كشفت الأيام القليلة للهدوء النسبي على الجبهات المشتعلة بين النظام وحلفائه ضد المعارضة السورية في غالبية المحافظات منذ سنوات عن أوضاع اقتصادية ومعيشية مأساوية تحيق بالمواطن السوري، من انعدام للأعمال والمهن وجيوب فارغة، وصولا إلى عجز أرباب المنازل عن تأمين أدنى مقومات الحياة لقلة الوظائف والأشغال وانهيار الليرة السورية، وتدمير قوات النظام لغالبية الأسواق التجارية في المدن الخارجة عن سيطرتهم، الأمر الذي عزز ارتفاع أسهم البطالة للعاملين.
الصحفي المعارض "محمد عبد الرحمن" من الغوطة الشرقية أشار إلى غالبية أن مُدن وبلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق استيقظت مع انخفاض حدة المعارك والقصف على واقع اقتصادي ومعيشي يندى له جبين الإنسانية، عشرات الآلاف من المدنيين بلا وظائف ولا حرف.
وقال "عبد الرحمن" لـ"
عربي 21" خلال اتصال خاص معه: "غالبية المحاصرين يبحثون عن أعمال منذ إطلاق صافرة
الهدنة بغية تغطية الشرخ الكبير بين الإنتاج والاستهلاك وتوفير الحاجيات، إلا أن قصف النظام السوري للمرافق والخدمات والأسواق العامة وفقدان الغوطة للكهرباء أفشل كافة مساعي الأهالي في الحصول على وظائف وأعمال، ومن نجح في تأمين عمل، وإن كان بسيطا، فهو عمل يومي غير ثابت ومتأرجح لا يلبي الحاجة".
وروى المصدر، بأن أحد كبار السن في الغوطة الشرقية يشتري بضع قطع من الخشب بقيمة 25 ليرة لتستطيع زوجته طهي الطعام لأبنائهما، علما بأن سعر الكيلو الواحد من الحطب في الغوطة هو 70 ليرة سورية، أي أن الحاج يحصل على قطعتي خشب في مشهد يتكرر لدى مئات العائلات في المنطقة.
وأشار الصحفي المعارض إلى أنه مع دخول الهدنة حيز التنفيذ انتشرت، ظاهرة التسول في الشوارع لبعض الأطفال الباحثين عن قطع خشبية خلفها قصف النظام السوري للمنازل والأحياء السكنية بغية تزويد عائلاتهم بها لطهي ما يتوفر من مواد غذائية، في ظروف اجتماعية واقتصادية لم يعايشها المجتمع من قبل، رغم أن مزارع الغوطة شهيرة بثمارها، ولكن انقطاع الكهرباء حال دون الاستفادة منها بالشكل المطلوب لتلبية حاجيات الأهالي.
وانتقالا إلى حمص وسط
سوريا، يقول المتحدث باسم مركز حمص الإعلامي "محمد الحمصي"، إن الأوضاع في حمص وخاصة ريفها ليست بأحسن حال من الأرياف الدمشقية، "فالأعمال شبه متوقفة كليا رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ، وذلك جراء تدمير النظام السوري لأحياء بأكملها ومسحها عن الخارطة، بما فيها من أسواق ومحال تجارية ومنازل، حيث خسرت آلاف العائلات ما كانت تملكه، والكثير منهم عاد إلى ما دون نقطة الصفر".
وأشار "الحمصي" إلى أن انهيار الليرة السورية أمام العملات الأجنبية كان عامل ضغط آخر، فأسعار المواد الغذائية والضرورية باتت أضعافا مضاعفة عما كانت عليه، فالوجبة الغذائية الواحدة في اليوم تكلف ما كان يكفي في وقت سابق لأسبوعين أو ربما ثلاثة.
أما مناطق سيطرة النظام السوري فهي ليست بأحسن حال من المناطق المحررة، فالغلاء فاحش، وأسعار أبسط مقومات الحياة من الخضراوات وغيرها مضاعفة جدا، وبحسب وسائل إعلامية موالية للأسد وأخرى تابعة للمعارضة، فإن رواتب العاملين في الدوائر الحكومية والحرفية منها لا يكفي سوى للربع الأول من الشهر، وتعتمد العائلات على مشاريع التوفير والاقتصاد في الأطعمة بغية الصمود حتى نهاية الشهر.