يخضع الصحفي السوري محمد الخطيب للعلاج في إحدى المشافي الميدانية في محافظة إدلب، بعد تعرضه لضرب مبرح على يد عناصر حرس
الحدود التركي الأحد، قبل إعادته إلى
سوريا.
وكان من المفترض أن يكون الخطيب، الذي يعمل في مركز حلب الإعلامي، في الوقت الراهن حاضرا في ورشة للتدريب الإعلامي في مدينة عنتاب التركية، تقيمها مؤسسة دولية داعمة للعمل الإعلامي، لكن إغلاق السلطات التركية لمعابرها الحدودية على الأراضي السورية، دفع به إلى محاولة العبور بطرق غير شرعية، وكان ما كان.
يصف الخطيب ما تعرض له في ذلك اليوم: "لقد كان التعب ينتابني بعد تجاوزي للخندق في محيط مدينة حارم الحدودية، حينها سمعت صراخ عناصر الحرس من بعيد، فتجمدت في مكاني، وعلى الفور قمت باستخراج جواز سفري والبطاقة الصحفية حتى أعرفهم على طبيعة عملي".
ويضيف لـ"
عربي21": "أعطيتهم الأوراق لكن ما كان منهم إلا أن ألقوها جانبا، وجردوني من ثيابي باستثناء ملابسي الداخلية، وانهالوا علي ضرباً بالحزام العسكري، ولم تجد كل الصرخات التي كنت أطلقها نفعا، إلا بعد أن تلقيت ركلة من أحدهم على عيني، وحينها توقفوا عن ضربي".
ويتابع الخطيب بسخرية: "عندما كان يواجه جسدي العاري الضربات، كان يحضرني حينها التصريحات المتكررة للمسؤولين الأتراك، (لن نغلق حدودنا بوجه السوريين)، لكنهم أغلقوها، لعن الله السياسة والحرب".
ولم ينس الخطيب، رغم أوجاعه توجيه الشكر للحكومة التركية على ما قدمته للسوريين على مدار عمر الثورة، لكن مقدار الألم الذي يعانيه جعله يعاود التفكير بكلمات الشكر ليردفها بعتاب آخر: "الشعب السوري يشهد حربا قاسية تتدخل فيها روسيا وإيران وغيرهما، فهل من اللازم أن يتخلى عن هذا الشعب من يقول مرارا إنه يقف إلى جانبه؟".
ويختم الخطيب بسرد فصل أخير مناقض للرواية التي أسلفها فيقول: "بعد أن تلقيت ركلة على عيني وكأن عناصر الحرس حينها رقوا لحالي، وخصوصا بعد أن فتشوا في كمبيوتري الشخصي، وتصفحوا ما فيه من صور كنت التقطتها للمجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق المدنيين في مدينة حلب، وحينها أشعلوا نارا للتدفئة، وجهزوا لي كوبا من الشاي، لكنهم ومع كل ذلك رفضوا السماح لي بالعبور بحجة أن القانون التركي يمنع ذلك".
وقبل يوم واحد من حادثة الخطيب، تعرض الصحفي السوري ضياء دغمش لاعتداء مباشر من قبل عناصر حرس الحدود الأتراك، عندما كان في طريق عودته إلى الأراضي التركية بعد أن أمضى فترة تقارب الشهر في الداخل السوري.
وعلى الرغم من حيازة دغمش على إقامة تركية نظامية، وحيازته أيضا أوراقا تثبت طبيعة عمله الصحفي، إلا أن ذلك لم يحل دون تعرضه للضرب المبرح أيضا.
ومثل الخطيب ودغمش أيضا، لقي الناشط الإعلامي السوري الكردي أبو المجد كوملة مصيرا مشابها. وعلى الرغم من انقضاء فترة تزيد عن الأسبوع على تلك الحادثة، إلا أن النزف الدموي الشرجي العصي على حد تشخيص الأطباء المحليين في الداخل السوري، لم يتوقف، ولا زال طريح الفراش.
كوملة، الناشط الإعلامي في حلب وريفها، أكد تعرضه للضرب المبرح من قبل عناصر الحرس الحدودي الأتراك بأخمص البنادق، كما تعرض للضرب بالبوط العسكري في كل مكان في جسده.
ويحتاج كوملة، الذي قدم تقريرا طبيا لـ"
عربي21" يثبت حالته، إلى متابعة العلاج، لكن إغلاق المعابر الرسمية يحول دون تلقيه الرعاية في
تركيا.
ولا يخفي كوملة عتبه على الجانب التركي، لكنه بالمقابل يضع جانبا كبيرا من لومه على القائمين على أمور المعابر من الجانب السوري، فهم برأيه أصل المشكلة.
ومعروف محليا أن كوملة يتمتع بقدر كبير من الروح الدعابية، لذلك ختم حديثه داعيا الله أن يبعد معد التقرير عن ملاقاة عناصر حرس الحدود التركي (الجندرما).
وفي المقابل، عبر الناشط التركي من أصول سورية، عادل داوود أوغلي، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك؛ عن توجسه من انتشار صور
الصحفيين المعتدى عليهم، متسائلا: "ما هي الغاية من نشر هذه الصور؟ وهل أدت طريقة هذه المعالجة غايتها".
وقال في التدوينة ذاتها: "يجب توثيق هذه الحالات وعرضها عن طريق محام تركي على الادعاء العام الجمهوري، وكل من يدعي بأن القضاء التركي لا يهتم بمثل هذه الحالات فعليه إثبات الدليل، ما هكذا تنال الحقوق، وهذا الأسلوب لا يخدم إلا أعداء الشعب السوري"، وفق قوله.
من جانبها، كشفت نور حميسي، المنسقة في "حاضنة الإعلام السوري"، وهي مركز تابع لمؤسسة "سي إف آي" الفرنسية، عن مشروع يقوم به المركز بالتعاون مع السلطات التركية لتنظيم شؤون دخول المتدربين الإعلاميين السوريين إلى الأراضي التركية بطريقة شرعية، متمنية في حديث لـ"
عربي21"، إنجاز هذا الأمر في أقرب وقت ممكن.