تستمر المواجهات بين الثوار وقوات النظام السوري لليوم الرابع والعشرين؛ على محاور عدة في ريف
اللاذقية الشمالي. والأحد، أطلقت قوات بشار الأسد عمليات جديدة بهدف التقدم على محور جب الأحمر ومحور النبي يونس؛ باتجاه قرية مركشيلية في
جبل الأكراد، ومحور غمام والكنديسية في
جبل التركمان.
وتحاول قوات النظام منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ التقدم باتجاه المناطق التي يسيطر عليها الثوار بريف اللاذقية، خصوصا من محور كفردلبة وحسيكو بالقرب من بلدة سلمى، ومحور جب الأحمر بالقرب من قمة النبي يونس، فيما يساند الطيران الحربي الروسي قوات النظام بهذه المواجهات.
معارك هي الأعنف
وأكد القيادي في الفرقة الأولى
الساحلية التابعة للجيش السوري الحر، علي عثمان، أن هذه المعارك الجديدة بدأت الأحد وما زالت مستمرة؛ هي الأعنف التي تشهدها جبهات القتال بالساحل منذ انطلاق الثورة.
وأوضح عثمان لـ"
عربي21" أن النظام يتبع في عملياته العسكرية "سياسة الأرض المحروقة"، حيث يقوم بقصف عنيف وتمهيد مدفعي كثيف جدا ومن ثم يحاول التقدم، "ولكننا تمكنا من صد جميع محاولاته التقدم على محور كفردلبة ومحور الجب الأحمر والتي كان آخرها يوم أمس"، بحسب قوله.
وأضاف: "تمكنا من رصد تحركاتهم وقتلنا أكثر من 15 عنصرا وجرحنا العشرات بكمين محكم نصبناه لهم، ما أجبرهم على الانسحاب والعودة إلى مواقعهم بعد معارك عنيفة استمرت أكثر من سبع ساعات".
وتحدث عثمان عن محاولة قوات النظام التقدم الأحد من قمة النبي يونس باتجاه قرية مركشيلية، "لكننا تمكنا أيضا من صد هذا الهجوم وقتلنا عددا من عناصر قوات النظام".
وقال: "نعمل على التنسيق مع جميع الفصائل العاملة على الأرض لمنع أي تقدم لقوات النظام، خصوصا بعد سعي النظام لتحقيق أي نصر على جبهة الساحل بعد التدخل الروسي ليثبت لروسا أنه قادر على التقدم، ولكنه فشل في هذا الأمر على مختلف محاور القتال في الساحل وحماة وحلب إلى الآن".
جبل التركمان
ومن جهته، أكد أبو عمر، مدير المكتب الإعلامي للفرقة الثانية الساحلية، أن قوات النظام تحاول منذ صباح الأحد التقدم باتجاه قرية غمام وقرية الكنديسية بجبل التركمان، وعزا ذلك إلى فشل قوات النظام في تحقيق أي تقدم على محاور القتال بجبل الأكراد خلال أكثر من 20 يوما من المعارك، حيث تحاول قوات الأسد فتح جبهات جديدة بهدف تحقيق أي تقدم على جبهات القتال بالساحل.
وذكر أبو عمر، في حديث لـ"
عربي21"، أن الطيران الروسي مهد قبل الهجوم البري بأكثر من سبع غارات على قرية غمام والمناطق القريبة منها، فيما كثفت قوات النظام قصفها على القرية ومحيطها برجمات الصواريخ والدبابات من مراصد قوات النظام في قمة سولاس وبيت حليبية وبيت ملك.
ونشر اللواء العاشر في الساحل، التابع للجيش السوري الحر، بيانا عبر صفحته على "فيسبوك"، تحدث فيه المعارك غمام والكنديسية، وقال جثث قتلى قوات النظام منتشرة في الغابات القريبة المنطقة، وأن اللواء أرسل تعزيزات كبير إلى تلك المحاور التي تشهد اشتباكات بهدف منع أي تقدم لقوات النظام.
خطط جديدة للثوار
وذكر علي عثمان أن الثوار يعتمدون أسلوب المواجهات القريبة مع قوات النظام لتحييد سلاح الطيران في مناطق القتال، لا سيما عبر شن الهجمات الليلية.
