علقت صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها على الفرص الكبيرة لفوز زعيم
حزب الحرية النمساوي نوربرت
هوفر، بأنها نتاج للهجرات الجماعية التي تضرب
أوروبا، وتدفع الأوروبيين باتجاه اليمين في أنحاء القارة كلها.
وتقول الافتتاحية إن "نصف سكان
النمسا، مسقط رأس الزعيم النازي أدولف هتلر، صوتوا لحزب اليمين ليقود الدولة، وكانت النتائج واضحة، حيث ترك للذين صوتوا عبر البريد ليقرروا النتيجة النهائية، وفيما إن كانت النمسا هي الدولة الأولى الحديثة التي تنتخب زعيما متطرفا رئيسا لها".
وتشير الصحيفة إلى أنه "بعد تأرجح بين الاشتراكيين الديمقراطيين والمحافظين أو خليط منهما ولسنوات، تخلى النمساويون عن الوسط، ومهما كانت النتيجة، فإن حزب نوربرت هوفر (الحرية) سيكون محفزا لهوية جديدة في السياسة، خاصة أن منافسه لم يأت من المركز، بل يحظى بدعم من الخضر، ومن هنا فقد رفعت صفارات الإنذار في أنحاء أوروبا كلها".
وتلفت الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، إلى أن الميل لليمين المتطرف سببه تدفق اللاجئين غير المنضبط من سوريا، والمهاجرين من دول الصحراء الأفريقية، مشيرة إلى أن هذا الأمر غيّر شروط اللعبة السياسية كلها في أوروبا، وربما قاد إلى فوز زعيمة الجبهة الوطنية ماريان لوبان، في انتخابات الرئاسة الفرنسية العام المقبل.
وتفيد الصحيفة بأن المخاوف من المهاجرين قادت إلى تحالف مع اليمين المتطرف في النرويج وفنلندا، وحرفت السياسة في هولندا والدنمارك، وغذت صعود حزب الاستقلال في بريطانيا، مشيرة إلى أن هناك من يصف هذه الظاهرة بـ"الترامبية"، التي ليست لها علاقة كثيرا بالمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث إن الخطاب الأوروبي يظل صامتا وينبع من تاريخ قاتم، لكنها تحاول استهداف الناخبين مثل ترامب: الشبان الغاضبين الذين يشعرون بالتشويش والقلقين من أن حقوق المواطنة التي تمتعوا بها لم تعد لها قيمة.
وتنوه الافتتاحية إلى أن المهاجرين يمثلون بالنسبة لهؤلاء الناخبين أعلى شكل من أشكال العولمة، حيث يريد مؤيدو هوفر حكومة تؤكد القيم المسيحية، وتتبنى سياسات اشتراكية، لافتة إلى أنه مثلما وجد حزب الاستقلال مؤيدين في قواعد حزب العمال، فإن حزب الحرية وجد مؤيدين له داخل يسار الوسط النمساوي، ويتهم هؤلاء اليسار بفشله في حماية دولة الرفاه.
وتذكر الصحيفة أن حزب الحرية وصل إلى ساحة السياسة الرئيسة في تسعينيات القرن الماضي تحت قيادة يورغ هايدر، عندما فاز بنسبة 27% من الأصوات في انتخابات عام 1999، وأحدث ضجة في أوروبا، مشيرة إلى أنه نظرا لمديحه لسياسات هتلر ومواقفه المتطرفة، فقد انقسم ومات قادته من الذين مدحوا هتلر.
وتبين الافتتاحية أن هوفر تبنى سياسة ذكية، حيث إنه الآن يلقي مشكلة عداء السامية على المسلمين، ويتجنب العودة أو الإشارة إلى أيام النازية، ويستخدم المسلمين ليحذر المتحدثين بالألمانية من مخاطرهم، مستدركة بأنه مع أن منصب الرئيس النمساوي يظل اسميا، إلا أن فوز هوفر سيعطي حزبه احتراما، ويعبد الطريق أمام فوزه في الانتخابات العامة.
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول: "هؤلاء هم حكام أوروبا اليوم؛ روسيا وتركيا تحكمان باستبداد، وكلاهما يستخدم خوف أوروبا من اللاجئين لمصالحه، ويحكم هنغاريا وبولندا وسلوفاكيا قوميون متطرفون وفي غرب أوروبا، ويملأ اليمين المتطرف الفراغ الذي احتله تقليديا المسيحيون الديمقراطيون والاشتراكيون، ويقدم اليمين نفسه طرفا قويا ورجاله أقوياء، لكنهم ليسوا سوى انتهازيين، وعلى الأحزاب المسيحية إن أرادت النجاة تقديم إجابات حول الهجرة الجماعية؛ لأنها دفنت رأسها بالرمل مثل النعامة ولوقت طويل".