نقلت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب تسريبات من تقرير حكومي يدين المستشار
هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في
مصر، ويطالب بتقديمه للمحاكمة الجنائية، بزعم الإضرار بمصالح البلاد.
ويتعرض المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لحملة انتقادات شرسة من مؤيدي الانقلاب، بعد تصريحاته عن وجود فساد هائل بمؤسسات الدولة كبدت الخزانة العامة خسائر بلغت نحو 600 مليار جنيه خلال عام 2015 فقط.
ومن المقرر أن تعلن لجنة تقصي الحقائق، التي أصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي أمرا بتشكيلها الأسبوع الماضي، تقريرها يوم الثلاثاء حول مدى صحة تصريحات جنينة.
وأثارت هذه التصريحات جدلا واسعا، حيث أكد كثير من مؤيدي الانقلاب أن هذه التقديرات مبالغ فيها، خاصة أن حجم الموازنة العامة لمصر يقدر بنحو 750 مليار جنيه، لكن مراقبين ونشطاء أوضحوا أن التقديرات التي ذكرها جنينة تتناول الفساد في البلاد بشكل إجمالي، وليس الفساد الحكومي وبنود الموازنة العامة فقط.
مفاجأة كبرى
وتوقعت صحيفة "اليوم السابع" أن تعلن اللجنة عن مفاجأة كبرى بشأن عدم دقة التقديرات التي أعلنها جنينة، وأن تصدر "توصيات عاجلة" تتعلق بمصير رئيس جهاز المحاسبات.
وشككت الصحيفة في صدق نوايا جنينة عند إدلائه بتصريحاته الأخيرة التي أثارت جدلا واسعا، وتساءلت: من أين استقى معلوماته غير الدقيقة؟ وما هي الجهات التي ساعدته لجمعها؟ ولماذا لم يتحدث طوال العام الماضي عن الفساد قبل أن يصل إلى هذا الرقم الضخم؟.
وأضافت: لمصلحة من يعلن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أرقام غير دقيقة تتناقض مع حساسية منصبه؟ ولماذا يتجاوز القواعد والصلاحيات الممنوحة له ويعلن عن قضية فساد ضخمة في وسائل الإعلام دون وثائق تؤكد صحة تصريحاته؟.
وأكدت أن اللجنة ستعلن الحقائق للرأي العام، كما ستعلن طبيعة الإجراءات التي سيتم اتخاذها تجاه هشام جنينة التي من المتوقع أن تكون قرارات رادعة تحول دون تكرار مثل هذه الجرائم.
دعوى تطالب بإقالة جنينة
وفي سياق آخر، تنظر محكمة الأمور المستعجلة، الثلاثاء، دعوى قضائية تطالب بإقالة هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه؛ لاتهامه بالإدلاء بتصريحات تهدد الأمن القومي وتضر باقتصاد البلاد.
وتتضمن الدعوى اتهام جنينة بإثارة حالة من الهلع الشديد بين الشعب المصري بعدما كشف حجم الفساد في البلاد دون أن يقدم دليلا حقيقيا على صحة كلامه.
وطالبت الدعوى بإصدار حكم قضائي بإعفاء جنينة من منصبه، استنادا إلى القانون الذي أصدره
السيسي عام 2015، والذي يعطي لرئيس الجمهورية الحق في إقالة رؤساء الأجهزة الرقابية إذا ثبت إخلالهم بواجبات وظيفتهم أو تسببوا في الإضرار بمصالح الدولة، أو شابت سمعتهم اتهامات تفقد المجتمع الثقة فيهم.
وقال الإعلامي أحمد موسى إن تقرير اللجنة سيكشف للرأي العام حقيقة هشام جنينة، وأنه يدين بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين ولا يريد خيرا لمصر.
وكان السيسي قد أصدر قرارا يوم 26 كانون أول/ ديسمبر الماضي، بتشكيل لجنة برئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية ممثلين عن وزارات التخطيط والمالية والداخلية والعدل والمستشار هشام بدوي نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لتقصي الحقائق ودراسة ما جاء في تصريحات جنينة، وألزمها بإعداد تقرير يعرض عليه في غضون أسبوعين بهذا الشأن، ويتم إطلاع الرأي العام على نتائج أعمالها إعمالا لمبدأ الشفافية.
مأزق كبير
أما الصحفي خالد صلاح، فقال إن المستشار هشام جنينة سيواجه مأزقا كبير يوم الثلاثاء، بعد عرض لجنة تقصي الحقائق تقرير على الرئيس السيسي، حسب قوله.
وأضاف صلاح، عبر برنامجه على قناة النهار مساء الاثنين، أنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كان المأزق الذي سيواجهه جنينة سياسيا فقط أم قانونيا أيضا، في إشارة إلى إمكانية خضوعه للمحاكمة الجنائية ودخوله السجن بسبب تصريحاته غير الصحيحة.
وتابع قائلا: يجب على رئيس جهاز المحاسبات الرد على أسئلة كثيرة جدا في الأيام المقبلة، وسيكون في كل الأحوال مدانا، فهو إما مخطئ لتجاهله هذا الحجم المهول من الفساد داخل الدولة ولم يتحدث عن هذا الأمر من قبل، وفي هذه الحالة يجب أن يتم محاسبته، أو أنه مغرض والتقديرات التي ذكرها غير صحيحة، وفي هذه الحالة يجب أن يحاكم".
واختتم صلاح تصريحاته باتهام جنينة بشكل صريح بأنه في مكان غير مناسب، ويستخدم وجوده على رأس جهاز المحاسبات لأغراض خاصة، وأنه متورط في صراعات متعددة مع جهات وأطراف كثيرة بالدولة، على حد قوله.
وتشهد العلاقة بين النظام الحاكم والمستشار هشام جنينة توترا شديدا، حيث يعد الرجل المسؤول الوحيد الذي تم تعيينه في عهد الرئيس محمد مرسي ولا زال باقيا في منصبه على غير رغبة النظام.
وكان السيسي قد أصدر قرارا في ديسمبر الماضي بتعيين نائبين جديدين لجنينة، دون استشارته، أحدهما على علاقة سيئة به، وهو المستشار هشام بدوي المساعد السابق لوزير العدل أحمد الزند، في إطار الضغط عليه لإجباره على الاستقالة، حيث يحظر الدستور إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات باعتباره جهة رقابية مستقلة ولا تخضع لسيطرة رئاسة الجمهورية أو الحكومة.