وأضاف: "انسحبنا (سابقا) من قرية كفردلبة بعد القصف غير المسبوق الذي استهدف القرية من قوات النظام، وبعد أكثر من أسبوع قمنا بعمل عسكري للسيطرة على القرية وطرد قوات النظام منها، حيث تمكنا من تحرير القرية بعد مواجهات استمرت حوالي ساعتين استخدمنا بها الأسلحة الخفيفة، بعد عملية تسلل إلى أطراف القرية وأجبرنا قوات النظام على الانسحاب من القرية بعد قتل عدد من عناصرهم، وقمنا بإنشاء محارس جديدة لنا في القرية لتفادي القصف المدفعي والصاروخي وقصف الطيران لنا".
وقال إن صواريخ فاغوت التي وصلت إلى الثوار في الفترة الأخيرة كان لها دور كبير في المواجهات. وهذا الصواريخ هي مضادة للدروع ولكن يمكن استخدامها في الليل.
مجازر ونزوح للمدنيين
وقال عبد الجبار خليل، مدير أحد المخيمات بالقرب من الحدود مع تركيا، إن مع هذه الهجمة الكبيرة لقوات النظام تسببت في ارتفاع عدد النازحين بشكل كبير، خصوصا القادمين من مصيف سلمى وقرى جبل الأكراد، بعدما قام الطيران الحربي الروسي بقصف معظم قرى جبل الأكراد ما أدى إلى وقوع عدد كبير من المدنيين بين قتلى وجرحى، وأجبر معظم السكان الذين كانوا قد بقوا في منازلهم على النزوح الجماعي عن قراهم.
وأضاف عبد الجبار في حديث لـ"
عربي21": "نعمل على إنشاء مخيمات جديد للنازحين". وتابع قائلا: "بسبب إغلاق تركيا للحدود بشكل كامل، فقد أجبر السكان على التوجه نحو مخيمات الداخل، هذا ما زاد عدد النازحين الذين يطالبون بخيام، خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء، وهذا ما قد يزيد من معاناتهم".
ولفت إلى أن هناك عائلات تسكن في الغابات "نحاول أن نوفر لها الخيام، وتعمل عدد من المنظمات لتوفير ذلك قبل حلول الشتاء"، بحسب قوله.
بدورها، قالت أم أحمد، وهي إحدى النازحات من جبل الأكراد، إن آخر مجزرة ارتكبها الطيران الحربي الروسي قبل حوالي الأسبوعين راح ضحيتها حوالي 50 شخصا بين قتيل وجريح، معظمهم من المدنيين وذلك بعد قصف الطيران لقرية بشرفة بجبل الأكراد، وهو ما دفع بأم أحمد وبأي السكان "إلى الهروب من قرانا باتجاه المناطق الأكثر أمانا".
وقالت لـ"
عربي21": "أسكن أنا وعائلتي وعائلة ابني في خيمة واحدة ونحن 14 شخصا بسبب قلة الخيام، ولكن ذلك جيد لأن عدد كبير من العائلات إلى الأن لم تجد خياما تسكنها"، كما تقول.
منشورات تدعو للاستسلام
وكانت مروحيات النظام السوري قد ألقت السبت منشورات تدعو سكان جبل الأكراد إلى "العودة لحضن الوطن"، فيما تدعو تدعوا المقاتلين من الثوار إلى تسليم سلاحهم وتسليم أنفسهم إلى النظام. وفيما توعدت المنشورات بأن "الضربة الحاسمة" قادمة، سخر من تبقى من سكان جبل الأكراد من هذا الأمر.
وقال أحد السكان ويدعى وائل، لـ"
عربي21"، بعد وقت قصير من إلقاء هذه المنشورات: "جاء الطيران الحربي الروسي لينفذ غارات جديدة يستهدف بها الريف، والنظام لم يترك لنا وقت لنفكر في الأمر، ولو أن هذا الموضوع محسوما بالنسبة لنا. فنحن لن نتراجع عن هدفنا في إسقاط النظام وتحرير
سوريا من الاحتلال الروسي والإيراني"، بحسب تعبيره.
ويذكر أن النظام يقوم بعمليات عسكرية مشابهة في كل من ريفي حماة وحلب بهدف السيطرة على مناطق يتمركز بها الثوار، خصوصا وأن روسيا قالت إن الضربات الجوية الروسية ستكون لمدة أربعة أشهر فقط، حيث يسعى النظام خلال هذه الفترة إلى الاستفادة من الدعم الجوي الروسي لتحقيق "انتصارات" وتقدم على الأرض. ولكن رغم ذلك، لم تتمكن قوات النظام من تحقيق أي تقدم مهم على مختلف محاور القتال في سوريا.