في ظل عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها لتفجير "لبنان والمهجر"، الذي وقع الأحد، وأدى لوقوع إصابتين وأضرار مادية؛ وجهت أطراف سياسية أصابع الاتهام لحزب الله، الذي يخوض "حربا" ضد مصارف لبنان، التي بدأت بتطبيق قانون العقوبات الأمريكي عليه وإغلاق لحسابات الحزب والمؤسسات التابعة له، وسط نفي للحزب والصحف المقربة منه.
ووقع انفجار ضخم في فرع "بنك لبنان والمهجر"، التابع لمصرف لبنان، في منطقة فردان بالقرب من مبنى المونكورد، مساء الأحد نتيجة عبوة وضعت تحت سيارة خلف مبنى بنك لبنان والمهجر، مما تسبب بوقوع إصابتين وأضرار مادية كبيرة.
ويأتي الانفجار في ظل خوض الحزب لحرب مع مصارف لبنان التي بدأت بالتضييق على الحزب، وضرب مصادره الاقتصادية، بإغلاق حساباته وحسابات المؤسسات التابعة له، تنفيذا للعقوبات الأمريكية باعتبار الحزب منظمة إرهابية، مما جعل أصابع الاتهام تتوجه إليه، مترافقة مع "تهديد مضمن" أرفقته وكالة "فارس" الإيرانية شبه الرسمية للأنباء، قبل ساعتين فقط من وقوع الانفجار.
اقرأ أيضا: معهد واشنطن: "حزب الله تحت النيران في سوريا"
اتهامات للحزب
ووجهت صحيفة "المستقبل"، الاثنين، المقربة من "تيار المستقبل" اللبناني، الخصم الأكبر السياسي للحزب، اتهامات مبطنة لحزب الله، واصفة التفجير بأنه "رسالة متفجرة"، مسبوقة برسائل إعلامية وإلكترونية "وضعت الحزب في دائرة الاتهام".
وأضافت الصحيفة أنه "لم يكن صعبا إدراك مغزى الرسالة المتفجرة والجهة المستهدفة لتزامنها مع التوتر المتصاعد بين حزب الله والقطاع المصرفي على وقع العقوبات الأمريكية"، مستدركة، نقلا عن مصادر في مصرف لبنان المركزي أن "هذه الرسالة لن تجدي لأنi لا خيار لديه سوى تطبيق القوانين المحلية والأمريكية والدولية".
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة بنك "لبنان والمهجر" سعد أزهري للصحيفة إنه "من المبكر الاستنتاج أو الإدلاء برأي قبل ظهور نتائج التحقيق"، مؤكدا أن "الأهم كان اقتصار أضرار الانفجار على الماديات".
وأشار مصدر أمني، لصحيفة "الجمهورية"، المقربة من "المستقبل"، إلى أن "التحقيقات الأولية أشارت إلى أن العبوة استهدفت المصرف على خلفية القانون الأمريكي الذي يَستهدف أموال حزب الله وحسابات قيادته ومسؤوليه وبيئته".
تهديد إيراني
وقبل التفجير بساعات، وجهت وكالة "فارس" الإيرانية، شبه الرسمية للأنباء، تهديدا مباشرا، نقلا عما أسمته "أوساط حزب الله"، قالت فيه إن "ملف المصارف سيفتح على مصراعيه في الأيام المقبلة، إلا إذا عادت المصارف إلى رشدها"، مهددة بأن "الطاولة ستنقلب على الجميع عندما ترتفع أسهم بورصة المواجهة الشعبية مع المصارف".
وقالت الوكالة إن "المتغير الجديد في هذه المعركة هو انتقالها من الساحة الدولية إلى الساحة اللبنانية، ليس ذلك فحسب بل العمل على مواجهة الحزب عبر بيئته الحاضنة في معركة يصفها أحد المراقبين بـ(التطهير الاقتصادي العرقي)، في ظل إصرار بعض المصارف اللبنانية، وفي مقدمتها رئيس البنك المركزي رياض سلامة، على تملّق القانون الأمريكي ومداهنته"، بحسب قولها.
وهددت الوكالة الإيرانية في تقريرها من أن الأزمة القائمة تتطلب "تعقلا مصرفيا"، وإلا فإن النهاية ستكون "7 أيار جديدا"، في إشارة إلى أعمال العنف التي بدأها الحزب، في 7 أيار/ مايو 2008 بعد قرار مجلس الوزراء اللبناني مصادرة شبكة اتصالات حزب الله، والتي تعد الأعنف منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، وربما "الخامس والعشرين من أيار"، في إشارة إلى عيد المقاومة والتحرير.
