أدى
التدخل العسكري الروسي في النزاع السوري الى إجهاض اتفاق تم التوصل إليه في الشهر الماضي بين الأطراف المتحاربة في منطقتين في غرب البلاد، وأهدر نجاحا نادرا لجهود دبلوماسية أيدتها أطراف أجنبية في الصراع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على المحادثات لوكالة "رويترز" إن تنفيذ الاتفاق مع الأمم المتحدة الذي يساعد على إخراج المعارضين من بلدة الزبداني والقرويين المحاصرين في بلدتي الفوعة وكفريا، توقف بعد بدء القصف الجوي الروسي الداعم للرئيس بشار الاسد.
ورغم صمود وقف إطلاق النار في الموقعين، إلا أن هذا يعني أن الأمر قد يكون مسألة وقت قبل استئناف القتال بين الجماعات المسلحة من ناحية، والجيش السوري وحزب الله اللبناني المتحالف معه من ناحية أخرى.
وتتسق التوقعات المتشائمة للاتفاق مع صورة أوسع نطاقا للتصعيد، حيث يؤدي التدخل الأجنبي المتزايد إلى تعقيد الصراع الذي أودى بحياة نحو 250 ألف شخص.
كان الاتفاق الذي تم بمساعدة إيران وتركيا قد أعلن بعد هجوم استمر أسابيع للجيش السوري وحزب الله اللبناني الشيعي، للاستيلاء على بلدة الزبداني بالقرب من الحدود اللبنانية من مسلحين لازالوا متحصنين هناك.
وتشن
المعارضة التي تضم جماعة أحرار الشام السنية وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة هجوما على كفريا والفوعة، وهما قريتان شيعيتان في محافظة إدلب بشمال غرب البلاد.
وقال شخص مطلع على المفاوضات: "هناك وقف لإطلاق النار لكن هذا كل شيء ... الاتفاق أصبح ضحية أخرى للتصعيد الروسي. الناس نسيت التنفيذ".
وقال مسؤولان بارزان على علم بالتطورات العسكرية والسياسية في
سوريا وقريبان من الحكومة، إن هجوما بريا للجيش السوري وحلفائه يجري بدعم من الضربات الجوية الروسية، جعل الاتفاق غير ذي معنى.
وقال مسؤول له علاقات وثيقة بدمشق: "الاتفاق سقط وكفريا والفوعة صارتا خارج السباق. الحلف الروسي الإيراني مصر على تحرير إدلب وهكذا تكون كفريا والفوعة خارج منطقة النزاع."
وقال المسؤول الآخر: "الهجوم الذي بدأ من ريف حماة باتجاه ريف إدلب، سيؤدي إلى تحرير كفريا والفوعة حكما، وبالتالي انتفاء السبب الحقيقي للاتفاق."
وتشير تعليقاتهم إلى ثقة متزايدة في جانب الحكومة السورية وحلفائها، وإيمانهم بإمكانية تحقيق نصر عسكري على المعارضين في غرب سوريا المحور الأساسي للضربات الجوية الروسية.
وقال مسؤول من أحرار الشام إن الجماعة لا تدلي حاليا بتعليقات لوسائل الإعلام عن الاتفاق.
لكن المعارضين يأملون في أن يؤدي التدخل الروسي إلى زيادة الدعم العسكري من مؤيديهم وخاصة السعودية، التي تخوض صراعا مع إيران من أجل النفوذ في أنحاء المنطقة.
وشن الجيش السوري وحلفاؤه وبينهم حزب الله هذا الأسبوع هجمات برية جديدة، بدعم من الضربات الجوية الروسية ضد المعارضة في منطقتين مهمتين استراتيجيا بمحافظة حماة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان - الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويرصد تطورات الحرب من خلال مصادر على الأرض - الجمعة، إنهم لم يحققوا بعد مكاسب مهمة في تلك المناطق. وكان نجاح المفاوضات التي تؤيدها الأمم المتحدة قد أعطى بصيص أمل وسط هذه الحرب التي لم تحقق الدبلوماسية أي تقدم فيها تقريبا.
وتفاوضت إيران نيابة عن الحكومة السورية وحزب الله. وحصلت جماعة أحرار الشام وهي من أقوى جماعات المعارضة في سوريا على تفويض للتفاوض، نيابة عن عدد من جماعات المعارضة. وجرت المحادثات في تركيا وهي من الدول التي تؤيد المعارضة التي تقاتل الأسد.
وقالت الأمم المتحدة في الثاني من أكتوبر تشرين الأول، إنها اضطرت إلى تعليق العمليات الإنسانية المزمعة في سوريا بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بسبب "زيادة النشاط العسكري". وشملت الخطوات الأولى إجلاء الجرحى.
ودعا مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا في ذلك الوقت الأطراف إلى الالتزام بتعهداتهم والتوصل إلى التفاهمات اللازمة لتنفيذ الاتفاق.