اعتبر نصر الله أن الجهاد ضد السعودية أولى منه ضد إسرائيل-أرشيفية
انقلبت الآية لدى الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله، في خطاباته الأخيرة كما هو حال عسكر حزبه في معاركه، وبات الهجوم اللفظي على الدول العربية، وبالتحديد السعودية، يوازي الهجوم على الاحتلال الإسرائيلي، وهو الأمر الذي يمثل بطبيعة الحال؛ انعكاسا لحالة الحزب الموالي لإيران بعد تورطه في سوريا وتحول بوصلته من القدس نحو دمشق، كما يقول منتقدوه.
ففي آخر 10 خطابات لنصر الله، برزت لهجة المعاداة للسعودية بشكل لافت، وتصدر الهجوم عليها العديد من خطاباته، حيث بلغ عدد المرات التي ذكر وهاجم فيها "السعودية أو "آل سعود" أو ما يدل عليها 320 مرة، فيما ذكر وهاجم "إسرائيل" أو ما يدل عليها 322، أي بفارق مرتين فقط لصالح الأخيرة.
وفي أربع مناسبات من أصل عشر؛ هاجم السعودية أكثر مما هاجم إسرائيل، ووصل عدد مرات ذكر السعودية في خطابه الذي ألقاه في الأول من آذار/ مارس العام الجاري إلى 93 مرة في الوقت الذي هاجم فيه إسرائيل حينها 11 مرة فقط.
وتنوع شكل هجوم نصر الله على السعودية في الآونة الأخيرة بين تحمليها مسؤولية حروب المنطقة، ودعم "التكفيريين والدواعش" في سوريا، والتورط بقتل المدنيين في اليمن، وعرقلة الحل السياسي في لبنان، ووصل الأمر به إلى أن يحملها في كلمة نقلتها صحيفة الأخبار اللبنانية مسؤولية مقتل "اللبنانيين في حرب تموز 2006".
الحاضر الغائب في خطاباته كانت إيران، فقد كانت حاضرة في أفعالها وتدخلاتها في كل الدول التي اتهم نصرالله فيها السعودية، في اليمن ولبنان وسوريا، إلى جانب التدخل الإيراني في الساحة العراقية، لكن نصر الله حينما ذكر إيران؛ عمد إلى لغة التمجيد والثناء.
الخطابات الأولى من العام
وجاءت الخطابات الرئيسية الثلاث في أسبوع سمير القنطار، وتأبين محمد الخاتون، وملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، لكن بداخلها كانت عناوين إضافية أكثر بروزا.
ففي خطابه بعد أسبوع من مقتل القنطار، لم يفوت نصر الله مهاجمة التحالف الذي تقوده السعودية على الرغم من توجيه الاتهامات في مقتل القنطار هي إسرائيل.
وقال: "لا تنتظروا عاصفة حزم من العرب، ولا إعادة أمل ولا تحالفا إسلاميا عربيا، ولا تحالفا دوليا لمكافحة الإرهاب، فإسرائيل شريك يعترف بها العالم في الحرب على الإرهاب حتى عند بعض الأنظمة الإرهابية".
وفي حفل تأبين الخاتون، هاجم نصر الله؛ السعودية بشكل غير مسبوق، على خليفة إعدام رجل الدين الشيعي في السعودية، نمر النمر، قائلا إن "دماء النمر تملأ حاضر ومستقبل آل سعود إلى يوم القيامة وستلاحقهم في الدنيا والآخرة"، بحسب تعبيره.
وأضاف: "آل سعود يريدون فتنة سنية – شيعية وهم الذين أشعلوها منذ سنوات ويعملون على إشعالها في كل مكان في العالم.. فالسعودية قدمت وجهها الحقيقي الآن الوجه الاستبدادي والتكفيري والإرهابي وهي تفعل هذا يوميا في اليمن". وذهب نصر الله إلى حد القول إن "أرض الإسلام والحرمين في شبه الجزيرة العربية سُميت تزويرا بالمملكة العربية السعودية وفرضت نفسها بالقتل والمجازر"، وفق قوله.
