كشفت جماعة
الإخوان المسلمين بمصر، السبت، عن عدم ممانعتها مناقشة قضية الفصل بين العمل الحزبي التنافسي ونظيره الدعوي والتربوي، للمرة الأولى منذ تأسيس حزبها السياسي الحرية والعدالة عام 2011، الذي حظرته السلطات عام 2014.
جاء ذلك في بيان بعنوان "حول قضية الفصل بين الدعوي والحزبي"، أصدره طلعت فهمي، المتحدث باسم الجماعة، والمحسوب على جبهة محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان، تعليقا على ما جاء على لسان جمال حشمت، عضو شوري جماعة "الإخوان المسلمين"، الذي قال فيه إنه "تأكد عزم كل الأطراف داخل الجماعة على ضرورة فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي والتربوي".
والفصل بين "الدعوي" و"الحزبي" في تاريخ جماعة "الإخوان" كان محلّ رفض كبير، خاصة في السنوات العشر الأخيرة من تاريخ الجماعة، لا سيما بعد تأسيسها حزب "الحرية والعدالة" بمصر عام 2011، غير أن تحرك "حركة النهضة" في تونس (المحسوبة على الإخوان) تجاه هذا الفصل جاء بالتزامن مع تصريحات ومقالات تتضمن أهمية تبني التوجه ذاته عبر الإخوان (الحركة الإسلامية الأبرز التي تأسست عام 1928).
وأضاف البيان: "تؤكد جماعة الإخوان أنها تعلن دوما عدم ممانعتها -من حيث المبدأ- مناقشة أي أفكار أو آراء مقترحة في هذا الموضوع (فصل الدعوي عن الحزبي) أو غيره، ونهجها الدائم أن يتم ذلك داخل مؤسساتها المعنية، وعبر التواصل مع الخبراء وأهل الاختصاص".
وتابع البيان: "وعندما يتم التوصل لقرار نهائي، تقوم بإعلانه بصورة واضحة ونهائية، وفقا لقواعدها في النشر والإعلان، وهو الأمر الذي لم يحدث في القضية المثارة حول فصل الدعوي عن الحزبي، وقد سبق للجماعة أن قامت بتأسيس حزب "الحرية والعدالة" حزبا سياسيا لكل المصريين، ليكون مساهما فاعلا في الساحة السياسية المصرية، ومعبرا عن الرؤية السياسية لجماعة الإخوان المسلمين".
تصريحات حشمت
وكان جمال حشمت قال، الأربعاء الماضي، إنه "تأكد عزم كل الأطراف" داخل الجماعة على ضرورة "فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي والتربوي"، و"سيُعلن هذا قريبا"، مشيرا إلى أن هناك "سعيا لمراجعات كبرى، لكنها تحتاج إلى وقت، وإرادة، وتقديم الشباب".
وفي حوار حول الأزمة الداخلية للإخوان، أضاف "حشمت"، صاحب أحد مبادرات حلّها، إن الخلاف الداخلي داخل الجماعة "نخبوي" في المستويات العليا بها، وليس قواعدها، مؤكدا وجود جهود لرأبه في أقرب وقت، مستبعدا في الوقت الحالي إعلان انشقاق بالجماعة التي تأسست عام 1928.
ودشّنت جماعة الإخوان "حزب الحرية والعدالة" عقب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وكانت اتهامات كثيرة توجّه للجماعة بهيمنتها على القرار داخل الحزب، الذي تم حله بقرار قضائي عقب إطاحة قادة الجيش المصري، في 3 تموز/ يوليو 2013 بـ"محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.
وشدّد "حشمت"، المقيم حاليا خارج مصر، على أن "الأزمة الحالية ليست بين تنظيم يبقى أو ينتهي أو مواجهة أو تراجع، بقدر ما هي محاولة جادة وحقيقية لتطوير الجماعة، وعودتها للرأي العام بشكل أفضل وأحسن من فتراتها السابقة، وقد عولجت الأخطاء، وتمت الاستفادة من الدروس السابقة في تاريخ الوطن والجماعة".
نهضة تونس
وقبل أيام من سجال الإخوان في مصر، ظهر توجه واضح لدى حركة النهضة، التي تعدّ الذراع لجماعة الإخوان هناك، لفصل
العمل الدعوي عن السياسي.
وأعلن راشد الغنوشي، مؤسس ورئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية، أن الحركة سوف "تخرج من الإسلام السياسي".
وقال الغنوشي: "نحن نؤكد أن النهضة حزب سياسي، ديموقراطي ومدني، له مرجعية قيم حضارية مُسْلمة وحداثية (..). نحن نتجه نحو حزب يختص فقط في الأنشطة السياسية".
وأضاف: "نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديموقراطية المُسْلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون، ولا نعرّف أنفسنا على أننا (جزء من) الإسلام السياسي".
وأفاد: "نريد أن يكون النشاط الديني مستقلا تماما عن النشاط السياسي. هذا أمر جيد للسياسيين؛ لأنهم لن يكونوا مستقبلا متهمين بتوظيف الدين لغايات سياسية. وهو جيد أيضا للدين؛ حتى لا يكون رهين السياسة وموظفا من قبل السياسيين".
وتعاني جماعات الإسلام السياسي من انسداد الأفق والتضييق عليها من الأنظمة الحاكمة، الأمر التي يجعها تعيد تموضعها من جديد، وتدخل مرحلة جديدة ضمن ظروف ومعطيات وأساليب جديدة.