فاجأ قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي المصريين بخطاب دعم مفتوح للشرطة المصرية وممارساتها، في توقيت خاطئ ومتعمد في نفس الوقت، وفق حقوقيين وسياسيين.
وكان السيسي قد زار الخميس كلية
الشرطة، في وقت تتعالى فيه الأصوات لوقف
التعذيب الذي أدى إلى تزايد حالات الوفاة في أقسام الشرطة خلال الأيام الماضية، خرجت على إثرها مظاهرات عنيفة لاسيما في الأقصر.
وأدانت منظمة الكرامة الحقوقية في سويسرا، في بيان حصلت "عربي21" على نسخة منه، تهوين السيسي من عدد ضحايا التعذيب بأقسام الشرطة المصرية، واعتبرته استخفافا بحقوق المواطنين، ولا يتسق إلا مع منهج الأنظمة الفاشية، بحسب قول البيان الذي أكد أن حالات التعذيب ليست فردية إنما ممنهجة، طبقا للمعايير الحقوقية العالمية.
وانتقد الناشط الحقوقي، هيثم أبو خليل، توقيت الكلمة، قائلا: "توقيت الخطاب قبل أيام من ذكرى ثورة 25 يناير مذهل، في ظل الانتقادات الشديدة لهذا الجهاز المجرم الذي قتل ستة أشخاص تعذيبا في شهر".
دولة كيداهم
وأضاف لـ"عربي21": "خطاب السيسي لم يكن أقل استفزازا من رد
الداخلية على مقتل مواطنين داخل أقسام الشرطة"، معتبرا أن هدفه "بث روح اليأس في نفوس الناس، وأجهزة الدولة تتحرك باتجاه واحد: دولة كيداهم"، وفق قوله.
وأكد أن الكلمة بمنزلة "رسالة دعم للشرطة وليس الشعب، وهو ما أكده بنفسه، وأنه لا يرى غضاضة في سقوط عدد قليل من المواطنين نتجية التعذيب". ورأى أبو خليل أن خطاب السيسي "يكرس لسياسة الإفلات من العقاب، وعدم المساءلة".
التعذيب الطريق الأسهل
أما الخبير الأمني، العميد محمود قطري، فرأى أن "السيسي مخدوع في الشرطة بالرغم من وطنيته"، لأن "الشرطة خادعة ومتلونة، فالقاعدة الأساسية لديهم: كله تمام يا فندم"، بحسب تعبيره.
وقال لـ"عربي21": "جميع القيادات الشرطية الموجودة ربيبة عهد نظام مبارك والعادلي، ومنهجها السمع والطاعة، وهو منهج عقيم متجمد من أجل الترقي، وليس التطوير"، مشيرا إلى أن "الإقصاء هو مصير من يعترض أو يحتج، فقيادات الداخلية موظفون كبار وليسوا قيادات"، كما قال.
وأكد أن "التعذيب في الشرطة منهجي، ولكن غير متعمد، بمعنى أن الضابط لا يوجد أمامه سوى أسلوب واحد لكشف أي جريمة هو تعليق المشتبه بهم، وهي أسهل وأسرع طريقة، وتتم بعلم الوزير والغفير"، وذلك "بدلا من اللجوء إلى الطرق العلمية لأنها مكلفة، وغير متوفرة".
ورأى أن "إعداد الفرد في المعاهد الشرطية خاطئ، ولا يطبق عليهم برنامج نفسي، خاصة إذا علمنا أنهم يتلقون تدريبات قاسية تجعلهم أكثر ميولا للعنف، بل يقال لهم في طوابير المشاة: قف، انفخ صدرك، ارفع رأسك، امش اتعاجب بنفسك، أي سِر بكل خيلاء، وكبر".
خطاب منفصل عن الواقع
بدوره، علق المتحدث باسم التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، محمد أبو هريرة، على خطاب السيسي، قائلا: "خطاب السيسي منفصل عن الواقع، ويؤكد أن التقارير الموجودة على مكتبه مضللة"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"عربي21": "يقول إن هناك حالة أو حالتين، وأقول له لقد قضى أربعة في مراكز الشرطة من التعذيب في أسبوع، وقتل ما يقرب من 350 مواطنا منذ 30 حزيران/ يونيو في أقسام الشرطة والمقرات الأمنية والسجون".
وتابع: "توقيت الخطاب غريب، ويعد تحريضا للشرطة على ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق المواطنين، هي رسالة للشرطة، أنه معهم، و(وراء) ظهرهم، وما يحدث حالات فردية"، مضيفا: "الخطاب خطيئة كبيرة ومن أكبر الخطايا منذ 30 حزيران/ يونيو".
دعم العنف بخطاب رسمي
بدوره، استهجن عضو الاشتراكيين الثوريين، محمود عزت، الرسالة التي تضمنتها كلمة السيسي، وقال لـ"عربي21": "في الوقت الذي يتزايد فيه الغضب تجاه ممارسات الشرطة، يقوم السيسي بزيارة غير مخطط لها لطلاب الشرطة، للتضامن معهم، وشكرهم، ضاربا بعرض الحائط شعور الشارع".
وأضاف: "رأس النظام يدعم العنف بخطاب رسمي"، متوقعا أن "يكون هناك رد فعل مع تزايد هذا العنف الشرطي، من خلال ما يسمعه الجميع من نبرات ساخطة في الشارع"، كما قال.
وبيًن أن "الخطاب يتسم بنبرة استحقار للشعب، وتهوين لقيمة المواطن، فهذا النظام لا يحمل في يده غير العصا، ولا يوجد لديه أي نية للإصلاح"، معتبرا أن "ما يحدث أسوأ ما مر على المصريين منذ عقود".
شواهد على التعذيب
المتحدث الرسمي باسم حركة طلاب ضد الانقلاب بجامعة الأزهر، محمود الأزهري، كانت له تجربة خاصة، هو وبعض زملائه مع أقسام الشرطة، وقال لـ"عربي21": "احتجزت في أقسام الشرطة سابقا، وهناك التعذيب البدني أو اللفظي، لكل فرد أيا كان عمره أو جنسه أو حالته الصحية أو العقلية".
وتابع: "بحكم تجربة زملاء لنا، فمقرات أمن الدولة هي أسوا أماكن التعذيب، تليها مقرات الأمن المركزي، ثم أقسام الشرطة، ثم السجون، وما يتم فيها من حفلات استقبال، ينم عن أن ما يحدث هو منهج نظام بالكامل لترويع الشعب وتخويفه"، وفق قوله.