أكدت صحيفة "التايمز" أن بريطانيا وأمريكا نشرت قوات خاصة في
ليبيا لجمع المعلومات عن
تنظيم الدولة بعدما تبين أن "التنظيم الإرهابي" أنشأ له مقرا رئيسيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، في الوقت الذي يقوم فيه الطيران الغربي بدك معقله القوي في شمال سوريا.
وأشار التقرير الذي نشرته الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة قام ببناء مقره الدولي في
سرت، مسقط رأس القذافي، تلك المدينة المطلة على إيطاليا، ولا يفصلها عنها سوى ساعات قليلة.
ويدير تنظيم الدولة منذ أيار/ مايو عمليات تدريب للمتطوعين الأجانب قبل إرسالهم إلى سوريا، على مساحة تمتد بطول 200 كم على الساحل الليبي الذي يسيطر عليه.
وقالت الصحيفة إنه "يعتقد بأن أبا علي الأنباري، أحد أكبر قيادات التنظيم، يقود عدة مئات من مقاتلي التنظيم في سرت، و2000 مقاتل على الأقل في مختلف أنحاء ليبيا، ويتخذ من سرت مقرا له، في الوقت الذي أكد فيه مسؤولون تونسيون بأن جهاديين غربيين حاولوا الانضمام لمقاتلي التنظيم في ليبيا، فيما روى أهالي سرت أن التنظيم يدرب أطفالا لا تزيد أعمارهم عن 14 عاما".
وذكرت الصحيفة أن القيادي في تنظيم الدولة، وسام نجم عبد زيد الزبيدي، وهو عراقي، ويعرف أيضا بأبي نبيل، وصل قبل عام إلى ليبيا؛ حيث أرسل إلى درنة لتجنيد المزيد من المقاتلين. وقتل الشهر الماضي في ضربة جوية أمريكية.
ونوهت إلى أن "ليبيا أصبحت تجذب الجهاديين الغربيين إليها؛ لأن الدخول إليها أسهل منه إلى سوريا. وقال مسؤولون تونسيون يوم الاثنين إنه تم اعتقال شابين فرنسيين كان يحاولان عبور الحدود بين تونس وليبيا للوصول إلى معسكرات تدريب تنظيم الدولة".
وأشارت الصحيفة إلى تقارير تؤكد "بأن مسؤولين غربيين على علاقة بالشؤون الليبية قالوا إن أمريكا وبريطانيا نشرتا رجال كوماندوز لجمع المعلومات تخوفا من أن تصبح مدينة سرت خط الرجعة الأخير، كلما كثفت عملية الضربات الجوية على سوريا والعراق".
وذكّرت الصحيفة أن "أول ظهور لتنظيم الدولة في هذا البلد كان المحطم في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي عندما بايعت المجموعات المقاتلة في درنة زعيم تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي".
إقرأ أيضا:
مسؤول تونسي: كل هجمات تونس تم التخطيط لها في ليبيا
ومما يعزز النظرية السابقة ما تعتقده السلطات التونسية بأن المهاجمين الذي اعتدوا على متحف باردو والمنتجع البحري تلقوا تدريبهم في ليبيا، وفقا للصحيفة.
وأضاف تقرير الصحيفة: "يقول أهالي سرت الذين يعيشون تحت حكم التنظيم إنه ركز على الجيل القادم، حيث نظم مخيمات تدريب للأطفال كما تفعل التنظيمات المماثلة في المنطقة. وقام بتدريب حوالي 85 طفلا من سن 14 إلى 20 شخصا يسمونهم "أشبال الخلافة" من سرت ومن المدن المجاورة في وسط ليبيا".
ونقل عن محمد، أحد سكان سرت، أن مقاتلي التنظيم "قاموا بأخذ الأطفال على مدى خمسة أسابيع الماضية إلى مخيمات خارج المدينة، ودربوهم على الأسلحة وإعداد المتفجرات وتنفيذ العمليات الانتحارية. كما تم تعليمهم العقيدة الجهادية المتطرفة". وأضاف محمد أنه من المتوقع تخريج هذا الفوج الأول بعد صلاة الجمعة هذا الأسبوع. ويتوقع أهل المدينة أن يقوم التنظيم بتدريب المزيد من الأطفال.
