أثار ترحيل السلطات الأردنية نحو 800 سوداني، جدلا حقوقيا واسعا نددت فيه المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، لا سيما أن هذا الإجراء جاء على الرغم من أنه يشكل تهديدا مباشرا على سلامتهم وحريتهم في ضوء السجل الحقوقي المنتقد في
السودان، على حد قولها.
وينتمي غالبية طالبي اللجوء السودانيين المرحلين، إلى مناطق وبؤر النزاعات المسلحة العديدة في السودان، خاصة إقليم دارفور، الذي لا يزال يشهد نزاعا للعام الثاني عشر على التوالي.
هذا الترحيل أثار تساؤلا عن مدى قانونيته، إلا أن الأردن لم يوقع على الاتفاقية الخاصة باللاجئين عام 1951، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان يرون أن ذلك ليس له علاقة بتوقيع الأردن من عدمه.
وينص أحد الأحكام الرئيسة في هذه الاتفاقية على "عدم جواز إعادة اللاجئين"، ويعني ذلك قانونيا "حظر الطرد أو الرد إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد"، كما أنها تحدد الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين لا تشملهم هذه الاتفاقية، إلا أن الخطوة الأردنية تشكل نقضا لتقاليد إيجابية لطالما التصقت بالأردن، ومخالفة لأحد الأعراف الدولية حقوقيا.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية، أوضحت في بيان لها نشرته في وقت سابق على موقعها على الإنترنت، أن القرار الحكومي الأردني "يخرق مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي، الذي يحظر على الحكومات إعادة الأشخاص إلى أماكن حيث يتعرضون للاضطهاد أو التعذيب، أو معاملة أو عقوبات غير إنسانية أو مهينة".
وقال نائب المدير التنفيذي في قسم الشرق الأوسط في المنظمة، جو ستورك، إنه "بغض النظر عن كيفية دخولهم إلى البلاد، فإنه لا يوجد عذر للأردن لترحيل طالبي اللجوء الضعفاء إلى السودان".
من جهتها، أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، بيانا حصلت "
عربي21" على نسخة منه، عبرت فيه عن استهجانها وعميق قلقها لقرار الحكومة الأردنية ترحيل المئات من طالبي اللجوء السودانيين، بعد فض اعتصامهم أمام مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وحذّرت من أن هذا القرار "يعد انتهاكا لحقوق طالبي اللجوء"، مضيفة أن "قرار السلطات الأردنية بترحيلهم إلى بلدهم السودان يشكل مبعثا لخطر محقق على سلامتهم وحريتهم في ضوء السجل الأسود لنظام الحكم في السودان في مجال حقوق الإنسان"، وفق ما أوردته في بيانها.
وتوجهت المنظمة إلى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بمطالباتها لوقف هذا القرار الذي وصفته بـ"الخطير"، راجية "العمل على معالجة أوضاع هؤلاء الضحايا بالتعاون مع الأمم المتحدة، وفق مسؤولياتها".
يشار إلى أن إجراءات ترحيل المئات من اللاجئين السودانيين، انتهت الأحد الماضي.
وكان اعتصام مفتوح لمئات السودانيين، من طالبي اللجوء في الأردن، خلص إلى نهاية "دراماتيكية" الأربعاء الماضي، بعد أكثر من شهر ونصف من الاعتصام أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، طلبا للاعتراف بهم كلاجئين، حيث بادرت الحكومة بتنفيذ من قوات الدرك والأمن العام إلى إنهاء الاعتصام، ونقل المعتصمين إلى مطار الملكة علياء الدولي تمهيدا لترحيلهم إلى السودان.
وقال الناطق الإعلامي باسم المفوضية، محمد الحواري، وفق ما نقلته صحف محلية أردنية، إن إجراءات ترحيل اللاجئين السودانيين انتهت فجر الأحد، حيث أقلت ثلاث طائرات الجمعة 430 لاجئا، وتلتها طائرتان فجر السبت حملتا 180، ليصل المجموع إلى 600.
مصير السودانيين غير المرحلين
وتأتي الإجراءات الحكومية في حين يقدر عدد السودانيين المعنيين في الأردن قبل ترحيل المجموعة الأخيرة بنحو 2500 شخص، ما يشير إلى بقاء نحو 1700 سوداني من إقليم دارفور.
وعلّق وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، لصحيفة "الغد" الأردنية، على مصير من تبقى من اللاجئين السودانيين الذين لم يكونوا ضمن المعتصمين أمام المفوضية، بالقول إن "الآخرين ممن لم يتم ترحيلهم من السودانيين أوضاعهم قانونية ويلتزمون بالقانون".
وأشار الحواري بدوره الى أنه سيتم التعامل مع هؤلاء المتبقين في الأردن كأي لاجئ سوداني إلى حين إيجاد حل لهم، ومن ضمن هذه الحلول توطينهم في بلد ثالث، أو في حال استقرار الأوضاع تجري إعادتهم طوعيا إلى بلدانهم.
الجدير بالذكر أن غالبية السودانيين يقطنون في العاصمة الأردنية عمّان، ويتوزع عدد قليل منهم في محافظات الوسط، وقامت السلطات في البلاد، مؤخرا باحتجاز عدد منهم ممن خالفوا قانون العمل الأردني، بعد أن انخرطوا في سوق العمل، الأمر الذي اعتبرته السلطات مخالفا للقانون، كونهم لا يحملون صفة اللجوء أو تصاريح العمل الرسمية.