نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتب جون فيدال، حول اكتشاف تورط
معبد بوذي في
تايلاند بالاتجار غير القانوني بالنمور الحية والميتة، بعد أن كان يعتقد أن المعبد كان يوفر ملجأ لتلك
النمور.
ويشير التقرير إلى أن المعبد، الذي كان يمكن للشخص زيارته مقابل 600 باهت تايلاندي "11.5 جنيه إسترليني"، يقع في محافظة كانتشانابوري غرب العاصمة بانكوك، لافتا إلى أن المنظر كان يؤثر في السياح، حيث يرون هذا الحيوان الكاسر يعيش في وئام مع البشر، وكان يمكن للزائر أن يدفع مبلغ 15 جنيها إسترلينيا إضافية للكهنة البوذيين، الذين يرتدون أروابا زعفرانية اللون؛ للمساعدة في تغذية أشبال النمور، أو لأخذ صورة مع نمر كبير يضع رأسه في حضن الزائر.
ويذكر الكاتب أنه مثل 250 ألف شخص آخر، قام جي زد وبيونس وابنتهما بلو أيفي بأخذ صورة مع النمور العام الماضي، وتعجبوا كيف يمكن أن يكون أكثر حيوانات العالم ضراوة داجنا إلى هذه الدرجة، مشيرا إلى أنه تم إغلاق المعبد الآن، وإخراج الحيوانات من هناك، بعد مرور عقد على مزاعم مجموعات حقوق الحيوان لكهنة المعبد بقسوة التعامل مع الحيوانات، وتربية الحيوانات البرية، والاتجار غير القانوني بها.
وتلفت الصحيفة إلى أن ألف شرطي وعسكري ومسؤول حكومي قاموا بمداهمة المعبد، وكشفوا عن وجود
تجارة غامضة في أجزاء النمور في السوق الصينية، وتهدد النمور التي بقيت في البرية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن عدد النمور اليوم في البرية يقدر بحوالي 3200، بعد أن كان عددها 100 ألف عام 1900، مستدركا بأن الأبحاث والتقارير من وكالة التحقيقات البيئية ومن مؤسسة "سي فور لايف" الأسترالية، تقدر بأن هناك حوالي خمسة آلاف نمر تتم تربيتها في مزارع في الصين و1450 في تايلاند و180 في فيتنام، وربما 400 في لاوس، هذا عدا بعض المقتنيات الخاصة وحدائق الحيوان في الدول الآسيوية الأخرى.
وينوه فيدال إلى أن دابي بانكس من وكالة التحقيقات البيئية، قامت بالعمل سرا في مزارع النمور في الصين، حيث تقول إن تربية النمور على مدى السنوات العشر الماضية كانت صناعة سريعة التوسع، وتجارة مربحة جدا، جيث تعمل كثير من المزارع تحت غطاء الحماية من الانقراض، لافتا إلى أن وجود هذه المزارع يزيد من طلب المنتجات الترفيهية، والعلاج الصيني التقليدي، ويهدد القلة الباقية في البرية من النمور.
وتنقل الصحيفة عن بانكس، قولها: "إن هذه الأماكن تحتفظ بأجزاء النمور الميتة في المجمدات، ولم تكن هذه (مداهمة المعبد) سوى غيض من فيض هذه التجارة، التي تمتد عبر جنوب آسيا، حيث تقوم مزارع النمور، أو ما يسمى ملاذات النمور، ببيع أجزاء النمور ومنتجاتها في السوق السوداء، وتحقق أرباحا كبيرة".
ويبين التقرير أن ما تم اكتشافه في كانتشانابوري بعيدا عن أعين السياح، صدم حتى المحققين المخضرمين في قضايا الحيوانات البرية، حيث إنه بالإضافة إلى 137 نمرا حيا، تم اكتشاف مختبر يشير إلى أن
الكهنة كانوا يقومون بصناعة النبيذ والأدوية، مستخدمين النمور، بالإضافة إلى أجساد 40 نمرا صغيرا محفوظة في مجمدات.
ويورد الكاتب أن مثل هذه المزارع، التي تزايدت بشكل كبير؛ بسبب الطلب على عظام النمور وأجزائها الأخرى، في الوقت الذي تتناقص فيه أعداد النمور في الطبيعة بشكل سريع، تدعي بأنها تقوم بتعريف الناس بمشكلات النمور، حيث تقول إن النمور التي تولد في تلك المزارع يمكن إعادتها إلى البرية.
