حمل خطاب المنقلب في برلمانه الانقلابي فيضا من فائض الكلام الذي لا لزوم له، والكذب والتزوير في زخرف قوله ومفردات خطابه، وسكت حيث يجب أن يتكلم وتكلم حيث يجب أن يسكت، وأسرف في كلام لا قيمة له في معناه ولا أثر له في الواقع، بل إن حقائق الواقع على خلاف منه والوقائع لا تصدقه وتقول له كذبت، وقد سكت عن ضرورات الناس وما يتعلق بمعاشهم، وعن مظاهر فشله المتكرر والمتراكم متهربا بل ومتورطا في دوائر الفساد واحتضانها، خطابه ينفصل عن الواقع بالحديث عن الأوهام والأكاذيب وفائض الكلام وممارسات الصمت الرهيب وتجاهل الضرورات والتحديات.
يقول المنقلب كذبا وتزويرا وافتراء: "إننا نقف في لحظة دقيقة وفارقة من عمر أمتنا، ولذلك فإن صدق الكلمات فرض ودقتها ضرورة والحق أنكم وصلتُم إلى مقاعدكم تلك نتيجة لانتخابات برلمانية تمت في مناخ آمن وأجواء شفافة شهد لها العالم كله بذلك، وكانت نتائج هذه الانتخابات تعبيرا جليا عن إرادة الشعب المصري العظيم واستكملنا - نحن المصريون – خارطة المستقبل التي توافقنا عليها جميعا يوم قررنا استعادة الوطن ممن أرادوا اختطافه لحســاب أهدافهـــــــم المنحرفــــــة ومصالحهــــم الضيقــــة، فكان رد المصريين عليهم ثورة وطنية شديدة النقاء نحصد ثمارها اليوم بهذه الكوكبة المحترمة من أبناء هذا الوطن ممثلين شعبه ومعبرين عن طموحه وآماله".
هذه الرواية الكاذبة أطلق كذبتها الأولى ذلك المنقلب وصحبه، فأما عن صدق كلماته فهو الكذاب الأشر، وأما عن وصول هؤلاء لمقاعدهم فلذلك قصة أنت تحاربها وتطمسها، وخارطة الطريق لم تكن إلا قاطعة طريق لمسار ديمقراطي ليست للمستقبل، ولكن تصادر أي مستقبل سياسي حقيقي لمصر، أما الثورة النقية فلم تكن إلا في محصلتها إنقلابا فاجرا في الثالث من يوليو، وأن هؤلاء لم يختطفوا الوطن ولكنهم أتوا بصناديق الانتخابات وأتيت أنت وصحبك بصناديق الذخيرة، واختطفتم أنت وسدنتك الوطن منكلين بكل من قال لا وشردتم وقتلتم وأعدمتم وطاردتم وحرقتم وخنقتم بدم بارد وبلا سقوف أو خطوط حمر، واستبحتم كل شيء، أما برلمانكم برلمان الانقلاب فلم يكن في حقيقة أمره من نواب محترمين بل هو برلمان المتاعيس والملاحيس والقراطيس.
يقول المنقلب يحاول طمس المستور وما ارتكبه من فضائح قانونية وتشريعية: "إنني أعلن أمامكم ممثلي الشعب بانتقال السلطة التشريعية إلى البرلمــــان المنتخــــب بإرادة حرة بعد أن احتفظ بها رئيس السلطة التنفيذية كإجراء استثنائي فرضه علينا الظرف السياسي وأدعوا أن يوفقكم الله سبحانه وتعالى" إلى ما فيه الصالح لهذه الأمة العظيمة وهذا الشعب الذي يُعلق عليكم آمالا كبيرة"، رواية كاذبة كبيرة لا آمالا كبيرة، أولا لقد اغتصبت سلطة التشريع من غير أدنى مراقبة وشكلت لجنة للإصلاح التشريعي وهي تقوم على إفساده وأصدرت كل ما يمكن لفسادك واستبدادك وظلمك وطغيانا، فجعلت الجور قانونا والظلم ناموسا، ومن العجيب أن تصطنع برلمانا على عين غدرك وخيانتك، صدق على كل ماقمت به في سويعات وأيام من بصمجيتك.
