نشرت صحيفة "سلايت" الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن دور "نظرية المؤامرة" في تقديم إجابات واضحة حول خفايا تسريبات
وثائق بنما؛ ضمن ما أصبح يعرف بـ"أكبر فضيحة للتهرب الضريبي في التاريخي المعاصر".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن التحقيقات التي قام بها الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين، والتي أدت إلى الكشف في هذا الوقت بالذات؛ عن معطيات في غاية السرية حول ممارسات التهرب الضريبي لأبرز شخصيات العالم؛ يمكن أن تخفي خلفها أجندات يعمل من خلالها الغرب على استهداف أعدائه.
وأضافت أن تسريبات بنما التي ضمت أكثر من 11.5 مليون وثيقة من وثائق شركة موساك فونسيكا، والتي تتعلق بشخصيات "مرموقة" في مجالات الأعمال والسياسة والرياضة والفن؛ يمكن إدراجها ضمن مشروع "النظام العالمي الجديد"، وهو ما يفضل بعض المشككين في الروايات الرسمية تصديقه والترويج له؛ كلما تعلق الأمر بتقديم إجابات واضحة حول خفايا هذه التسريبات، التي تشكل جزءا من مؤامرة كبرى يقع التخطيط لها بدقة، على حد تعبير موقع "فوكاتيف" الإخباري الأمريكي، الذي لم يخلُ تعليقه الأخير من السخرية.
وذكرت الصحيفة أن "نظرية المؤامرة" أصبحت أكثر تداولا في الفترة الأخيرة، في محاولة لتفسير خلفيات تسريبات بنما، "فإذا لم يكن البعض يميل إلى القول بمصداقيتها؛ فإن البعض الآخر يكتفي باعتبارها تخدم أجندات معينة للغرب ضد أعدائه. ومما عزز الفرضية الأخيرة لدى القائلين بها؛ استهداف هذه التسريبات لشخصيات مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأخرى مقربة من الرئيس الصيني، إكسي جينبينغ".
أما في باكستان؛ فإن السلطة الرسمية ذهبت أبعد من ذلك، بعدما صادق البرلمان الإقليمي في لاهور على قرار يعد وثائق بنما التي تورط فيها أبناء رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف "تسريبات شيطانية، لا أساس لها من الصحة"، وفقا لما ذكرته صحيفة "كوري إنترنسيونال".
وقالت "سلايت" إن هذه النظرية بدأت تلقى صدى واسعا بين المؤمنين وغير المؤمنين بنظرية المؤامرة، بعدما نشرت قناة "آر تي" الروسية تقريرا تضمن تصريحا لأحد العاملين في موقع "ويكيلكس"، ذكر فيه أن وثائق بنما جزء من مؤامرة حاكتها الولايات المتحدة ضد
روسيا، بالتواطؤ مع الملياردير الأمريكي جورج سورو، الذي يساهم في جزء كبير من تمويلات الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين التي كشف الوثائق.
وأضافت الصحيفة أن "ويكيلكس" المختص في الكشف عن التسريبات المختلفة؛ يميل إلى القول بأن وثائق بنما تمثل جزءا من "القوة الناعمة" التي توظفها الولايات المتحدة ضد أعدائها، كما نشر الموقع على حسابه في "تويتر" تغريدة ذكر فيها أن ما كشف عنه الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين "عمل صحفي جيد، لكنه ليس نموذجا للنزاهة".
واعتبرت الصحيفة أن تلقي الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين لتمويلات عديدة من شخصيات أمريكية؛ كان كفيلا لوحده بإثارة الشكوك حول مصداقية هذه الوثائق، والضمانات التي يمكن أن يقدمها الاتحاد الدولي حول عدم استغلال هذه التسريبات لابتزاز شخصيات سياسية، أو رؤساء دول.
وذهبت إلى أن عدم ذكر وثائق بنما لأسماء أي شخصيات أمريكية مرموقة؛ كان من بين الحقائق التي عززت الشبهات حول مدى مصداقية هذه التسريبات، حيث اكتفت الوثائق -التي ورطت أغلب زعماء العالم- بذكر 211 شخصية أمريكية ذكرا عابرا، وهو السؤال نفسه الذي طرحه عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جين لوك ملينشون، الذي أكد أن امتناع الوثائق عن ذكر أي شخصية "مرموقة" في أمريكا الشمالية أمر "يثير الريبة".
وأضافت الصحيفة أن هذه الحقائق يجب أن لا تدفعنا نحو الاعتقاد الجازم بنظرية المؤامرة، إذ إن العلاقات الأمريكية البنمية لم تكن جيدة على كل المستويات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك المجال الاقتصادي، ولكن ذلك لا يعني حدوث تلاعب بوثائق بنما، كما أنه لا يعني أن المسؤولين الأمريكيين لم يتورطوا في شبهات تهرب ضريبي.
ومنعت سيطرة الدكتاتورية العسكرية على بنما في سنة 1989، ثم التدخل العسكري الأمريكي، البلدين من الارتقاء بعلاقتهما الثنائية إلى مستوى الثقة المتبادلة، ففي الوقت الذي أصبحت فيه بنما "جنة التهرب الضريبي" للعديد من دول العالم؛ ما زالت عدوا محتملا للولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن البلدين صادقا على اتفاقية ثنائية تمنع دافعي الضرائب الأمريكيين من اللجوء إلى بنما.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن المؤرخ الأمريكي، إيوان هيغنس علّق على هذه التساؤلات حول امتناع وثائق بنما عن ذكر مسؤولين أمريكيين، قائلا إن "هذه الحقيقة لا علاقة لها بالأخلاق، فالأمر يتعلق أكثر من ذلك بطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وبنما في السنوات الأخيرة".
أما صحيفة "زود دوتشيه تسايتونغ"، التي تبنت حصريا الكشف عن المعطيات الأولى حول التسريبات، فقد علّق أحد المسؤولين فيها على هذه الشكوك قائلا: "انتظروا لتشاهدوا المزيد".