وتستدرك الصحيفة بأن بانكس تقول إن المزارع تعمل بهدف الربح فقط، ويعتقد أن معظمها متورط في الاتجار بأجزاء النمور، مشيرة إلى أنه بالرغم من وجود من اتفاقية دولية عام 2007، تمنع تربية النمور لأجل البيع، وتقتضي إغلاق مزارع النمور بالتدريج، إلا أن ما حصل هو العكس تماما، حيث إن الاتجار بأعضاء نمور المزارع تتزايد، والطلب على النمور البرية وصل ذروته.
وينقل التقرير عن مؤسسة "ترافيك"، قولها إن السلطات الآسيوية صادرت حوالي 1600 نمر، في الفترة ما بين عام 2000 و 2014، ويقول المتحدث باسم المؤسسة ريتشارد توماس إنه من الصعب التمييز بين ما كان بريا وما كان من المزارع، ويضيف أن مؤسسته طالبت الدول الآسيوية، التي تنتشر فيها هذه التجارة، وبينها تايلاند، بإثبات وجود ضوابط تمنع وقوع هذه التجارة المحرمة دوليا.
ويجد فيدال أنه مع ذلك، فإن التجارة رائجة، وزادت المصادرات لحيوانات نشأت في مزارع في لاوس وتايلاند وفيتنام، لافتا إلى أن هناك أدلة تشير إلى أن التجارة تمتد أيضا لتشمل أندونيسيا.
وتكشف الصحيفة عن أنه يشك بأن من يقف وراء تجارة أعضاء النمور، التي تقدر بمليارات الدولارات، هم تجار ذوو سطوة، بالتعاون مع سلطات فاسدة، حيث "تمارس الصين بشكل ممنهج حقوق تجارة داخلية للشركات التي تتعامل بجلود النمور وأعضاء أخرى بشكل رئيسي وليس كاملا من نمور المزارع"، بحسب التقرير.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من القوانين الدولية التي تمنع هذه التجارة، إلا أن الحدود، التي يسهل اختراقها، بين تايلاند ومينمار ولاوس والصين، سمحت للتجار بتصدير الحيوانات بسهولة، حيث قبض قبل أسبوعين على رجل فيتنامي عمره 26 عاما ومعه أربعة نمور صغيرة مجمدة على حدود لاوس، وقال إنه اشترى النمور المجمدة من سوق حدودي بمليوني دونغ فيتنامي "62 جنيها إسترلينيا"، وإنه يقوم بإيصالها للمشتري.
ويشير الكاتب إلى أنه لدى وصول أعضاء النمر إلى الصين، فإن المكافأة تكون كبيرة، حيث غذى استخدام أعضاء النمور في الطب الصيني التقليدي هذه التجارة لعقود، لافتا إلى أنه منع استخدام عظام النمور في الصين منذ عام 1993، لكن السكرتير العام لمؤسسة "سايتس" جون سكانلون، يقول إن الطلب على النمور تزايد من مشترين حريصين على استعراض ثرواتهم.
وبحسب الصحيفة، فإن جلد نمر المزرعة مكتمل النمو يباع بحوالي 40 ألف جنيه إسترليني، حيث يستخدمه الأثرياء الصينيون أحزمة وسجاجيد ومعلقات، بحسب وكالة التحقيقات البيئية، حيث تكلف زجاجة نبيذ النمور 340 جنيها إسترلينيا، أما عظام النمور فثمنها هو وزنها ذهب تقريبا، أما صحن حساء ذكر النمر، الذي يعتقد بأنه يزيد الفحولة، فيكلف 300 دولار.
ويكشف التقرير عن أنه لم يبق في الصين سوى 50 نمرا في البرية، مستدركا بأنه يعتقد أن مزرعتين كبيرتين وعدة مزارع صغيرة تحتوي على حوالي 5000 نمر، مشيرا إلى أنه مع أن بعض الدول تقول إن تربية الحيوانات في مزارع تقلل من الضغط على الحيوانات البرية، إلا أن الصندوق العالمي للطبيعة يقول: "قد يكون هذا صحيحا إلى حد ما، إلا أن هذه التجارة تزيد من الطلب على أعضاء النمور".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن هناك حوالي 3200 نمر في البرية، أقل من 30 منها في فيتنام، و50 في الصين، و2200 في الهند، و500 في روسيا، لافتة إلى أن هناك أكثر من 7000 نمر في 240 مزرعة في جنوب شرق آسيا، ولدى الصين 5000 منها، وتايلاند 1450، وفيتنام 180، ولاوس حوالي 400.