فشلت محاولات النظام لتشجيع الشبان على الالتحاق بصفوف جيشه على الرغم من تدخل المنابر الدينية في أيام الجمعة، حيث يُفرض على الخطباء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام الترويج لهذا الأمر تحت شعار " تأدية واجب الدفاع عن الوطن". لم تتوقف هذه الحملات في مدن الساحل منذ عامين تقريبا، كما في عموم
سوريا، بحسب ما يقوله "الشيخ خالد" لـ"
عربي21".
ويقول: "تدرك السلطة المستبدة أن المرجعية الدينية هي العليا في بعض الأحيان، ولم تدخر قوات النظام سبيلا لإجبارها على تأدية واجب الطاعة للوطن وسيد الوطن، وكانت آخر فروض الطاعة حض الشبان على اللحاق بالجيش".
وذكر الشيخ خالد، "أخبرت من أثق بهم من حولي ألا يسمعوا لما أقول على المنبر؛ فأنا مجبر على ذلك، وأخبرتهم أن يهربوا إلى الخارج"، كما قال.
وفي الأيام الماضية، شنت قوات أجهزة النظام السوري حملة اعتقالات طالت مدن الساحل، وركزت على مدينتي
اللاذقية وجبلة، وهي حالة متجددة حسب ما أكده موظف منشق من السجلات المدنية.
ويقول الموظف لـ"
عربي21" إن "النظام يخطط جيدا، ففي كل عام هناك شبان يدخلون في حيز الخدمة الإجبارية، هذا الأمر لم يغب عن أعين سلطات الأمن العليا في سوريا، ولذلك فإن معظم الشبان الذين تتراوح اعمارهم بين 19 عاما و 21 هم أمام أعين الأمن، وما الحملة الأخيرة إلا للزج بهم في قوات النظام وإجبارهم على القتال ضد قوات المعارضة".
ولفت إلى أن المستهدف الأول من خطط النظام هم فئة الشبان السنة في مدن الساحل، فهناك الكثير من اليافعين قد أصبحوا في سن الخدمة العسكرية.
ومن ناحية أخرى معظم الأسرى الذين يقعون مؤخرا بأيدي الفصائل المقاتلة لا تتجاوز أعمارهم 23 عاما، وبدا ذلك جليا في آخر التسجيلات المصورة التي نشرتها الفصائل في حلب، بعيد المعركة في منطقة خان طومان ومخيم حندرات. وكان معظم أسرى النظام ممن تم
تجنيده من مناطق الساحل، بحسب ما أكدته الفصائل.
ودأبت صفحة على موقع "فيسبوك" توثق القتلى في مدينة اللاذقية؛ على نشر معلومات بشكل يومي عن قتلى من السنة خلال معارك ضد الفصائل.
ويؤكد الشيخ خالد أن معظم هؤلاء تم اقتيادهم بالإجبار إما من أماكن عملهم،أو من منازلهم وحتى من الشارع كما يحصل مؤخرا، حيث تنتشر دوريات الأمن في الطرقات، وكل شاب يمر يكون عرضة للتفتيش، كما أن هذه الدوريات تقوم بالبحث عن اسمه عبر سجلات المطلوبين حديثا وفق ما يدعى "فيش أمني".
كما تنتشر الدوريات أمام مداخل الجامعة؛ للبحث عن مطلوبين جدد، حيث يتم الزج بهم في حافلات لتنقلهم إلى معسكرات التدريب. وهذا المشهد يتكرر مع أماكن التجمع الأخرى، مثل المقاهي والمطاعم الشعبية. ولم يعد هناك من يهتم بأن يشاهد مباريات دوري أبطال أوروبا، حيث تترقب قوات الأمن هذه الأمكنة في ساعات المساء، مثل مقهى طابوشة الأشهر في مدينة اللاذقية، والذي لم يعد يتجمع فيه أي من الشبان خوفا من الاعتقال.
ويخشى أبناء السنة في اللاذقية من تزايد وتيرة هذه الحملات التي من شأنها أن تعقد الأوضاع الاجتماعية عبر فقدان عنصر
الشباب، كما تزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية، فمعظم من يجبرون على اللحاق بجيش النظام هم المعيلون لأهاليهم. لكن الخطر الأبرز، حسب ما يؤكده نشطاء من المعارضة، هو تفريغ المناطق السنية من شبانها وفق "خطة ممنهجة".