قالت رئيسة الجمعية الدولية للمساجين السياسيين بتونس سعيدة العكرمي، إن "مسار العدالة الانتقالية طويل، ولا يمكن الوصول إلى
المصالحة دون المرور بالمحاسبة، وكشف الحقيقة، وبالتالي فإنه لا بد من احترام كل محطات مسار العدالة الانتقالية".
وأضافت العكرمي، السبت، على هامش معرض ومؤتمر صحفي بعنوان "حفظ الذاكرة.. ضد النسيان" نظمته كل من الجمعية الدولية لمساندة السياسيين والشبكة
التونسية للعدالة الانتقالية (مستقل)، في العاصمة تونس، أنه "لا يمكن تحقيق العدالة الانتقالية في تونس إلا من خلال حفظ الذاكرة".
و"حفظ الذاكرة، هو مشروع وطني يسلط الضوء على الجانب الإبداعي للمساجين السياسيين، الذين أبدعوا من رحم المأساة والتعذيب سواء عبر الكتابة أو الفنون التشكيلية أو البراعات اليدوية في السنوات التي قضوها داخل الزنازين"، وفقا للعكرمي.
وأضافت: "نحن اليوم وضعنا حجر الأساس لمتحف وطني يحفظ الذّاكرة وما على الدولة إلا أن تواصل في هذا المسار، نحن بدأنا بمشروع صغير طموح، فحفظ الذاكرة واجب وطني على الجميع سواء الدولة ومؤسساتها".
من جانبه، قال كمال الغربي، رئيس الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، في كلمته بالمؤتمر الصحفي: "لا يجب تجاوز الماضي حتى تعالج الجراح، فلا يمكن إجبار المساجين السياسيين السابقين على النسيان، نحن لن ننسى الانتهاكات، بل نريد عدلا وجبرا للضرر، ومحاسبة للجناة ليس لأجل التشفي والانتقام وإنما لكشف الحقيقة".
وأضاف الغربي أن "الإرادة السياسية اليوم ضعيفة جدا في دعم مسار العدالة الانتقالية، وما نطالب به ونريده هو كشف الحقائق والمحاسبة قبل المصالحة".
وضم المعرض رسوما تشكيلية ومقالات ومؤلفات كتبت داخل السجون، كما تم خلال هذه الفعالية عرض فيلم وثائقي يرصد التجربة "الإبداعية" لثلاثة مساجين سياسيين في تسعينيات القرن الماضي.
وعن تجربتها قالت السجينة السياسية السابقة حميدة العجنقي: "السجين كان حينها محكوما بأحكام قاسية وطويلة الأمد ولم يمنعه ذلك من التواصل مع العالم الخارجي من خلال الحُلم والإبداع عبر وسائل بسيطة كانت متاحة لدية سواء أقلام أو أوراق".
وأضافت: "نحن نريد اليوم إعادة طرح موضوع
المحاسبة حتى لا يتم نسيان هذه الملفات، وحتى يتم حفظ حق السجناء السياسيين ورد الاعتبار لهم".
ويثير موضوع المصالحة جدلا سياسيا هذه الأيام في تونس بين رافض ومؤيد.
وفي تصريح سابق، أكد رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس راشد الغنُوشي، أنه "يجب تنقية ملفات الماضي وغلقها، والاتجاه نحو المستقبل عبر المصالحة وليس الانتقام والتشفي والثأر، وهو أمر غير مقبول بعد خمس سنوات من
الثورة".
وقبل أشهر، طرح الرئيس التونسي مبادرة تشريعية تتمثل في مشروع قانون المصالحة في المجالين الاقتصادي والمالي الذي يقر "العفو لفائدة الموظفين العموميين، وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية، مع استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العامة، من الانتفاع بهذه الأحكام".