كذّبت
المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، رواية السلطات
المصرية حول مقتل أربعة مواطنين داخل إحدى الشقق السكنية بمدينة العجمي في الإسكندرية، في تبادل لإطلاق النار، مؤكدة أنه تمت تصفيتهم بدم بارد.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت في بيان لها بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2015 عن قيامها بتصفية أربعة مواطنين عند مداهمتها منزلا لإلقاء القبض عليهم بمدينة العجمي في الإسكندرية، وذلك بعد تبادل لإطلاق النار معهم، على حد قولها. وأوضح بيان الداخلية أن الضحايا ملاحقون أمنيا منذ فترة، وأنه عُثر بحوزتهم على بندقية آلية واحدة وطبنجة وعدد من الطلقات المختلفة.
وقامت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في
بريطانيا، بالاستماع إلى شهادة شخص كان مقيما مع المواطنين الأربعة، وذكر في شهادته أنهم مقيمون بشقة سكنية بالعجمي منذ قرابة الستة أشهر، وعند اقترابه من العقار الذي يحوي الشقة فإنه شاهد تواجدا كثيفا لقوات الأمن بالمنطقة ولم تكن هناك أي مظاهر لأي اشتباك مسلح، وبعدها تم الإعلان عن مقتلهم ونقل الجثث إلى مستشفى الإسكندرية الجامعي. وأكد أن الضحايا الأربعة يقيمون في تلك الشقة ولم يكن في الشقة أي قطعة سلاح.
وبحسب بيان المنظمة، فقد أفاد أحد سكان المنطقة الذين شهدوا مداهمة الداخلية للشقة محل الواقعة، بأنه لم يحدث أي تبادل لإطلاق النار داخل المنطقة في ذلك اليوم، وأن قوات الأمن قد داهمت الشقة محل الواقعة ومكثت أكثر من ساعة، ثم انصرفت دون أن يتمكن أحد من الاقتراب ورؤية ما يحدث تحديدا.
ومن جانبها لم تقم وزارة الداخلية في بيانها بالإشارة إلى قيامها بفتح تحقيقات حول مقتل المواطنين الأربعة، ولم تقدم أية أدلة تبرر استخدام القوة المميتة بحقهم. فبحسب بيان الداخلية، عثرت القوات على بندقية آلية واحدة فقط وطبنجة، وهو ما لو صح لما كان مبررا كافيا لإزهاق أرواح أربعة أشخاص اتباعا للقانون الذي يلزم الأمن باستخدام القوة بالقدر الأدنى اللازم لدفع الضرر، كما أن الشهادات جميعها نفت حدوث أي اشتباك مسلح كما ادعت الداخلية، ما يجعل رواية الداخلية مشكوكا في صحتها إضافة إلى ما تحمله من عدم معقولية.
وبحسب ما تم توثيقه، فإن عدد المواطنين المصريين الذين ثبت مقتلهم بالتصفية الجسدية خارج إطار القانون على يد قوات الأمن منذ الثالث من تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، قد بلغ 49 شخصا، بينما تظل 35 حالة قتل في ظروف مشابهة بحاجة إلى بحث وتحقيق دقيق لعدم توافر أدلة كافية في حالاتهم حتى الآن، في ظل امتناع جهات التحقيق المصرية عن اتخاذ أي إجراء جاد ومحايد في التحقيق في تلك الوقائع وفقا للقانون.
وتجدر الإشارة إلى أن تلك الأعداد لا تشمل مواطني سيناء الذين يتعرضون لحملات قتل ممنهجة من قبل قوات الجيش المصري، دون أن تتمكن أي جهة حقوقية أو إعلامية من الوقوف على حصر دقيق لأعداد الضحايا المتصاعدة هناك.
وأكدت المنظمة أن "عمليات القتل التي تنتهجها السلطات المصرية بالتصفية والتعذيب، هي نتاج إرادة سياسية ومنهج مُستقر عليه لدى تلك السلطات باستخدام أجهزتها الأمنية، وفي ظل تواطؤ كامل من قبل السلطة القضائية والنيابة العامة اللذين يوفران مناخا آمنا لمرتكبي تلك الجرائم ويضمنان إفلاتهم التام من العقاب، بالتزامن مع ارتفاع معدل التحريض الإعلامي ضد المعارضين وإلصاق تهم الإرهاب بهم دون دليل".
وحذرت من أن آلاف المعارضين المصريين المُلاحقين على خلفية معارضة السلطات معرضون للقتل في أي وقت دون أي فرصة للتمتع بحقوقهم الأساسية، وفي مقدمتها الحق في الحياة، في ظل إصرار النظام المصري على المضي قدما في نهجه الدموي.
وطالبت بضرورة "تدخل الأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي ذات العلاقة للتحقيق بشكل عاجل وسريع في الجرائم المختلفة التي يرتكبها النظام المصري، في مقدمتها انتهاج القتل بالتصفية الجسدية والتعذيب والإهمال الطبي داخل مقار الاحتجاز. فالصمت وعدم القيام بأي إجراءات يعطي الضوء الأخضر للنظام للاستمرار في ارتكاب مزيد من الجرائم".