وأكدت الصحيفة أن التنظيم بدأ بالتركيز على شرق البلد، وبدأ مقاتلوه بالتحرك نحو محطات تصدير النفط الساحلية في سدرة وراس لانوف في طريقهم إلى أجدابيا على بعد 450 كم، وخرجت قوافل المقاتلين بأسلحتهم الثقيلة إلى خارج سرت متجهة إلى أجدابيا، وأعلنت مجموعات المقاتلين في أجدابيا الحرب على تنظيم الدولة.
ونوه التقرير إلى أن الآلية التي سيستخدمها التنظيم في استخراج النفط والاستفادة منه ليست واضحة حتى الآن، ولكن من المعروف أن التهريب لجنوب أوروبا تجارة مزدهرة، وسيكون وسيلة جيدة لتمويل إمبراطورية التنظيم، إذ إنه من المعروف أن رجال المليشيات يحصلون على 2500 جنيه في اليوم من تهريب النفط عبر المتوسط.
وقال أحمد وهو مواطن آخر من سرت: "تحدث التنظيم عن هذه الخطة منذ عام 2014، ولكن يبدو أنهم في آخر مراحل الهجوم، وقد تحدثوا عنه في خطبة الجمعة".
وقال التقرير إن السلطات الليبية وقفت عاجزة عن وقف الجهاديين، حيث انزلقت البلاد إلى الحرب الأهلية عندما سيطرت قوات فجر ليبيا على طرابلس الصيف الماضي، وأقامت إدارة منافسة، ما اضطر البرلمان المعترف به دوليا للعمل على بعد 1500 كم في طبرق شرق ليبيا، لعدم امتلاكه لأدوات القوة، على حد تعبير الصحيفة.
إقرأ أيضا:
صحيفة إيطالية: عاصمة "الخلافة" قد تتحول إلى سرت بليبيا
وأكد أن درنة كانت معقلا مهما لتنظيم الدولة حتى قام مقاتلون تابعون للقاعدة والأهالي الناقمين بطردهم في حزيران/ يونيو.
واستدركت الصحيفة بالقول: "لكن التنظيم ركز بعدها على وسط البلد المتنازع عليه، الذي تم نسيانه بعد أن دمرته الثورة التي دعمتها الناتو في 2011؛ لارتباطه بالعقيد القذافي الذي ألقي عليه القبض وقتل خارج سرت".
وقام التنظيم في أيار/ مايو بطرد مقاتلي فجر ليبيا من سرت بعد القضاء على جيوب المقاومة والسيطرة على عدة قرى على الساحل دون قتال، وفقا للصحيفة.
ووصفت الصحيفة المنطقة التي يعد فيها تنظيم الدولة للمركز الجديد التابع له بأنها تمتلئ بالمقاتلين الأجانب وقيادات التنظيم التي أتت من سوريا والعراق، مشيرة إلى أن قائد تنظيم الدولة في سرت لا يعرف عنه الكثير، ويقول مواطنون ليبيون إنه رجل دين سعودي غامض يعرف باسم أبو عمار الجزراوي وظهوره العلني في المسجد قليل؛ على عكس نظيره اليمني الثرثار في درنة أبو البراء الأزدي الذي أرسل لإدارة شرق ليبيا العام الماضي.
وخلص تقرير الصحيفة إلى أن سرت باتت تتحول شيئا فشيئا لتشبه شقيقتها السورية الرقة، حيث تنقل إذاعات المدينة أخبار انتصارات التنظيم وخطب البغدادي وتقارير إخبارية يومية من سوريا.
وعلى الأرض، يدير الحواجز مقاتلون أجانب بعضهم من تنظيم بوكو حرام، فيما تقوم محكمة "شرعية" بإصدار أحكام الجلد على من يخالف قوانين التنظيم، وتقوم الشرطة الدينية بزيارة الجامعة في سرت للوقوف على التزام طالبات الجامعة بالحجاب الشرعي.
وتختم التايمز تقريرها بما قاله محمد من أن "الأوضاع تتدهور كل يوم، فيما يتوقع أبناء ليبيا أن تمتد المعاناة".
اقرأ أيضا:
دول الجوار الليبي "مرعوبة" من توسع تنظيم الدولة