نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، حول
شبهات فساد تتعلق باستضافة
روسيا للبطولة العالمية لألعاب القوى، وتورط الاتحاد الدولي لألعاب القوى في صفقة مشبوهة مع الأطراف الروسية.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن شبهات فساد ورشوة تحوم حول الرئيس السابق للاتحاد الدولي لألعاب القوى،
لمين دياك، الذي أشرف على رئاسة الاتحاد حتى آخر شهر آب/ أغسطس المنقضي.
وذكرت أنه تم اعتقال لمين دياك في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، والتحقيق معه في تهم تتعلق بتبييض الأموال والفساد المالي. وشملت التحقيقات أيضا مساعديه حبيب سيسي وغابريال دولي، المسؤولين عن الفحوصات الطبية ومكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي لألعاب القوى.
وأضافت الصحيفة أن لمين دياك تورط بصفة مباشرة مع رئيس الاتحاد الروسي لألعاب القوى، فالنتين بالاخنيسيف، في التستر على نتائج الفحوصات التي أثبتت تعاطي الرياضيين الروس للمنشطات في البطولة العالمية لألعاب القوى في سنة 2013.
وبينما اعترف الرئيس السابق للاتحاد الدولي لألعاب القوى بعلاقته المشبوهة مع فالنتين بالاخنيسيف، فقد نفى رئيس الاتحاد الروسي تورطه مع دياك في قضايا مماثلة. وأقر لمين دياك، في أحد اعترافاته، "بأنه لم يكن هناك اتفاق كتابي بين الطرفين، إلا أن الاتفاق حدث قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية في
السنغال في سنة 2011".
وذكرت الصحيفة أن الاتفاق بين فالنتين بالاخنيسيف ولامين دياك كان يقضي بتستر الاتحاد الدولي لألعاب القوى على نتائج الفحوصات أو تأجيلها، مقابل دعم مادي من الحكومة الروسية، يتمثل في دعم الحملة الرئاسية للرئيس الحالي، مكي سال، بمبلغ مالي قيمته 1.5 مليون يورو.
وأضافت الصحيفة أن أحد المسؤولين عن الحملة الانتخابية للرئيس الحالي، الذي فاز على منافسه عبد الله واد في سنة 2012، نفى تلقيه مساعدات مالية من روسيا. بينما تمت ترقية لمين دياك إلى رتبة قائد مباشرة بعد فوز مكي سال، وتولت الحكومة السنغالية مهمة الدفاع عنه في المحاكم الدولية.
وأكدت الصحيفة أن المسؤولين الروس رفضوا تقديم توضيحات حول المعطيات التي كشفتها "لوموند"، في ما يتعلق بالدعم المالي الذي قدمته روسيا للحملة الانتخابية في السنغال، إلا أن رد المسؤولين السنغاليين على التساؤلات نفسها لم يكن مختلفا.
وعلى الرغم من اعتراف لمين دياك أثناء التحقيق معه، بوجود اتصالات بينه وبين الرئيس الروسي فلادمير بوتين منذ سنة 2006 حول استضافة روسيا لبطولة العالم لألعاب القوى، إلا أن الطرف الروسي أكد أنه "لا مصلحة لروسيا بالتدخل في الشأن الداخلي للسنغال".
وذكرت الصحيفة أن علاقة لمين دياك بالمسؤولين الروس كانت جيدة حتى أواخر سنة 2013، حيث التقى الرئيس السابق للاتحاد الروسي بوزير الرياضة الروسي، فيتالي موتكو، خلال مأدبة عشاء على شرف لمين دياك.
وذكر الحبيب سيسي، المستشار القانوني لدياك، أن وزير الرياضة الروسي سأل دياك عما إذا كان يرغب هو نفسه في الترشح للانتخابات الرئاسية، وأكد له أن "كل شيء يتوقف على دعمهم.. إذا أراد ذلك".
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من الاتفاقيات المشبوهة والعقود المغرية التي أبرهما لمين دياك مع الطرف الروسي، إلا أن مثل هذه العمليات لا تخلو غالبا من خلافات تتعلق بالمصالح الشخصية للطرفين.
وارتبطت الإشكاليات العالقة بين الطرفين بالربح المتعلق ببيع حقوق البث والتسويق للشركات والبنوك الروسية، حيث تعلقت المساومة بين الطرفين حول هذا الموضوع، وبجواز السفر البيولوجي الذي يتضمن نتائج الفحوصات الطبية للرياضيين الروس.
وذكرت الصحيفة أن الحبيب سيسي أصدر في تشرين الثاني/ نوفمبر قائمة تضم أسماء الرياضيين الروس، الذين تضمنت جوازات سفرهم البيولوجية معطيات حول تعاطيهم منشطات. وقد اختلف لمين دياك مع مستشاره القانوني، الحبيب سيسي، حول طريقة التعامل مع الشبهات التي تتعلق بجوازات السفر البيولوجية للرياضيين الروس.
وبينما كان دياك يعتمد على الوصول إلى اتفاق مع الطرف الروسي مقابل تأخير نشر ملفات الرياضيين الروس، اعتبر سيسي أنه لا يمكن المساومة في هذا الملف. وأضافت الصحيفة أن لجنة التحقيق الخاصة قد توجه للحبيب سيسي، المستشار القانوني للاتحاد الدولي لألعاب القوى، تهما تتعلق بتضارب المصالح، خاصة أن الأخير يشغل مسؤولية رسمية في الاتحاد الروسي لألعاب القوى.
وذكرت الصحيفة أن غابريال دولي، المسؤول عن مكافحة المنشطات في الاتحاد الدولي لألعاب القوى، متورط إلى جانب دياك وسيسي في التستر على ملفات رياضيين روس، من بينهم ليليا شابيكوفا التي تم استبعادها في الألعاب الأولمبية لسنة 2012 في لندن، بسبب ملفها المشبوه.
وأكد غابريال أن كلا من الحبيب سيسي ولمين دياك قد تلقيا مبالغ مالية ضخمة على دفعات متتالية من الأطراف الروسية في عدد من المناسبات. وأضافت الصحيفة أن التحقيقات كشفت تورطا خطيرا لعدد من المسؤولين من الاتحاد الدولي لألعاب القوى، في قضايا الفساد المالي وتبييض الأموال، إلا أن بعض المسؤولين الآخرين نفوا علاقتهم أو مشاركتهم في العمليات المشبوهة التي قادها لمين دياك ومسؤولون آخرون في الاتحاد.
ومن بين هؤلاء المسؤولين هنالك شيخ ثياري، مدير مكتب رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، الذي نفى لصحيفة "لوموند" تورطه في قضايا الفساد التي أطاحت بمسؤولين كبار.
وذكرت الصحيفة أن بريدا إلكترونيا عثر عليه المحققون في الحاسوب الشخصي للمين دياك أثبت التورط الخطير لعدد من المسؤولين من الاتحاد الدولي وخارجه، في قضايا الفساد المالي والرشوة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن آخر المعطيات تشير إلى أن بابا ماستا دياك، أحد أبناء لمين دياك، متورط هو الآخر في أغلب هذه القضايا، وقد أجاب لمين دياك عندما سأله المحققون عن قضية تلقي رشوة من أطراف روسية بالقول: "اسألوا بابا ماستا دياك عن ذلك".