فيما يواصل البنك المركزي
المصري إجراءاته في إطار ما أسماه حربا شرسة مع تجار العملة والسوق السوداء؛ فقد استقر سعر صرف الدولار في السوق الموازي أو السوداء، رغم استمرار طرح عطاءات دولارية استثنائية طيلة الأيام الماضية.
وبينما كانت الحكومة تعلق آمالها على محافظ
البنك المركزي المصري الجديد، طارق عامر، في كبح جماح الدولار ووقف نزيف العملة المحلية، فقد طرحت الأسعار القياسية والتاريخية للدولار في عهد المحافظ الجديد العديد من التساؤلات، يبقى أهمها: هل العطاءات الاستثنائية الدولارية كافية لإعادة الاستقرار لسوق الصرف؟
ووضع الخبراء والمحللون أكثر من "روشتة" لإعادة الانضباط لسوق الصرف والتي جاءت في مجملها بعيدة تماما عن الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي المصري، والتي بالفعل لم تفلح في وقف نزيف العملة المصرية التي تعاني تحت وطأة الضغوط التي يمارسها تجار العملة مع تفاقم الطلب على العملة الأمريكية.
المصرف المركزي المصري بدأ إجراءاته بإلغاء حدود السحب والإيداع على تعاملات الأفراد والشركات بالدولار والتي كان المحافظ السابق هشام رامز قد حددها بنحو 10 آلاف للأفراد، و50 ألف دولار للشركات.
تبع ذلك قيام البنك بطرح عدد من العطاءات الدولارية التي تتجاوز في جملتها أكثر من ملياري دولار، لكن في العطاء الثاني وبعد طرح عطاء بقيمة 500 مليون دولار فاجأ السوق بخفض قيمة
الجنيه بنحو 14.5% مرة واحدة ليصبح السعر الرسمي للدولار هو 8.85 جنيه بانخفاض بلغ نحو 1.12 جنيه.
المحللون قالوا إن هذه الخطوة أهدرت على الدولة أكثر من 560 مليون جنيه، خاصة أن البنك المركزي الذي طرح العطاء الأول بسعر الدولار 7.83 جنيه لم يكد في اليوم الثاني يطرح عطاءات جديدة بسعر مخفض للجنيه مقابل الدولار الذي باعه بنحو 8.85 جنيه، حتى يصبح الفرق في سعر الصرفين خلال يومين فقط هو 560 مليون جنيه.
والسؤال: لمصلحة من تم ذلك، وإلى أين ذهب فرق السعر، خاصة أن هذه الإجراءات لم يفصلها عن بعضها سوى ساعات معدودة؟
ولفت مصدر حكومي مطلع في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إلى أن كل هذه الإجراءات تساهم في حل مؤقت لأزمة الدولار، ورغم ذلك فإنه لم ينخفض سعر الدولار في السوق الموازي أو السوق السوداء بالقدر الذي كان يتوقعه البنك المركزي من إجمالي هذه الإجراءات.
وأشار المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه إلى أن حل الأزمة يتمثل في عدة محاور، أولها: سيطرة الحكومة وبشكل كامل على تجار العملة، خاصة أن أجهزة الأمن المصري تعرفهم بالاسم وليس من الصعوبة التواصل معهم ووقف تعاملاتهم على الأقل خلال هذه الفترة الصعبة.
يضاف إلى ما سبق، ضرورة العمل وبأقصى سرعة ممكنة مع شركة سياحة عالمية متخصصة لتنشيط قطاع السياحة المصري، وأيضاً تشجيع الصادرات بإعفائها من الجمارك وتقديم كل الدعم اللوجيستي لتنميتها، وسرعة التنسيق مع مؤسسات التمويل الدولية للحصول على قروض عاجلة لحين تعافي الموارد من العملات الأجنبية.
ولفت إلى أهمية التصالح مع رجال الأعمال الهاربين مقابل سداد ما يتم الاتفاق عليه بالعملات الأجنبية، وعدم استخدام سياسة الكر والفر من البنك المركزي مع تجار العملة، وتغطية الاعتمادات المستندية بالكامل لمستوردي السلع الضرورية والأساسية، مع الحد من الاستيراد وفرض جمارك كبيرة على الورادات.
وطالب البنوك بضرورة إصدار شهادات ذات الجوائز بالعملات الأجنبية، مع زيادة عدد الجوائز كحافز فعال لجذب عملاء بالعملات الأجنبية، ومخاطبة الدول العربية والأجنبية لتصدير العمالة إليهم من مختلف المهن كبديل للدعم النقدي، والتشديد على التنسيق بين واضعي السياسية المالية والسياسة النقدية وإزالة حالة الانفصام بينهم.