أكد الإعلامي
المصري، إبراهيم عيسى، "سقوط معادلة الأمن مقابل الغذاء"، في مقال له، الثلاثاء، بصحيفة "المقال" التي يرأس تحريرها، مشيرا إلى أن المصريين تركوا السياسة للرئيس (السيسي) من أجل "
أكل العيش"، وفي النهاية "لم يظفروا.. لا بالأمن، ولا بأكل العيش".
وشرح عيسى فكرته فقال: "منذ أن شنت كل أجهزة الدولة الأمنية حملاتها ضد ثورة خمسة وعشرين يناير، الممتدة حتى الآن، بالانقضاض على منظمات حقوق الإنسان، وهي تريد أن تصل بالمواطن المصري إلى معادلة النظام القديم، وهي معادلة فاشلة، وضايعة تماما، لكن النظام الحالي مقتنع بها اقتناع المؤمنين.. معادلة أن الحكم للرئيس، وأكل العيش للناس".
وشرح عيسى تلك المعادلة بقوله: "بمعنى: خليكوا في أكل عيشكم، واسمعوا الكلام، ونفذوا التعليمات، وثقوا في الرئيس، ولا داعي للكلام في السياسة.. وبلا سياسة بلا قرف.. خلينا ناكل عيش".
وأكد عيسى أن "هذه الحكومة وسابقتها وكل مسؤولي الدولة جاؤوا وفقا لهذه المعادلة، وكل ما تسعى إليه الدولة بكل رجالها أن تهبط بمستوى الوعي عند المواطنين إلى درجة أن يصبحوا كعساكر الأمن المركزي لدى السلطة يتحركون بل ويفكرون بما يأمرهم به السادة الضباط واللواءات".
وتساءل: "حسنا، كل ده ليه؟"، وأجاب: "عشان نفضى (نتفرغ) للإنجازات، ونأكل يا مصريين".
واستطرد: "حسنا، صدق المصريون هذه المعادلة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، والسؤال بمناسبة بيان الحكومة أمام البرلمان: "هل أكل المصريون عيش بقى؟"".
وقدم مسوغات تساؤله هذا قائلا: "لقد حلف الشعب بالطلاق أن لا يتكلم في السياسة، وأن يكره الثورة، والثوار، ومنظمات حقوق الإنسان والنشطاء، وأن يؤمن أن الأمن أهم من كل حاجة في الدنيا.. أهم من الحرية بل ومن الكرامة"، متسائلا: "كل ده ليه؟".
وأجاب: "عشان ياكل عيش.. رفعوا شعار: سيب الرئيس يتصرف، ونقف جنبه عشان نعيش، وناكل عيش".
وأردف عيسى: "رجع المواطن إلى ما قبل يناير، موافق ومسلم ومستسلم للدولة وللرئيس ويبايع بالروح والدم عشان حاجة واحدة، إنه ياكل عيش، مقابل أن يوفر النظام للمواطن - اللي مالوش في السياسة، وماشي جنب الحيط - لقمة العيش والهدمة والبيت والشغل".
وأردف: "بعد هذا كله فإن المواطن يأكل فعلا العيش، لكن لم يعد يأكل غيره تقريبا".
والأمر هكذا، شدد الكاتب على أن "المشكلة ليست في الفقراء فقط، فهم يعانون كالعادة مع كل نظام يأتي ليتحدث عنهم طول الوقت، ويدوس عليهم طول الوقت.. وكل ما يملكه هذا النظام لهم هو أن يغضب على من يدافع عنهم، ويعتبره غنيا ثريا يتاجر بآلام الناس، وأن الوحيدة التي تشعر بمعاناة الفقراء هي الحكومة، وطبعا هو الرئيس".
وبينما يطالبون الشعب بأن يتبرع للصرف على الفقراء، ويتعاملون معهم كأن الدولة جمعية خيرية تتصدق على مواطنيها - تابع عيسى - فإن سياسات الدولة لم تخرج من قفص مبارك على الإطلاق، وجاءت حكومة شريف إسماعيل بنفس سياسة أحمد نظيف مع كفاءة أقل جدا بالطبع.
وهنا توجه عيسى بالسؤال للحكومة والسيسي معا: "ماذا فعلتم للناس كي تأكل عيشا؟".
وأجاب: "زادت الأسعار وانفجرت، وارتفعت نسبة البطالة، وتجمدت الأجور أو نقصت، وانحدرت مستويات الخدمات العامة أو ارتفعت رسومها، وطبعا زادت نسبة الفقر".
وتابع: "كل هذا تم مع شعب.. انكتم على قلبه وخرس تماما عن السياسة، وبايع وأيد وهلل ووافق وعلق صور الرئيس في الشوارع وعلى أبواب المحلات وعلى حوائط البيوت".
واستطرد: "حتى الأغنياء والطبقة المتوسطة التي ودعت السياسة وكرهت نشطاء يناير وسبت لهم وفيهم وصدقت عنهم التسريبات وأيدت ودعمت كل خطوات سحق حقوق الإنسان كي تشعر بالأمن وتأكل عيشا، فإذا بها لا شعرت بالأمن، وبالتأكيد عانت اقتصاديا، ولا تزال تعاني".
وهنا قال عيسى: "جاء إذن وقت برنامج الحكومة كي نعرف محصلة هذه المعادلة التي اعتزل فيها الناس الكلام عن السياسة والديمقراطية وحرية التعبير، وصهينت وتواطأت على هدر الكرامة وتوسيع دائرة الاشتباه، وفتح مدة الحبس الاحتياطي، وانتهاك حقوق الإنسان، فإذا ببرنامج الحكومة لا يقدم لهم أملا في ثمار هذه المعادلة إطلاقا".
وتابع: "لا شعروا معه أنهم ربحوا منها، ولا استفاد البلد من مبايعتهم للرئيس، وبيعهم السياسة، ولا حبهم للاستقرار، وكراهيتهم للحرية".
أخيرا، اختتم عيسى مقاله بالسؤال: "طلع ده علينا بإيه؟"، وأجاب: "أرادوا أن يأكلوا عيشا فطفحته لهم الحكومة".