قال مفتي
القاعدة السابق محفوظ ولد الوالد، المعروف بـ"أبي حفص الموريتاني"، إن المقاربات الأمنية وحدها لن تضع حدا لنشاط الحركات الموصوفة بالتشدد، داعيا إلى ضرورة اعتماد الإقناع الفكري ضمن خطط التصدي للجماعات المتشددة.
وأشار ولد الوالد إلى الحوار الذي نظمته السلطات الموريتانية قبل سنوات مع بعض السجناء السلفيين، وقال إن هذا الحوار أسفر عن نتائج إيجابية، مشددا على ضرورة فتح حوار مع سجناء سلفيين آخرين في السجون الموريتانية.
وثائق ابن لادن
وقال ولد الوالد في مقابلة مع "عربي21"؛ إن الدفعة الأخيرة من الوثائق التي سربتها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا، وتضمنت وصية زعيم تنظيم القاعد الراحل، أسامة بن لادن، المالية، ووثائق في شكل رسائل متبادلة بين فرع القاعدة في المغرب الإسلامي وقيادة التنظيم في باكستان، تتضمن استعداد "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" للدخول في هدنة مع السلطات الموريتانية، هي وثائق صحيحة، لكنه أشار إلى أن الخلاف ليس في صحة الوثائق، وإنما قد يكون في تفسيرها، أو قراءتها.
واعتبر ولد الوالد أن الوثائق لم تتضمن أي وثيقة من طرف السلطات الموريتانية تثبت تفاوضها مع تنظيم القاعدة، فضلا عن قبولها بما جاء في الوثائق من استعداد القاعدة للقبول بهدنة مع السلطات الموريتانية، مستبعدا أن تكون السلطات الموريتانية قد أبرمت مع تنظيم القاعدة اتفاقية سلام تدفع بمقتضاها موريتانيا مبلغا ماليا للتنظيم مقابل السلام معه، وإن كانت الوثائق أظهرت عرض التنظيم للفكرة.
وأضاف:"في العموم لا أستبعد أن يكون كلا الطرفين رأى أن من مصلحته متاركة الطرف الآخر، متاركة يكف بمقتضاها التنظيم عن استهداف موريتانيا، وتقتصر عمليا موريتانيا ضد التنظيم على الأراضي الموريتانية".
أسباب تمدد تنظيم الدولة
ورأى ولد الوالد أن تمدد تنظيم الدولة في أكثر من بلد عربي، تقف خلفه جملة من الأسباب، ذكر من بينها ما وصفه بـ"الاحتلال المتكرر للبلاد الإسلامية"، بالإضافة إلى ما سماه "سياسة الفساد والاستبداد، وفشل مشاريع هذه الدول في تحقيق أحلام الشعوب الإسلامية"، إلى جانب "فشل الدول الغربية في منح مواطنيها من أصول عربية وإسلامية حقوقا متساوية مع بقية المواطنين"، كما قال.
وأدرج ولد الوالد ما قال إنها "شراسة وجرأة وصلابة مقاتلي التنظيم"، ضمن العوامل التي قال إنها قدمت "صورة مغرية بالنسبة لكثير من الشباب، الذي رأى فيها صورة لما ينبغي أن يكون عليه المسلم"، كما لفت من جهة أخرى إلى أن تنظيم الدولة استطاع بالفعل اجتذاب بعض مقاتلي القاعدة.
مواجهة التنظيم
وفي رده على سؤال حول ما الذي يجب على الدول العربية فعله للتصدي لتمدد تنظيم الدولة؟ قال ولد الوالد: "معالجة ظاهرة الغلو بصورة عامة، وتنظيم الدولة جزء منها - يجب أن تنطلق من الأسباب والجذور الحقيقية للظاهرة"، منبها إلى أن "من الخطأ الفادح التركيز على العرض وترك المرض"، وفق تعبيره.
وزاد بالقول: "لا شك أن هذه الجماعات حادت عن الصواب، وانحرفت عن المنهج، ولديها غلو شديد، وارتكبت منكرات جسام، لكنها قطعا ليست أسوأ من إسرائيل، ونظام الأسد اللذين يحاورهما الجميع".
لكنه نبه في المقابل إلى أنه "ليس كل شخص مؤهلا لمحاورة هؤلاء، فمن يحاورهم لا بد أن يكون من أهل العلم الشرعي، وأهل الفقه في الواقع، ولا يكون محسوبا على نظام أو حاكم، ولديه الحرص على رجوعهم للحق، وليس مجرد بيان ما هم عليه من الباطل، فكسب القلوب أولى من كسب المواقف"، بحسب قوله.