كشف تقرير أعدته إريكا سولومون في صحيفة "فايننشال تايمز"، عن حجم
الفساد داخل
تنظيم الدولة. وجاء فيه أن التنظيم ربما زعم بأنه يخوض حربا من أجل الإسلام، إلا أن هذا لم يمنع تأثر التنظيم بالفساد المستشري، الذي تعاني منه المنطقة، خاصة الأنظمة العلمانية في
العراق وسوريا، التي يحارب التنظيم كي يطيح بها.
وتشير أدلة جمعتها الصحيفة من مقاتلين سابقين إلى أن التنظيم لديه "
مقاتلون وهميون" يقاتلون في البلدين.
وتقول سولومون إن الحكومة العراقية شجبت قبل عام ما يعاني منه الجيش العراقي من أزمة فساد، حيث كشف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن وجود أكثر من 50 ألف جندي وهمي مسجلين في قوائم الجيش العراقي، حيث يتلقون رواتب دون أن يخدموا في الجيش.
وينقل التقرير عن قيادي سابق، يدعى عمر وقاتل في صفوف تنظيم الدولة قبل عام قبل أن يهرب، قوله إن الشيء ذاته يحدث في تنظيم الدولة، ويضيف: "لديك قائد جبهة يتقدم للحصول على رواتب 250 مقاتلا، وفي الحقيقة هناك 150 مقاتلا فقط". ويتابع عمر، وهذا ليس اسمه الحقيقي: "عندما اكتشف المسؤولون الخطة، صاروا يرسلون مسؤولين إداريين لتوزيع الرواتب، وبعد ذلك اتفق القادة مع الإداريين على الخطة"، أي الفساد.
وتورد الصحيفة نقلا عن المقاتلين والعاملين السابقين قولهم إن رفض تنظيم الدولة للحكومة العراقية وممارساتها لا يعني أنهم لا يقلدون النظام البيروقراطي، الذي كان مدعاة للفساد.
وتبين الكاتبة أن المسؤولين الذين يختارهم التنظيم لإدارة الزراعة ودعم المواد الغذائية، يتبنون الأنظمة ذاتها التي تبنتها الأنظمة الحاكمة في كل من العراق وسوريا، بما في ذلك استخدامهم المفرط للأوراق الرسمية والأختام.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن السكان المحليين قولهم إن تنظيم الدولة دمج المؤسسات القديمة، التي أكدت أهمية الولاء، مقابل توفير الحماية والمال. ومع توسع التنظيم زاد اعتماده على المقاتلين والمسؤولين، الذين يهتمون بالمكافأة المالية أكثر من الأيديولوجية. وفي
سوريا مثلا اعتمد تنظيم الدولة على المسؤولين أنفسهم، الذين كانوا يعملون سابقا مع نظام بشار الأسد.
وتلفت الصحيفة إلى أن أبا رشيد، الذين كان يعمل صيدلانيا في مستشفى في بلدة الميادين في شرق سوريا، فوجئ عندما عين تنظيم الدولة مسؤولا عزله النظام السابق، بعد اتهامه بالاختلاس، ويبدو أنه حاول فعل الشيء ذاته مع تنظيم الدولة. وقام بالتوقيع على عشرات الطلبيات من الأدوية، وعندما حصل على المال قام بحرق الأوراق حتى لا يتم ضبطه.
وتورد سولومون نقلا عن مسؤول غربي قوله: "لا شك أن أثار السلطة تحولهم إلى شيء يشبه النظام الفاسد والمستبد".
ويستدرك التقرير بأن المسؤولين الأمنيين يقولون إن تنظيم الدولة لا يتسامح مع الفساد، مثل الأنظمة السابقة، وعادة ما يتحدث السكان عن فعالية المقاتلين وغياب الفساد، ويقولون إن هذا هو السبب الذي يدعوهم للتسامح مع تنظيم الدولة.
ويقول المسؤول الغربي للصحيفة: "الحقيقة هي أن الأمور كانت قبل سيطرتهم على الموصل فاسدة، وكانوا يتعاملون مع الفساد بطريقة قاسية". وبالنسبة لأبي رشيد لم تكن المعاملة قاسية بما فيه الكفاية، فعندما اكتشف المسؤولون مؤامرة المسؤول الفاسدة، قاموا بحلق شعر رأسه ولحيته لإهانته امام الناس، وأجبروه على الدخول في مساق ديني، ويعلق أبو رشيد قائلا: "ولكن، بحسب القوانين التي يعملون بها، كان يجب أن يقطعوا يديه".
وتفيد الكاتبة بأن السكان في العراق وسوريا يرون أن هناك نقاطا ضعيفة في نظام تنظيم الدولة، وهي التي تفتح باب الفساد. ويشيرون إلى تهريب البشر. فنظرا لمنع التنظيم السكان من مغادرة أراضيه، يقوم هؤلاء بتقديم الرشوة للمقاتلين الذين يغضون الطرف عنهم عندما يمرون على نقاط التفتيش.
وينوه التقرير إلى أن فضائح الفساد أصبحت حديث المقاتلين السابقين، الذين يتحدثون عن أمراء يهربون ثرواتهم عبر الحدود التركية، ومن ثم يختفون.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن القيادي الذي عمل مع تنظيم الدولة في منطقة دير الزور، يقول إن أميرا يعرف باسم أبي فاطمة التونسي، فر ومعه 25 ألف دولار من أموال الزكاة. وقال إن الأمير الهارب ترك تغريدة على الإنترنت، يقول فيها: "أي دولة، أي خلافة، أنتم حمقى".