يقول المنقلب متبجحا وحال حقوق الإنسان أظهر من أن يعمى عليها بالحديث حول الديمقراطية والمؤسسات: "من هذا المكان من تحت قبة برلمان مصر، يعلن شعبنا للعالم كله أنه أرسى قواعد نظامه الديمقراطي وأعاد بناء مؤسسات الدولة الدستورية، لقد استطاع شعبنا العظيم أن ينتصر للحرية والديمقراطية، لقد استطاع أن يستعيد حلمه للمستقبل في مواجهة دعاوى الردة ودعاة التخلف، لقد استعادت الدولة المصرية بناء مؤسساتها الدستورية في إطار تتوازن فيه السلطات تحت مظلة الديمقراطية التي ناضلت من أجلها الجماهير وحصلت عليها كمكتسب لها لن تفرط فيه أبدا".
رواية تدلس على أصول الديمقراطية وتزور كل مكنوناتها، يقوم هؤلاء بانقلاب فاجر وتاجر ويتحدثون عن الديموقاطية ينتهكون المؤسسات ووظائفها ثم يتحدثون على المؤسسية، لقد انتقلوا من دولة الديكور إلى دولة الديكتاتور، وأقروا زمنا دولة كأن، وانتقلوا إلى دولة الضد فتحول البرلمان إلى بصمجية لا متابعة أو رقابة، وتحولت مؤسسات القضاء من أحكام العدل إلى ماكينة لصناعة الجور والظلم، وانتقلت من سيرة الإنصاف إلى أعلى درجات الإجحاف، أنت وصحبك من أعدتمونا إلى حالة الردة والتخلف، ودلستم على شعب بأسره فى مسرحية هزلية هي لعبة الشعب.
أما خطابه عن الإرهاب ذلك الخطاب الذي يستند إليه في شرعنة غصبه وانقلابه فيقول فيه: "لقد جابهنا معا موجة عاتية من إرهاب غاشم استهدفت الدولة المصرية بلا هوادة أو رحمة وأرادت أن تنشر الفوضى والخراب بين ربوع الوطن، استطعنا أن نكسر شوكة تنظيمات الإرهاب في الوادي وسيناء وعلى حدودنا الغربية، ولازلنا نواصل هذه المعركة بلا تراخٍ أو ملل".
تأتي رواية الإرهاب التي اصطنعها المنقلب بالتفويض الكاذب لمواجهة ما أسماه الإرهاب المحتمل، فروع شعبا وقتل نفوسا واستباح من الأرواح وطارد من عارضه وروع شعبا بأسره، فماذا فعل بإرهابه الذي اصطنعه وافتعله وماذا فعل بوطنه وشعبه وكرامة إنسانه ومواطنه؟
وفي خطابه الفنكوشي عن إنجازاته ومشاريعه القومية يقول: "في غضون العام ونصف العام، استطعنا "بفضل الله" وبعزيمة المصريين أن نقطع خطوات واسعة يفخر بها الشعب على طريق إنجاز مشروعنا الوطني، فقد بدأنا بتنفيذ شبكة الطرق القومية بأطوال تصل إلى 5 آلاف كلم وانتهينا من تشييد مجموعة من المطارات المدنية بالتزامن مع إنشاء وتطوير مجموعة من الموانئ البحرية، كما حققنا إنجازا غير مسبوق في تاريخ مصر من خلال تطوير شبكة الطاقة الكهربية، كما تم التوقيـع على إنشـــاء المحطــــة النوويـــة بالضبعــة والتي سيبدأ العمل بها في غضون الأسابيع القادمة، ولقد كان شق قناة السويس الجديدة وافتتاحها أمام الملاحة الدولية وإطلاق المشروع القومي لتنمية محور قناة السويس هما أيقونة إنجازاتنا والتي أعادت للمصريين ثقتهم في أنفسهم وفي قدراتهـم. كما بدأنا أيضا في المشروع القومي لاستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان في سياق تكوين مجتمعات عمرانية زراعية صناعية متكاملة قائمة على مفهوم التنمية المستدامة".