أما في ملف الرئاسة، فقد كانت السعودية حاضرة في اتهامها بأنها تقف خلف عرقلة انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للبنان، كما تحدث عما أسماها "المساعي الإسرائيلية والسعودية لإفشال الاتفاق النووي الإيراني، فيما أشار بعدها إلى ما أسماه "العدوان السعودي الغاشم على اليمن"، أثناء حديثه عن مواقف حلفائه بالداخل اللبناني.
الجهاد ضد السعودية أعظم منه أمام إسرائيل
وشهد شهر آذار/ مارس الماضي ثلاث خطابات لنصر الله، تنوعت بين خطاب جماهيري، وكلمة متلفزة، ولقاء مع قناة الميادين المدعومة من إيران، وكان أبرزها الكلمة التي نقلتها قناة المنار والتي كانت مخصصة للتعليق على مواقف السعودية السياسية، وأهمها وقف المنحة للجيش اللبناني.
وانتقد في كلمته في اليوم الأول من آذار/ مارس؛ قرار السعودية بتجميد برنامج تسليح الجيش اللبناني، قائلا إنه "ليس من حق السعودية أن تعاقب الشعب اللبناني" لأن ثمة خلافا سياسيا بينها وبين التنظيم الشيعي.
كذلك اتهم نصرالله السعودية بأنها "ترتكب جرائم في اليمن"، حيث تقود تحالفا ضد الحوثيين و"في سوريا" حيث تدعم المعارضة التي تقاتل النظام "وفي البحرين" حيث دعمت حكومة هذا البلد في وجه التحركات الشيعية. واتهمها أيضا بارتكاب جرائم "بحق فلسطين ولبنان والمنطقة منذ عشر سنوات ومئة سنة، ومنذ أتى النظام السعودي"، كما قال.
وقال أيضا: "أشرف شيء قمت به في حياتي هو الخطاب الذي ألقيته في اليوم الثاني من الحرب السعودية على اليمن.. وهو أعظم من حرب تموز"، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان.
وفي تعليقه على تصنيف السعودية لحزبه بأنه "إرهابي"، قال نصرالله في خطاب مصور له أمام أنصاره، في السادس من آذار/ مارس، إن النظام السعودي يقف في مقدمة من وصفهم بالمتآمرين على أي جهة تريد قتال إسرائيل واستعادة ما أسماها بـ"الكرامة العربية".
وغلب على مقابلة نصرالله مع قناة "الميادين" انتقاد سياسة السعودية في سوريا، حيث يقاتل حزبه إلى جانب نظام بشار الأسد، مبررا وجوده في سوريا بـ"حمايتها من الوقوع في أيدي تنظيم الدولة والنصرة، وطالما المسؤولية تتطلب منا أن نكون، نحن سنكون هناك".
تيران وصنافير حاضرتان
في كلمته التلفزيونية التي بث مساء السادس من الشهر الماضي، اعتبر نصرالله أن السعودية تشكل رأس حربة في المشروع القائم ضد المنطقة، مهاجما الرياض بالقول إن "اتصالات أمراء السعودية مع السلطات الإسرائيلية خرجت إلى العلن، بعد أن كانت توصف بأنها فردية في السابق أو أنها تندرج في إطار حرية الرأي في السعودية".
بعد ستة أيام فقط، عاد نصر الله حامل لواء الهجاء للسعودية من جديد، متهما إياها بدعم "الجماعات التكفيرية"، وذكر بالاسم تنظيم الدولة وجبهة النصرة.
وبعد أيام من الإعلان عن مقتل القيادي في حزب الله، مصطفى بدر الدين، في سويا، اتهم نصر الله السعودية بممارسة "أبشع أنواع الرياء" من خلال مواقفها من الأزمة السورية، مكررا الاتهام بدعم الجماعات "التكفيرية" و"الإرهابية".
وفي خطابه الأخير بذكرى الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، في 25 من الشهر الجاري، وجه نصر الله سهامه اللفظية نحو إسرائيل، وأبقى مدافعه في سوريا، وأعلن أن القضية الفلسطينية ستعود هي الأولى.