نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للكاتب بن وايت، قال فيه إن
إسرائيل لا تستقبل لاجئين سوريين؛ لأنها قامت أصلا على أنقاض الشعب
الفلسطيني الذي حولت معظمهم إلى لاجئين.
ويشير التقرير إلى أنه قبل أن يصل
اللاجئون السوريون إلى أوروبا، كانت الدول المجاورة لسوريا قد استقبلت أعدادا خيالية منهم، ما عدا دولة واحدة. فلدى
سوريا خمسة جيران، وهي تركيا ولبنان والأردن والعراق وإسرائيل. وبحسب الأرقام الحديثة، فإن تركيا تستضيف 1.8 مليون لاجئ سوري، بينما تستضيف لبنان 1.17 مليون لاجئ، والأردن 630 ألف لاجئ، والعراق 250 ألف لاجئ.
ويستدرك الكاتب بأن إسرائيل، التي يصل مستوى الناتج المحلي الإجمالي فيها ضعف ما هو عليه في تركيا، وخمسة أضعاف ما هو عليه في الأردن، لم تقبل أي لاجئ واحد.
ويتوقع "ميدل إيست آي" ألا يتغير هذا الوضع قريبا، ففي 6 أيلول/ سبتمبر، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استقبال أي لاجئ سوري، وقال: "إن إسرائيل دولة صغيرة، وليس لها عمق جغرافي أو ديمغرافي".
ويلفت التقرير إلى أن وزير المالية السابق وزعيم حزب ييش أتيد، يائير لبيد، كان قد عبر عن مشاعر شبيهة قبل ذلك بيوم، حيث قال: "لا نستطيع الدخول في قضية أزمة اللاجئين؛ لأن ذلك قد يفتح بابا خلفيا لمناقشة حق العودة للفلسطينيين".
ويذكر وايت أن مسؤولين فلسطينيين كبارا يطالبون بالسماح للاجئين الفلسطينيين في سوريا بالعودة إلى الضفة وغزة المحتلتين. مشيرا إلى أن ما يقدر بـ3 آلاف فلسطيني لقوا مصرعهم في سوريا منذ بداية الثورة، وغادر حوالي 80 ألفا من الـ 560 ألف لاجئ المسجلين لدى الأنروا في سوريا. ففي مخيم اليرموك، الذي كان يصل عدد سكانه إلى 200 ألف نسمة، أصبح العدد فيه لا يزيد على 5- 8 آلاف مدني. ويعتمد الكثير في المخيم المنكوب على المساعدات، ويقوم الأطباء المنهكون بمعالجة حالات التيفوئيد في المخيم.
ويورد الموقع أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي كررت الإثنين ما دعا إليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، حيث طالب "المجتمع الدولي، وبالذات الأمم المتحدة، بدعم جهود جلب اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين".
ويبين التقرير أن تعليق نتنياهو خلال اجتماع حكومته الأحد، كان ردا على كلام رئيس حزب العمال المعارض إسحاق هيرتسوغ على القناة الإسرائيلية العاشرة، بأنه "يتوجب على إسرائيل استقبال لاجئين من الحرب". وقال أيضا: "لا يمكن لليهود أن يكونوا غير مبالين في وجه مئات آلاف اللاجئين الذين يبحثون عن ملجأ آمن". إلا إذا كانوا لاجئين فلسطينيين بالطبع.
ويوضح الكاتب أن هيرتسوغ كان واضحا في رغبته بالإبقاء على إسرائيل "دولة يهودية ذات أغلبية يهودية". حيث قال في خطاب له في حزيران/ يونيو: "لا أرغب في وجود وزير فلسطيني لإسرائيل، ولا أريد أن يغيروا علمي ونشيدي الوطني".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن تسيبي ليفني، شريكة هيرتسوغ في تحالف المعسكر الصهيوني، تردد الأفكار ذاتها، حيث تدافع عن إقامة "دولة" فلسطينية (تقصد بونتستان)، للحفاظ على يهودية إسرائيل اليهودية والديمقراطية، وتجنب القضية الديمغرافية، التي يصبح فيها تعداد الفلسطينيين أكبر من الإسرائيليين.
ويكشف الموقع عن أن الكثيرين قد استاءوا من كلام رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، حول اللاجئين السوريين، وكونهم "يمثلون ثقافة مختلفة جذريا"، خاصة كونهم مسلمين، ويمثلون تهديدا "للمسيحية الأوروبية".
