مدينة
حماة، كغيرها من مناطق سيطرة النظام في
سوريا، تشهد هذا العام شهر
رمضان السادس منذ بداية الثورة، ورغم أنها لا تعاني من القصف والبراميل المتفجرة، إلا أنها تواجه ارتفاعا مستمرا للأسعار في ظل تدهور سعر الليرة، إضافة إلى انقطاع الماء والكهرباء.
أيضا، كغيرها من المدن الخاضعة لسيطرة قوات بشار الأسد، كل شيء مراقب وتحت سيطرة قوات النظام، فلا يمر شخص على حاجز أمني دون التأكد من هويته، كما لا تمر سيارةٌ للبضائع مهما كان نوعها دون أن يدفع صاحبها مبلغا معينا للدورية التي تقف على الحاجز؛ فضلا عن إعطاء عناصر الحاجز قسما من البضاعة إن كانت شيئا يمكن أن يستفيدوا منه، كالسجائر أو الخضار والفواكه.
وحسب شهادات أصحاب المحلات التجارية في أسواق المدينة، فإن حركة البيع والشراء لم تعد كما كانت عليها في سابق عهدها، نتيجة تضخم الأسعار بشكل كبير مقابل دخل المواطنين.
فحسب شهادة أبي مصطفى، أحد أصحاب المحلات في أشهر أسواق المدينة "شارع ابن رشد"، فقد كانت الأسواق تشهد ازدحاما كبيرا مع حلول شهر رمضان، حيث يُقبل الناس لشراء الألبسة الجديدة مع بداية الشهر، وبعضهم يبدأ بالتجهيز لعيد الفطر، مع عروض محلات الحلويات والأطعمة الرمضانية التي تجذب الناس من كل مكان، إضافة إلى انتشار الاحتفالات في شوارع المدينة بقدوم رمضان.
لكن كل هذا انتهى بسبب الضغط الأمني الذي تعيشه المدينة، حيث تُغلق المحلات أبوابها مع أذان المغرب، وتتوقف الحركة بشكل تام في شوارع المدينة.
يقول أبو أنس، أحد سكان حي كرم الحوراني، وهو يعد من الأحياء الغنية في المدينة: "هذا هو أصعب رمضان يمر علينا منذ أن بدأت الثورة قبل خمس سنوات؛ بسبب غلاء الأسعار والوضع الذي يشبه الحصار الذي نعيشه في المدينة، حيث ترتفع أسعار كل شيء إلا الرواتب، فهي على حالها، وتستمر الليرة السورية بالهبوط مقابل الدولار".
ويصف أبو أنس الأسعار "بالجنونية"، مقارنة مع الرواتب التي لم يطرأ عليها أي تغيير حتى مع ارتفاع سعر صرف الدولار.
ويضيف: "تأتي الكهرباء خمس ساعات متقطعة في اليوم، وهي لا تكفي لشحن البطاريات التي قمنا بشرائها لاستخدامها أثناء قطع الكهرباء، فتتعطل البطاريات ونضطر لشراء بطارية جديدة كل شهرين تقريباً".
ويقول أبو أنس إن أسعار البطاريات أصبحت مصروفا جديدا لدى السكان، حيث أصبح من المستحيل العيش بدونها، خصوصا في الصيف، حيث تصل درجات الحرارة إلى 35 درجة مئوية، بالتزامن مع الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي.
ويبقى حال هؤلاء الناس أفضل بكثير من غيرهم مقارنة بالنازحين الذين يعيشون على المعونات الإغاثية، وبالعائلات التي فقدت معيلها خلال الثورة.
وتحكي زينب التي تسكن في حي البرازية قصة جيرانها الذين فقدوا والدهم خلال الثورة، فتقول: "منذ وفاة والدهم خلال الاشتباكات في المدينة؛ اضطر جميع أفراد العائلة للعمل لتوفير معيشتهم، حيث يعمل الأطفال منذ الصباح وحتى المساء كما تعمل الأم في خدمة نساء الحي".
وتقول زينب إن حال هذه العائلة تشبه حال عائلات كثيرة في حيها فقدوا أقاربهم خلال الثورة؛ ويعيشون اليوم على مساعدات الناس، أو رواتب لا تكاد تكفيهم لعدة أيام، حيث يأكلون أبسط أنواع الطعام في أيام شهر رمضان المبارك التي يُفترض أن يعم فيها الخير كل البيوت، كما تقول.