أكد رئيس فرع الرابطة
التونسية للدفاع عن
حقوق الإنسان بمحافظة صفاقس الشمالية، زبير الوحيشي، رصد عدد من التجاوزات التي وصفها بـ"الخطيرة جدا" من قبل قوات
الأمن والمحتجين بأحداث جزيرة "
قرقنة" الأخيرة، وذلك بعد معاينة ميدانية.
وقال الوحيشي في مداخلة له بإذاعة "كاب إف إم" الخاصة، الاثنين، إن فرع رابطة حقوق الإنسان تولى توثيق كل التجاوزات في تقرير نُشر قبل يومين.
وأفاد أن أعوان الأمن "تعمّدوا بواسطة مضخمات الصوت إهانة الأهالي من خلال توجيه العبارات النابية والبذيئة للفتيات والنساء والرجال بإيحاءات منافية للأخلاق والتهديد باغتصابهم"، مشيرا إلى ارتكاب أفراد الأمن سرقات للأموال والهواتف المحمولة باستعمال العنف الشديد على الضحايا، مؤكدا تحوز الرابطة على قائمة أولية من أسمائهم ومعاينة آثار العنف عليهم.
اعتقالات عشوائية
وتطرق الوحيشي إلى "الاعتقالات العشوائية في صفوف المارة والمحتجين وتعنيفهم داخل سيارات الأمن، واحتجازهم دون إذن قانوني بالمراكز، ثم تسريحهم بعد ضربهم وإهانتهم دون تحرير محضر بحث".
وفي سياق متصل، كشف تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمحافظة صفاقس الشمالية، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، أن الوحدات الأمنية أفرطت في استعمال القنابل المسيلة للدموع بطريقة التصويب المباشر نحو المواطنين، "ما نتج عنه كسور وجروح عميقة فضلا عن إطلاق كثيف للرصاص الحي في اتجاه الهواء لترهيب المواطنين"، بحسب التقرير .
مداهمات للمنازل
ولاحظ وفد الرابطة في معاينة ميدانية "ملاحقة أعوان الأمن للمحتجين ليلا في الشوارع والمناطق السكنية مع إجراء مداهمات للمنازل دون إذن باستعمال العنف وتكسير الأبواب والنوافذ في العديد من المناطق كسيدي يوسف، وأولاد قاسم، وأولاد بو علي، حسب شكايات الأهالي من رجال ونساء مسنات".
كما عاين الوفد سيارتي شرطة بصدد الاحتراق، وسيارة شرطة وأخرى غير واضحة الرقم بسبب غرقهما تحت ماء البحر في ميناء سيدي يوسف "الذي امتلأ محيطه بالحجارة وجريد النخيل، وظروف القنابل المسيلة للدموع، وظروف الرصاص الحي".
وأشار فرع الرابطة إلى معالجة الملفات الاجتماعية بشكل ناجع والابتعاد عبر المعالجة الأمنية بل عبر الأسلوب الحضاري، الحوار والتفاوض، داعيا الحكومة إلى ضرورة احترام الاتفاقات التي تبرمها مع الأطراف الاجتماعية حفاظا على الهيبة الحقيقية للدولة ومصداقيتها، وحفظا للسلم الاجتماعي.
قرار خاطئ
وطلب فرع الرابطة من القضاء أن ينأى بنفسه عن أن يكون طرفا في التجاذبات السياسية، مثنيا على توجهه الجديد الذي انتهجه في السنوات الأخيرة في الاستجابة لطلب عرض المتهمين المتعرضين للتعذيب على الفحص الطبي.
كما نوه بمواقف من وصفهم بـ"الشرفاء" من أفراد الأمن "الذين عبروا صراحة عن رفضهم المبدئي لتوظيف الأمن في حل الملفات الاجتماعية والسياسية، ودافعوا حقيقة عن أمن جمهوري"، بحسب ما جاء في التقرير.
من جهته حمل الناطق الرسمي باسم نقابة الأمن الداخلي، شكري حمادة، مسؤولية ما حدث في جزيرة "قرقنة" "لمن اتخذ قرار التدخل أمنيا"، معتبرا إياه "خاطئا من أساسه والمواجهات التي وقعت فيما بعد هي نتيجة هذا القرار".
سياسي بامتياز
وأشار حمادة في تصريح لإذاعة "كلمة" الخاصة، الاثنين، إلى أن ما وقع في "قرقنة" "سياسي بامتياز حيث تم حشر رجالات المؤسسة الأمنية للتدخل نظرا لفشل سياسة سلطة الإشراف بوزارة الداخلية في التعاطي وحل مثل هذه الوضعيات"، لافتا إلى أن الحل في "قرقنة" ليس أمنيا ومشاكل المنطقة تتجاوز ذلك.
وكانت جزيرة "قرقنة" خلال الأيام الأخيرة مسرحا لأحداث عنف ومواجهات بين محتجين يطالبون بالتشغيل وبين قوات الأمن، حيث قالت وزارة الداخلية إن مجموعة من المحتجين هاجمت، ظهر الجمعة، الوحدات الأمنية المتمركزة في محيط ميناء "سيدي يوسف" بالجزيرة مستعملين الحجارة والزجاجات الحارقة "المولوتوف" ما تسبب في حرق سيارتين إداريتين، وشاحنة أمنية، وحرق مركز الأمن بمنطقة "العطايا"، بالإضافة إلى حرق مكتبين تابعين للحرس الوطني بمقر ميناء "سيدي يوسف"، وإغراق سيارة في البحر بالميناء.