توفي الثلاثاء، إعلامي سوري يعمل في مدينة غازي عنتاب، جنوب
تركيا، متأثرا بإصابته نتيجة إطلاق النار عليه الأحد الماضي، في عملية تنباها
تنظيم الدولة.
وكان الإعلامي زاهر الشرقاط (36 عاما)، الذي كان يعمل في تلفزيون "حلب اليوم" الذي يبث من غازي عنتاب، قد أصيب برصاصة برأسه، بعد خروجه من مقر عمله في منطقة غازي مختار باشا التجارية وسط غازي عنتاب، في حوالي الساعة الثانية ظهر الأحد الماضي (10 نيسان/ أبريل 2016)، ثم دخل في غيبوبة منذ ذلك الحين، لتعلن وفاته الثلاثاء في المستشفى.
وقال زميله عبد الله طعمة، لـ"
عربي21"، إن الرصاصة التي أطلقها فتى يعتقد أنه بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة من عمره، أصابت الشرقاط في رأسه من الخلف.
من جهتها، أعلنت وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة، الاثنين، أن "مفرزة تابعة للدولة الإسلامية أطلقت النار (..) على الإعلامي زاهر الشرقاط، الذي يقدم برامج معادية للدولة"، وفق ما أوردته الوكالة على موقعها الإلكتروني، مشيرة إلى أن مسدسا مزودا بكاتم للصوت استخدم في العملية.
كما ذكرت الوكالة بأشخاص آخرين تعرضوا للاغتيال على يد التنظيم في مدن تركية، مشيرة على وجه الخصوص إلى ذبح ثلاثة ناشطين في حملة "الرقة تذبح بصمت"، المناهضة للتنظيم، العام الماضي.
وفي كانون 27 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قُتل الصحفي السوري ناجي الجرف، عضو رابطة الصحفيين السوريين، في أحد شوارع غازي عنتاب أيضا، بعملية تشبه طريقة اغتيال الشرقاط. وكان الجرف ينشط ضد التنظيم، وأخرج فيلما عنه.
وقال طعمة لـ"
عربي21"، إن الشرقاط الذي ترك خلفه طفلا (يزن) لم يُكمل عامه الأول، تعرض لتهديدات عديدة، ولذلك امتنع عن اقتناء سيارة خشية أن يتم تفخيخها، علما بأنه كان يعمل في حلب قبل ذلك، لكنه اضطر للمغادرة إلى تركيا بعدما شعر أن حياته باتت في خطر.
وفي الفترة التي كان يقوم فيها الشرقاط بتصوير برنامج "تنظيم الدولة بلسان القادة"، لقناة "حلب اليوم"، استضاف عسكريين تحدثوا عن "إجرام التنظيم"، كما يقول عبد الله طعمة.
وأكد طعمة، الذي عمل مع الشرقاط في برنامج يتعلق بالمعارك والعمليات العسكرية، أن الشرقاط كان يطلعه قبل اغتياله على التهديدات التي كان يتلقاها من "الدواعش"، بحسب وصفه.
كما دأب الشرقاط على مهاجمة التنظيم عبر صفحته على "فيسبوك"، لا سيما أنه يتحدر من مدينة الباب (في ريف حلب الشرقي) الخاضعة لسيطرة لتنظيم، حيث تعرضت أسرته للتنكيل على يد التنظيم.
وكتب زاهر الشرقاط في 17 نيسان/ أبريل 2014، عبر صفحته على "فيسبوك": "داعش المجرمة تنتقم مني باعتقال أخي أحمد.. وهذا لن يثنيني حربها".
ويقول عبد الله طعمة إن الشرقاط، كان له تأثير كبير بين أهالي مدينته، الباب، حيث إنه قبل تحوله للعمل الإعلامي، "جمع بين القيادة العسكرية و(دراسة) الشريعة".
وكان الشرقاط قد درس الشريعة في جامعة دمشق. وقبل تحوله للعمل الإعلامي انخرط في العمل العسكري، فكان أحد مؤسسي "لواء أبي بكر الصديق" في مدينة الباب، قبل سيطرة التنظيم على المدينة. كما شارك في تأسيس لواء الأمويين، بالاشتراك مع ياسر أبو الشيخ، الذي قتل الأسبوع الماضي في معركة ضد تنظيم الدولة، في بلدة الراعي في ريف حلب.
وبحسب طعمة، فقد كان الشرقاط يود في البداية (منتصف عام 2013) تقديم برنامج في إذاعة حلب اليوم "ضد الفصائل من الجيش الحر أو الإسلامية التي ترتكب تجاوزات"، لكنه بعد ذلك تعرض لمشكلات مع التنظيم بعدما عبر عن رفضه لتواجد التنظيم في الباب أو تولي خطبائه الخطابة في المساجد. وبعدما أحكم التنظيم سيطرته على المدينة، غادرها الشرقاط تاركا عمله العسكري "جزئيا مع احتفاظه بعلاقاته العسكرية".
وقبل اغتياله، كان قد بدأ برنامجا جديدا، على تلفزيون حلب اليوم، تحت اسم "من الخنادق"، حيث كان يزور الجبهات ويلتقي المقاتلين، فيما كانت رسالة البرنامج الحث على التعامل بشكل جيد مع المناطق التي يتم دخولها.
وقد تعرض خلال إعداده هذا البرنامج لمحاولة اغتيال بحلب، إضافة إلى محاولة اختطاف من جبهة النصرة.
من جانبها، سجلت رابطة الصحفيين السوريين، عبر المركز السوري للحريات الصحفيية التابع لها، "تصاعد الانتهاكات المنهجية بحق الإعلاميين السوريين في تركيا خلال الفترة الأخيرة، بصورة تهدد بتحويلها إلى ساحة ثانية لإسكاتهم وإرهابهم وتصفيتهم"، وبالتالي إلى إفراغ البلاد منهم"، حيث يتواجد مئات الإعلاميين السوريين في تركيا.
ودعا المركز في بيان؛ "السلطات التركية إلى الوقوف بحزم في وجه هذه الظاهرة الخطيرة التي لم يعد ممكنا تجاهلها، وإلى توفير الحماية على الأراضي التركية للسوريين، الفارين من القتل والقمع في بلادهم، وإلى ملاحقة الجناة الذين يقفون خلف الاعتداءات على الإعلاميين ومحاسبتهم، وإلى الكشف عن نتائج تحقيقاتها في اغتيال الصحفي السوري ناجي الجرف".
وتذكر الحملة التي تستهدف الصحفيين السوريين في المناطق الحدودية التركية، بتلك التي نفذها تنظيم الدولة في حلب، قبل طرده منها أواخر عام 2013، وهي الحملة التي دفعت غالبية الإعلاميين للخروج من
سوريا.