بصورة مباشرة، وهوياتهم لا تصدر من أي ولاية".
وقال المصدر لـ"عربي21": "يتم تسجيل نوع السلاح الذي تم تسليمه للجندي، أو المنتسب، وجهة العمل المنتمي لها".
وأوضح المصدر أن "العديد من قطاع الطرق والمفسدين يقومون بنصب الحواجز وابتزاز الناس باسم الدولة الإسلامية، أو تنفيذ جرائم خطف بحجة مداهمة من الدولة الإسلامية، الأمر الذي عالجته الدولة منذ دخولها حيث أصدرت تعليمات صارمة بأن أي عملية مداهمة أو اعتقال لا تتم إلا بمذكرة من القاضي الشرعي، وإبراز هويات القوة المداهمة المستفسرة سواء في البيت أو الشارع، أو أي مكان لقطع الطريق على من يريد العبث بأمن وأمان الناس"، وفق تعبيره.
وعن النظام في "الجيش" التابع للتنظيم، هل هو إجباري أم تطوعي، يقول المصدر المطلع: "لا يوجد شيء اسمه التجنيد الإجباري مطلقا، فالمقاتل إن لم يقاتل دفاعا عن دينه وعرضه طواعية، وطلبا للشهادة، سيكون ثغرة في الجيش".
وتابع: "الشائعات التي تحدثت عن إجبار الناس كلها كاذبة، حيث مكاتب الانتساب في كل مدينة تغلق أبوابها لمدة شهر أحيانا من شدة الضغط، والاكتفاء بعد فترة قليلة من فتح باب الانتساب".
ويوضح المصدر قائلا: "الجندي المجبر على القتال لن يثبت، خصوصا وأن الدولة تقاتل على ما يقارب عشر جبهات، وتدافع عن مناطق أهل السنة فالنظام تطوعي وهو جهاد في سبيل الله"، حسب قوله لـ"عربي21".
يُذكر أن تنظيم الدولة أنشأ "جيوشا" تابعة لكل "ولاية" من ولاياته، فلكل مدينة يسيطر عليها يشكل جيش يسمى جيش الولاية، وهو المسؤول عن العمل العسكري ضمن الحدود الإدارية للولاية، ويقوم بمؤازرة الولايات الأقرب فالأقرب حين الضرورة وطلب المساندة. أما الجيوش المستقلة ذات التدريب العالي فهي، جيش الخلافة وجيش العسرة وجيش دابق، وهي تمتلك معسكرات خاصة، ومقاتلين يحملون صفات جسمانية وصحية معينة للانضمام إليها، كما أن لكل جيش إدارة تتولى شؤونه الإدارية والصحية، وله قيادة عسكرية مستقلة.