طالب ما يعرف بـ" سجناء المحاكم العسكرية" بالجزائر، الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة، بتبني عفو شامل لصالحهم، كنتاج لندوة مصالحة وطنية تصحح " اختلالات قانون السلم و
المصالحة الوطنية" الذي أقره الرئيس
الجزائري عام 2006.
سجناء المحاكم العسكرية، بالجزائر، هم الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية، بتهم التورط بأعمال مسلحة، في خضم الأزمة الأمنية التي تخندقت فيها الجزائر في أعقاب توقيف المسار الإنتخابي، شهر يناير/ كانون الثاني العام 1992.
وينتمي أغلبهم للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة منذ العام 1992، حيث كانت الجبهة قد حصدت خلال الإنتخابات النيابية أغلبية مقاعد البرلمان، فأوقفت السلطة حينها، المسار الإنتخابي، وتولى الجيش إدارة الدولة وأوقف زعيما الجبهة عباسي مدني وعلي بن حاج، وزج بهما في سجن البليدة.
ورغم إطلاق الرئيس الجزائري قانون السلم و المصالحة الوطنية، شهر سبتمبر/ أيلول العام 2006، بهدف حقن دماء الجزائريين والدفع بالمسلحين إلى ترك السلاح، إلا أنه، لم يشمل القانون هذه الفئة، حسب منسق سجناء المحاكم العسكرية، مصطفى غزال.
وقال مصطفى غزال، في تصريح لـ"
عربي21"، الجمعة، "هؤلاء "
سجناء سياسيين"، دعيا بوتفليقة إلى الإفراج عنهم بقرار عفو شامل، إذ أن أغلبهم يعانون من المرض بعد أن مكثوا وراء القضبان أكثر من 20 سنة كاملة".
وأوردت رسالة لسجناء المحاكم العسكرية، موجهة للرئيس بوتفليقة، الجمعة، - تتوفر "
عربي21" على نسخة منها، "ندعو سيادتكم إلى تبني عفو شامل يتمخض عن ندوة مصالحة وطنية، تكون في إطار توافقي عبر حوار وطني شامل يتحمل فيه الجميع المسؤولية دون استثناء".
لكن الحكومة بالجزائر تنفي وجود مساجين سياسيين من أزمة التسعينيات، إذ أكد الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، شهر آذار/ مارس الماضي، أن "الحكومة عملت منذ صدور الأمر الرئاسي 06-106، على تمكين كل الأشخاص الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية دون استثناء، من تدابير المصالحة الوطنية".
وأضاف سلال: "لم تعرف أي عوائق حالت دون معالجة كل الملفات المطروحة"، في إشارة صريحة لعدم وجود حالات عالقة لم يفصل فيها.
بيد أن المنسق الوطني لعائلات السجناء السياسيين مصطفى غزال، له رأي مخالف تماما، إذ يؤكد لـ"
عربي21"، أن " هناك فعلا سجناء سياسيين يقبعون في السجون الجزائرية منذ أكثر من 20 سنة، وأغلبهم يعانون المرض" وتابع " نرغب بالنظر في قضية سجناء المأساة الوطنية الذين تنطبق عليهم قوانين المصالحة الوطنية، من المدنيين والعسكريين الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية والخاصة، ومازالوا في السجون منذ 1991".
وأوضحت الرسالة" :"إن قضية المفقودين وسجناء المأساة الوطنية بالجزائر لا يمكن حلها، إلا في إطار التصالح والتسامح بين الجزائريين، بعيدا عن الأحقاد والانتقامات والمتابعات القضائية، في إطار ترقية ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بما يتماشى مع هويتنا الإسلامية وديننا الحنيف".
وكانت السلطات العقابية في الجزائر، أفرجت شهر آب/ اغسطس، العام 2014، عن سجينين اثنين من 140 سجينا سياسيا يقبعون في سجون البلاد ، وقرر الرئيس بوتفليقة الإفراج عن السجينين، نظرا لحالتهما الصحية المتدهورة".
وأكد أمير "جيش الإنقاذ" للغرب الجزائري، سابقا، أحمد بن عيشة، في تصريح سابق لصحيفة "
عربي21"، أن "تسوية ملف المساجين السياسيين، يخضع لصلاحيات الرئيس بوتفليقة، التي يخولها له ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي استفتي فيه الشعب سبتمبر / أيلول العام 2005". مشيرا إلى أن "البند رقم 47 من الميثاق يتيح للرئيس بوتفليقة صلاحية اتخاذ أي قرار يراه مناسبا في إطار تضميد جراح العشرية السوداء".
بالتوازي مع ذلك، ترفض السلطة بالجزائر، السماح لنشطاء "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، العودة إلى العمل السياسي، حيث أعلن مدني مزراق، الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ، سابقا، أغسطس/ آب الماضي، عن تأسيس حزب بعد إجتماع مع أنصاره بمحافظة جيجل، شرق العاصمة الجزائر.
وقال الوزير الأول عبد المالك سلال، خلال إفتتاح الدورة البرلمانية، مطلع شهر سبتمبر/ أيلول، الجاري أن " الحكومة ترفض العودة إلى فترة التسعينيات من القرن الماضي، حيث كان الجزائريين يقتلون بلا رحمة"