إنه لا يخجل، لا زال يردد عن مشروعات الفنكوش والتي تشير الأنباء إلى أنها مجرد مشروعات وهمية لحالة إعلانية من الإنجاز وهي في حقيقة الأمر علامات تراكم الفشل ومتواليته التي شكلت متلازمة مع النظام الانقلابي.
وفي حديث التزوير والكذب "كما كان للشباب نصيبٌ من جهود الدولة، حيث تضعهم الدولة في أولويات اهتمامها كونهم طاقة الحاضر وأمل المستقبل.. ولإدراكنا بأن هذا الوطن يتسع للجميع ولليقين بأن احتواء الشباب ضرورة، وإيمانا بأن أهم مشكلات الشباب هي إيجاد من يسمع لهم ويتفهم مطالبهم فقد بدأنا بإطلاق حوارٍ موسع لجميع أطياف الشباب المصري للوقوف على آمالهم وطموحاتهم والتفاعل الفوري مع مشكلاتهم".
فماذا عن أحلام الشباب التي وأدتها بلا أدنى درجات الرحمة، قتلتهم واختطفتهم وصفيتهم جسديا، ثم جعلت لهم عاما يحتفلون به، الاحتفال بسجنهم واعتقالهم، الاحتفال بقتلهم وتصفيتهم، الاحتفال بتهجيرهم ومطاردتهم؟ أين أنت يا حمرة الخجل؟!
أما حديثه عن الفقراء والكادحين فهو مهزلة المهازل: "منذ أن توليت مهمتي ومسؤوليتي، كان همي الأكبر وشاغلي الأساسي هم الكادحون والبسطاء من أبناء هذا الشعب، وكان التخفيف عنهم والارتفاع بمستواهم المعيشي على رأس أولويات الدولة"، نعم الكادحون همه الأكبر فأفقرهم وأسهم بتجويعهم غير مبال بهم، وشاغله الأساسي فاغتال معاشهم حتى أعدمهم فجعلهم من المعدمين.
ومن بين القضايا، التي غُيبت بشكل ملفت، كانت قضية سد النهضة وأزمتها، التي تمثل تحديا كبيرا للمصريين. وعلى الرغم من تذكير أحد النواب له بالقضية أثناء الخطاب، بقوله: "هتعمل إيه في سد النهضة؟"، فإن هذا السؤال لم يحظَ بأية إجابة من السيسي، تجاهل، وربما لم يشأ الخوض في الأزمة المشتعلة بين نقابة أطباء مصر ووزارة الداخلية، رغم الجلسة العاصفة للجمعية العمومية لنقابة الأطباء عشية خطاب المنقلب، والتي شهدت تنديدا بأزمة وصلت ردود الأفعال بشأنها إلى درجة الدعوة إلى الإضراب.
هذا ما قال في خطابه من الكلام الفائض والكذب البواح والتزوير الصريح ومحاولة طمس المستور وهو المفضوح، ولكنه صمت القبور عن قانون الخدمة المدنية الذي غضب من برلمانه حينما تحفظ عليه، ولم يتحدث عن سد النهضة رغم أن أحد الأعضاء أسمعه مطالبا إياه بالحديث عنه وتوضيح أمره فتجاهله، وعمومية الأطباء الحدث الذي شغل الدنيا، لقد تكلم فياضا حيث يجب أن يسكت وسكت حيث يجب أن يتكلم، إنها سياسة المنقلب في خطابه، إنه الفشل والكذب وهذه هي المحصلة في خطابه.
خطاب المنقلب بين طمس المستور وصمت القبور.
كفاية يا دكتور نقد على الفاضي سمعنا من قبل نقدك و انتقادك للرئيس الشرعي و تخليك عنه لأنه لا يسمع كلام سعادتك ... نفسنا نشوفك و انت منور على كرسي الرئاسة عشان نعرف هتعمل ايه؟؟؟؟