انخفضت بشدة أعداد
المصريين الذين يشتكون من انقطاعات للكهرباء على غرار تلك التي أثارت احتجاجات في السابق، لكن سياسات الحكومة للطاقة التي تركز بشكل واضح على استرضاء المواطنين، توجه ضربة إلى صناعات حيوية للنمو الاقتصادي.
وتقول شركات إن إنتاجها سيستمر في المعاناة ما لم تبدأ الحكومة في تحويل بعض كميات الغاز المستخدم في تشغيل محطات توليد الكهرباء إلى
المصانع.
وتقدّر "كابيتال إيكونومكس" للبحوث أن إنتاج الصناعات التحويلية انكمش بنحو 30 في المئة على أساس سنوي في حزيران/ يونيو، بسبب القيود على النقد الأجنبي، ونقص الغاز.
وقالت في مذكرة: "تعاني المصانع من انقطاعات الطاقة والنشاط (الاقتصادي) تضرر".
وأضافت أن الاقتصاد المصري يشهد تباطؤا حادا في 2015، مع تراجع النمو من 4.3 في المئة في نهاية العام الماضي إلى حوالي 2 بالمئة على أساس سنوي في الأشهر القليلة الماضية.
وقرار الحكومة الحفاظ على تدفق الكهرباء للمنازل وخصوصا في أثناء فصل الصيف، الذي تعمل فيه أجهزة تبريد الهواء بكامل طاقتها ليس مفاجأة.
فالطاقة مسألة ذات حساسية سياسية في مصر. فعلى الرغم من أن إجراءات التضييق على المعارضة تبقي الشوارع هادئة، إلا أن التاريخ يشير إلى أن انقطاعات الكهرباء يجب التعامل معها بحرص.
وكانت انقطاعات متكررة للكهرباء ذريعة لدى معارضي الرئيس محمد مرسي، وتحجج بها مؤيدو الانقلاب قبل حدوثه في تموز/ يوليو 2013.
وقالت متحدثة باسم وزارة الكهرباء: "لم تحدث انقطاعات في الكهرباء هذا الصيف. أي انقطاع حدث هذا الصيف كان بسبب أعطال فنية وتم إصلاحها على الفور".
وعلى النقيض، شهدت مصر الصيف الماضي انقطاعات على نطاق واسع.
ويقول محللون إن سياسة الحكومة قصيرة النظر.
وقال الخبير الاقتصادي لدى "أتلانتيك كونسيل" للبحوث، محسن خان: "إنها سياسة معقولة من المنظور السياسي. لكن نقص الطاقة إلى المصانع أدى إلى مشكلات اقتصادية خطيرة.. فعدم ضخ الغاز إلى المصانع يؤدي إلى خفض معدل النمو المحتمل للاقتصاد، ليس اليوم فقط بل غدا أيضا".
وأعلنت "حديد عز" أكبر شركة منتجة للصلب في مصر الأسبوع الماضي أن خسائرها الصافية على أساس سنوي زادت بمقدار سبعة أضعاف في الربع الأول من العام.
وقالت الشركة إن الخسائر ترجع بشكل رئيسي إلى التعطل المستمر للمرافق ونقص الغاز الطبيعي.
وقال رئيس شعبة منتجي الإسمنت باتحاد الصناعات المصرية، مدحت اسطفانوس، إن القطاع فقد نحو 40 في المئة من قدرته بسبب نقص الطاقة العام الماضي.
وقال برونو كاري وهو الرئيس التنفيذي للسويس للإسمنت -أكبر شركة لصناعة الإسمنت مسجلة في البورصة المصرية- إن شركته استمرت تعاني شحا في إمدادات الطاقة في أثناء الصيف.
وقالت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) إن نقص الغاز داء لا مفر منه، يجب أن تتحمله الصناعة الآن.
وقال مسؤول كبير في الشركة إن القطاع الصناعي في مصر يتفهم أنه يجب توريد إمدادات الغاز إلى محطات الكهرباء.
وتقول الحكومة إن جهودها لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال وخطوات نحو السماح باستخدام الفحم سيعززان إمدادات الطاقة.
لكن محللين يعتقدون أنه مع تنامي الاستهلاك المحلي للكهرباء، فإن الصراع بشأن الطاقة سيستمر في الوقت الحالي، وهو شيء ليس في صالح الصناعات.