ويستدرك وايت بأن قليلا من الناس من يعرف مدى روتينية هذا الخطاب في إسرائيل بين وزراء الحكومة وأعضاء البرلمان والأكاديميين والمعلقين وغيرهم. ويوضح أحد الصحافيين الإسرائيليين السبب الذي يجعل إسرائيل غير قادرة على استيعاب أي لاجئين، ويقول: "التهديد الديمغرافي حقيقي، والحاجة للحفاظ على طبيعة الدولة اليهودية كونها ديمقراطية لا تسمح بوجود أقليات كبيرة، فعدد المسلمين الحاليين يشكل تحديا معقدا حتى دون أي إضافات".
ويجد التقرير أن هذا الخطاب هو بالضبط ما يعاني منه المواطن الفلسطيني في إسرائيل، من الصحف التي تتحدث عن "الانتفاضة الديمغرافية" إلى الزعماء السياسيين مثل نتنياهو في 2010، عندما أعلن أن صحراء النقب "دون أكثرية يهودية" تشكل "تهديدا جليا".
وينوه الموقع إلى أنه لا يوجد أحد في الغرب يعترض على مخاوف الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي؛ فبينما هاجمت "نيويورك تايمز" خطاب أوربان بشدة، قامت الصحيفة ذاتها بالحديث دون أي انتقاد عن مخاوف "معظم اليهود الإسرائيليين" بأن عودة اللاجئين الفلسطينيين ستشكل "حكما ديمغرافيا بالإعدام".
ويرى الكاتب أن الأمر لا ينطبق على الفلسطينيين فقط، ففي عام 2012، بعد أن دخل بعض اللاجئين الأفارقة إلى إسرائيل، من خلال حدودها مع مصر، حذر نتنياهو من أن "المتسللين غير الشرعيين" يهددون وجود الدولة "كونها دولة يهودية وديمقراطية". وشهدت تل أبيب عنفا غوغائيا ضد الأفارقة.
ويجد التقرير أنه حتى لو اعترف البعض بأن الوافدين الجدد لا يشكلون خطرا، إلا أن استمرار هجرتهم يحمل "إمكانية تدمير دولة إسرائيل"، فإسرائيل، كما تم التوضيح بصراحة، "بلد يعيش حالة من القلق المستمر تجاه توازنه الديمغرافي، ومصمم على الحفاظ على طابعه اليهودي".
ويحسب الموقع، فإنه منذ ذلك الحين تم إنشاء سياج من الحديد والأسلاك الشائكة، قلل من تسلل الأفارقة "من عدة آلاف في العام إلى الصفر تقريبا"، وفي الوقت ذاته فإن 50 ألف لاجئ، معظمهم من السودان وأريتيريا، مهددون بالإبعاد.
ويقول وايت إن تعليق لبيد يوجهنا الوجهة الصحيحة: إسرائيل لا تستطيع قبول لاجئين (غير يهود)؛ لأن إنشاء "الدولة اليهودية" لم يكن ممكنا إلا من خلال تحويل معظم السكان الفلسطينيين الأصليين إلى لاجئين، واستمرارها يعتمد على إقصائهم.
وينقل التقرير عن نتنياهو قوله الأسبوع الماضي لرئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، إن إسرائيل في طليعة المدافعين عن الحرية، وأضاف: "نحن حماة المدنية هنا في قلب الشرق الأوسط ضد البربرية الجديدة".
ويرى الموقع أن هذه الأيديولوجية الاستعمارية القائمة على الاستثناء، التي تتمثل في استخدام تعبيرات، مثل "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، تصطدم بحقيقة رفض إسرائيل لقبول أي لاجئين سوريين، بالرغم من استقبال جاراتها الملايين منهم.
ويشير الكاتب إلى أن نتنياهو قد أعلن الأحد عن بداية بناء سياج على الحدود مع الأردن، بطول 29 كم، وهو آخر جدار لدولة تقوم على جدران الحدود الخارجية والداخلية والمساحات المغلقة والمستوطنات.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أنه إذا كانت مشكلة اللاجئين السوريين ناتجة عن الفشل السياسي الدولي، فإن منع اللاجئين الفلسطينيين من عودتهم إلى بلادهم، وقد تم تهجيرهم ومنعهم من العودة بالقوة، وبيروقراطية "الأبارثاتيد"، هو نتيجة الفشل في مواجهة عنصرية إسرائيل.