الحزب ينفي
ولم ينف حزب الله بشكل رسمي مسؤوليته عن التفجير، وسط توقعات صحيفة "السفير" المقربة منه بصدور بيان رسمي مساء الاثنين، إلا أن مصادر الحزب، وفي عدة صحف مختلفة مقربة من الحزب، نفت مسؤوليتها عن التفجير، قائلة إنه "يستهدفها ويسعى لإظهارها بأنها تستهدف الخصوم".
وفي أول تعليق للحزب، قالت مصادر الحزب لموقع "ليبانون ديبايت" إن "تفجير المصرف يهدف إلى زيادة الضغط على حزب الله ودفع المصارف اللبنانية إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات"، مشيرة إلى أن "الحزب يرى أن هذا التشويه المتعمد لصورته يقصد منه إظهار الحزب كحزب عنفي"، معتبرا أن "الهدف من التفجير إعطاء انطباع بأننا حزب إرهابي يمارس العنف بحق كل من يخالفه"، مؤكدا أن "الحزب لا يمارس أي عمل من هذا القبيل، لأنه مناف لخطنا ولقناعاتنا وأخلاقياتنا، حتى ولو كان المصرف خاضعا للتعليمات الأمريكية".
وأدانت مصادر في الحزب، لمحطة "الميادين" الفضائية، المقربة منه، إدانتها للتفجير، معتبرة أنه "يهدف لإعطاء انطباع بأننا حزب إرهابي يمارس العنف بحق كل من يخالفه"، في تأكيد لكلام مصدر موقع "ليبانون ديبايت"، وتصريحات مصادر أخرى لصحيفة "الديار" المقربة من الحزب.
"الحزب هو المستهدف"
من جانبها، اعتبرت صحيفة "السفير" المقربة من الحزب، أنه "من الواضح أن المستهدَف من تفجير بنك لبنان والمهجر هما حزب الله، والقطاع المصرفي، على حد سواء، وأي تفسير آخر يخدم الجريمة ويساهم في تحقيق أهدافها، عن قصد أو غير قصد"، بحسب تعبير الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها بعنوان "الفتنة عدا ونقدا"، أن من قام بالتفجير "أراد بالدرجة الأولى الاستثمار في الخلاف بين المصارف وحزب الله، لتوسيع الهوة بينهما، وللتحريض على الحزب وتوجيه أصابع الاتهام نحوه، مع ما سيجره ذلك من تداعيات داخلية، من شأنها أن تؤجج الاحتقان المذهبي والتوتر السياسي، وبالتالي تهيئة المسرح أمام عروض الفتنة، المتنقلة بين ساحات المنطقة، والتي نجح لبنان حتى الآن في تفاديها".
وهاجمت "السفير" في تقريرها: "بعض الإعلام المحسوب على جهات خليجية، لم يتردد في تحميل حزب الله مسؤولية تعريض القطاع المصرفي إلى الخطر، في حين أنه لم يمضِ وقت طويل بعد على تدابير موجعة اتخذتها
السعودية، على سبيل المثال، من قبيل إقفال البنك الأهلي السعودي في لبنان وسحب ودائع مالية، الأمر الذي كان له التأثير السلبي المباشر على الوضع المصرفي في لبنان"، بحسب تعبيرها.
وأكدت صحيفة "الأخبار"، المقربة من حزب الله، رواية "السفير"، قائلة إن من قام بالتفجير دخل على الخط "ليضع المقاومة في خانة الاتهام، ومحاولة محاصرتها بالفتنة بعد العقوبات"، بحسب قولها.
وأشارت الصحيفة إلى أن التفجير من الناحية السياسية، "وقع في لحظة اشتباك بين بعض المصارف (وعلى رأسها لبنان والمهجر) من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، على خلفية قانون العقوبات الأمريكي بحق الحزب"، واصفة الاشتباك بأنه "يجري كسفينة بلا ربان، فالبلاد بلا رئيس، والحكومة نفضت يدها من الأزمة، وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة عاجز، حتى الآن، عن الإمساك بالعصا من وسطها".
أما أمنيا، بحسب "الأخبار"، فالانفجار دوى بعدما أوقفت الأجهزة الأمنية خلايا تابعة لتنظيم الدولة، أقر أعضاؤها بالإعداد لتنفيذ هجمات في بيروت، ضد مؤسسات غير عسكرية، وأماكن يرتادها المدنيون، مدعيّة وجود معلومات أمنية تتحدث عن "تخطيط جبهة النصرة للقيام بأعمال إرهابية تستهدف منطقة بيروت والحمرا"، بحسب قولها.
وأقر الكونغرس الأمريكي أواخر العام الماضي قانونا يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله، كما أصدر رئيس مصرف لبنان (بنك لبنان المركزي) رياض سلامة تعميما في أيار/ مايو الماضي يدعو المصارف والمؤسسات المالية إلى تقييد عملياتها بما يتناسب مع مضمون القانون الأمريكي، وهو ما بدأت بتطبيقه المصارف قبل أيام.