دخلت
مشاورات الكويت بين أطراف النزاع في
اليمن أسبوعها السادس، دون الحديث عن أي جديد، غير اتهام الحكومة الشرعية لوفد جماعة الحوثيين وحزب علي عبد الله صالح بعدم الرغبة في إحلال السلام، على أساس أنه كلما طالت مدة هذه الجولة من المحادثات، صبت في مصلحة الأخير، بينما يسعى الأول لحل سريع تضع حدا لحمام الدم في محافظات البلاد.
ومع تعثر محادثات الكويت، تثار العديد من الأسئلة حول الإطار الزمني المفتوح لهذه الجولة، إذا قورنت بجولتي "جنيف1" التي انعقدت في 16 من حزيران/ يونيو من العام 2015 وانتهت في 19 من الشهر نفسه، و"جنيف2" التي بدأت في 15 كانون الأول/ ديسمبر وانتهت في 20 من الشهر ذاته.
الأمم المتحدة في مأزق
في هذا السياق، قال رئيس تحرير صحيفة "الوسط" اليمنية، جمال عامر، إن "مفاوضات الكويت أصبحت تمثل مأزقا للأمم المتحدة التي صارت تبحث عن مخرج بماء الوجه بعد أكثر من أربعين يوما من حوار الطرشان".
وأرجع طول الفترة الزمنية لحوار الكويت إلى رغبة المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، بالخروج باتفاق شكلي، يمكنه من ترحيل المحادثات إلى موعد آخر، وهو ما لا يمكن تحقيقه، في ظل مواقف أطراف الصراع المتشددة، مشيرا إلى أن وفد الحوثيين يصر على تشكيل حكومة توافق أولا، بينما الطرف الثاني يتحدث عن عودة عبد ربه منصور هادي وحكومته للسلطة.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن مساعي ولد الشيخ اقتضت أن يقفز الرجل على هذه المعضلة، والخوض في خارطة الطريق وآلية التنفيذ، وهو الأمر الذي عاد بالمشاورات إلى ما قبل اللقاء الأول الذي كان مباشرا بين طرفي النزاع، لينتهي المطاف بالمبعوث الدولي بمناقشة ما يطرحه كل طرف، ويريد البناء دون أساس، وفق تعبيره.
ولفت عامر إلى أن
السعودية بدأت في التحول من قائدة للحرب إلى وسيط لتبييض عام من قتل المواطنين اليمنيين داخل منازلهم، في مسار جديد لإدارة حرب داخلية دون التدخل بفجاجة ومثلها بقية دول مجلس التعاون الخليجي.
واستثنى الصحفي عامر، سلطنة عمان ودولة الكويت اللذين يبذلان جهدا محايدا وصبورا للوصول إلى السلام، خصوصا إذا نظرنا إلى أن الأخيرة لم يكن دورها فاعلا في الحرب على اليمن وباعتبار ماضيها المساعد للبلد دون وجود دوافع.
ومن جانب آخر، أكد رئيس تحرير "الوسط" الأسبوعية أن مشاورات الكويت تجري وسط لاعبين دوليين، أبرزهم "واشنطن التي تبحث عن حل ربما سياسي لمشكلة محرجة بالنسبة لها لدى المنظمات المدنية، بعدما طالت الحرب التي تقودها حليفتها الرياض، وتساندها أمريكا بالأسلحة".
تحرير الحوار من أي إطار زمني
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي أن مشاورات الكويت انعقدت وسط إصرار من جانب الأمم المتحدة وأطراف دولية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، على إبقاء باب الحل السياسي مفتوحا أطول فترة ممكنة، وغلق باب الحرب، على الرغم من أنه الوحيد الذي ظل مفتوحا حتى الآن.
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن الأمم المتحدة والأطراف الدولية النافذة، عمدت إلى تحرير مشاورات الكويت من أي إطار زمني بل وقامت بفصل المسار الميداني عن المسار السياسي الذي تمثله المشاورات، وهو الأمر الذي أبقى الحرب على أشدها في الميدان في ظل تعثرات مستمرة لهذا الحوار، حسب قوله.
وأوضح التميمي أن هناك أطرافا دولية تدفع مشاورات الكويت نحو تبني خيار الحوثيين، عبر البحث عن ترتيبات سياسية وتشكيل الحكومة قبل أي شيء آخر، في حين تصطدم هذه المساعي بحرص الحكومة على المضي في خطوات بناء الثقة التي تشمل إطلاق سراح المعتقلين، والشروع في الانسحاب من المدن وتسليم السلاح وفق ما يقضي به قرار مجل الأمن رقم 2216 الخاص باليمن.
وأشار إلى أن حوار الكويت بين الحكومة والحوثيين، تحول إلى ساحة مواجهة واختبار للإرادات السياسية لأطراف دولية وإقليمية، وميدان آخر لتصفية الحسابات، ولذلك يتم احتواء أي تدهور من شأنه أن يغلق باب الحل السياسي لكن دون أفق واضح لهذا الحل.
ورأى السياسي اليمني أن ثمة مسارا موازيا، بعيدا عن الأضواء، تقوده واشنطن، يحضر لترتيبات قد تفضي في نهاية المطاف إلى نتائج ملموسة لمشاورات الكويت، تتقاطع في أجنداتها مع قضايا المنطقة برمتها من سوريا وحتى اليمن.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن هناك توجها لتعطيل القرار الدولي 2216، عبر تبني خيار البدء بالترتيبات السياسية، والذهاب إلى حد إقناع الوفد الحكومي بالقبول بتشكيل حكومة قبل الانسحاب وتسليم السلاح، وهو مخطط يسعى إلى إعادة إنتاج اتفاق السلم والشراكة الذي تزامن مع اجتياح صنعاء من الحوثيين في نهاية 2014، ولكن هذه المرة بصيغة مغايرة.