هل يخطط
تنظيم الدولة لاستهداف الأردن، عبر تفجير أو هجوم بالأسلحة على مزارات
الشيعة؟ وهل بات خطر التنظيم من المملكة أكثر قربا من قبل؟ وهل هناك نذر مواجهة بين التنظيم والأجهزة الأمنية الأردنية في المستقبل القريب؟ هذا ما يتم تداوله وتناوله بين المراقبين والمهتمين داخل البلاد؟
انعكست هذه التساؤلات، وتسارع تناقلها في الآونة الأخيرة، جراء ما أقدمت عليه الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي، من اتخاذ إجراءات أمنية مشددة ومفاجئة، تمثلت في تفتيش المصلين سواء الرجال أو النساء الذين يصلون في مسجد جعفر بن أبي طالب، الذي يتخذه الشيعة مزارا، بمنطقة المزار في محافظة الكرك جنوبي البلاد.
ويشكل المسجد المقام فوق ضريح الصحابي جعفر بن أبي طالب في بلدة المزار الجنوبي في محافظة الكرك جنوبي المملكة، مقصدا ومزارا من أتباع المذهب الشيعي، خاصة من طائفة "البهرة"، التابعين للشيعة الإسماعيلية، في حين يزور منطقة المزار الجنوبي حوالي 2500 سائح شهريا، وفقا لإحصائيات رسمية، بعد أن كان يؤمه حوالي 5000 آلاف.
الإجراءات الأمنية غير المسبوقة في المنطقة، التي تمثلت بانتشار 13 دورية لرجال الأمن، وعدد من عناصر الشرطة النسائية، ليست سوى "إجراءات أمنية روتينية، واحترازا من ارتكاب أي أعمال مخلة بالأمن العام، وحماية للضريح"، وفق ما أفاد مصدر أمني لـ"
عربي21".
وقال المصدر الأمني في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "إن التشديد والكثافة الأمنية في محيط ضريح الصحابي جعفر بن أبي طالب، جاء بهدف حماية المكان والزوار، خاصة في ظل ورود معلومات غير مؤكدة، تفيد بوجود نية للاعتداء على زوار الأضرحة".
فيما شدد المصدر الأمني أن "الأوضاع طبيعية وتحت السيطرة"، مؤكدا أنه "لم يسبق وأن تم الاعتداء على الأضرحة أو الزوار".
وكان الوجود الأمني الكثيف في محيط المكان، أثار تساؤلات المواطنين بالمنطقة، عن احتمال تنفيذ اعتداءات ضد زوار المقامات الشيعة، الأمر الذي دعا بعض المصلين إلى الإحجام عن القدوم إلى المسجد.
في حين كانت تصريحات رئيس بلدية المزار الجنوبي، محمد القطاونة، لوسائل محلية، أقرب إلى التلميح بأن "هناك أنباء عن
مخطط خطير، قد يكون وراءه الإرهابيون، الذين يستهدفون البلاد الآمنة والهادئة، لذلك قمنا بالتفتيش الدقيق من أجل حماية الزوار والمكان".
بدوره، لم يستبعد الخبير في شؤون تنظيم الدولة، مروان شحادة، أن "يقوم التنظيم بتنفيذ تفجيرات داخل الأردن"، في الوقت الذي يؤكد فيه شحادة على "أن التنظيم لا يألو جهدا في التحضير لتفجيرات تمس مصالح النظام سواء داخل البلاد أو خارجها".
وقال شحادة في معرض تعليقه على الإجراءات الأمنية في الكرك: "إن هذه الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية، تعني وجود معلومات حول شيء ما، قد يكون لتنظيم الدولة شأن فيه وقد لا يكون، ولكن ما أستطيع تأكيده أن تنظيم الدولة يعد العدة في المستقبل لضرب مصالح أردنية سواء في الداخل أو الخارج، وذلك وفقا للتهديدات التي تصدر عنه بين حين وآخر تجاه النظام الأردني".
بيد أن تنظيم الدولة، من وجهة نظر شحادة "بات بينه وبين الساحة الأردنية، فجوة كبيرة، عبر خسارته للدعم اللوجستي، والدعم الشعبي، اللذين كان يتمتع بهما سابقا، وذلك قبل تفجيرات فنادق عمان، الأمر الذي يؤخر قدرته على تنفيذ ضربات داخل البلاد ضد سواء منشآت سياسية أو عسكرية".
من ناحيته، لفت الخبير الأمني العميد المتقاعد حسين الطراونة إلى "قيام الأجهزة الأمنية الأردنية منذ ما يقارب 4 سنوات على رفع درجة الحذر وزيادة مستوى الاستنفار، خوفا من إقدام تنظيم الدولة على ارتكاب أي أعمال إرهابية داخل البلاد".
وقال الطراونة في حديث خاص لـ"
عربي21" حول التشديد الأمني في مدينة المزار الجنوبي: "لا أستبعد وجود خلايا لتنظيم الدولة داخل البلاد، لذلك لا بد من اتخاذ الاحتياطات الأمنية الكاملة، وعدم ترك أي شيء للصدفة، حتى لا نندم حين لا ينفع الندم".
واعتبر الخبير الأمني أن هذه الإجراءات الأمنية "ناتجة فيما يبدو عن استشعار أو معلومات أمنية أولية، تفيد بأن هناك خطرا محتملا"، ولكن الدكتور الطراونة قلل من هذا الخطر، الذي اعتبره "صعب الحدوث في بلد تتخذ فيه الأجهزة الأمنية كل طاقاتها واستعداداتها للحيلولة دون وقوع أي مكروه لمواطنيه".
وأشار الطراونة إلى أن "الأردن يعيش في جوار ملتهب، لا بد فيه من الاستعداد لأي طارئ أو أي انتقال لما يتم في هذا الجوار إلى الداخل الأردني"، معولا على "يقظة الأجهزة الأمنية والحس الأمني لدى المواطن الأردني".
ووفقا للطراونة، فإن تقديرات أمنية أردنية حديثة، أفادت أن "الأردن يواجه خطرا حقيقيا يتمثل في إمكانية إقدام تنظيم الدولة على تنفيذ عمليات تفجيرية ضد مصالح خاصة وعامة"، مؤكدة هذه التقديرات، أن "البلاد تواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى تهديدا حقيقيا بعمليات إرهابية من تنظيم داعش، وكل من له صلة به".
في حين كشفت هذه التقديرات أن "الأردن قام بتشكيل لجنة من مديريتي الأمن العام والمخابرات العامة ووزارة السياحة، لتنظيم جولات تفتيشية على مراكز التسوق والمطاعم والمقاهي، وتأكيد التزام هذه الأماكن بتطبيق الإجراءات الأمنية الواجبة وتفعيل أجهزة التفتيش لديها".
وطبقا للطراونة، فإن هذه التقديرات "تضمنت إجراءات أمنية عبر نشر رجال أمن يرتدون لباسا مدنيا بأعداد كبيرة في الأماكن المعرضة لخطر الاستهداف".
أما عن شكل الاستهداف المحتمل، أشارت التقديرات الأمنية إلى أن "إمكانية سعي تنظيم الدولة لاستهداف مؤسسات ووزارات سيادية، عوضا عن التفكير باستهداف مراكز تسوق ومطاعم".
يشار إلى أن تنظيم الدولة أصدر مؤخرا رسالة جديدة بعنوان "رسالة إلى الأردن"، توعد من خلالها باستهداف النظام الأردني وجيشه.