رفض المفكر العربي
المصري المعروف،
حسن حنفي، التنازل عن السيادة المصرية على جزيرتي
تيران وصنافير.
وأشاد حنفي في مقال له نشرته صحيفة "المصري اليوم" بالقضاء المصري الذي حكم بسيادة مصر على الجزيرتين، معتبرا أن
قضاء مصر ما زال شريفا، "بالرغم من محاولات تسييسه لحساب النظام الحاكم".
وأكد حنفي في مقاله -الذي عنونه بـ" تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"- أن مصر "لم تتعود التخلي عن أرضها".
وندد حنفي الذي درس في عدد من الجامعات العربية بواقع الحريات في مصر، التي وصلت إلى تجريم من يدافع عن وطنه، وقال: "مازال المواطن المصري هو الأمين على وطنه، بالرغم مما يلاقيه من صنوف الاضطهاد والتعذيب، من السجن عشرات الأعوام إلى الإعدام، وكأن الدفاع عن الوطن جريمة لا تغتفر، ولا حتى تحت الرحمة الإلهية، بعد أن رفع مواطنان مصريان أمر التنازل عن الجزيرتين إلى النيابة العامة، مقدمين كل الوثائق اللازمة لإبطال اتفاقية رسم الحدود بين مصر والشقيقة السعودية".
كما انتقد التنازل عن الجزيرتين دون استشارة أحد، وطلبا للمعونات، وقال: "التنازل عن الجزيرتين دون استشارة الرأي العام وأهل القانون فيه كثمن للمعونات التي ستقدمها الشقيقة السعودية لمصر، وكأن الوطن موضوع بيع وشراء أو عقار شخصي يتم التصرف فيه عن طريق صاحبه منفردا".
واعتبر حنفي الحائز على درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون، أن تنازل مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير مقدمة لتفتيتها وتآكل حدودها، وقال: "لم تتعود مصر على التخلي عن أرضها. وإلا شجع ذلك السودان على المطالبة بحلايب وشلاتين جنوبا، وتقديم شتى الوثائق الضرورية لذلك، ووادي حلفا الذى جعله عبدالناصر محافظة الوحدة بلا حدود، وليبيا بمناطق أولاد علي غربا، وإسرائيل بطابا والجزر الثلاث في مدخل خليج العقبة، كي تتحكم في مياه البحر الأحمر حتى باب المندب، ويصبح البحر الأحمر بحيرة إسرائيلية بدلا من بحيرة عربية، وأطماعها حسب خرائط الصهيونية من الفرات إلى النيل، وتشمل سيناء والشام والعراق والنزول جنوبا حتى كعبة إبراهيم. كما يشجع النوبيين على الانفصال، وقد حكموا مصر في فترة تاريخية، فترة الملكة حتشبسوت وأثر الدير البحري. كما تشجع السيناويين على تكوين حكم مستقل -ولو ذاتي- طبقا لمدى الخدمات التي تقدمها مصر أو إسرائيل. وهي خطة تفتيت مصر في تآكل حدودها من الخارج، ثم ضرب قلبها بالطائفية والعنف الداخلي والمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومد يدها شرقا وغربا، ومعارك منظمات حقوق الإنسان معها لسجن المعارضين واعتقالهم بالآلاف".
ووصف حنفي التنازل عن الجزيرتين بأنه "أشنع من اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية السلام، التي عقدها رئيس الجمهورية الثانية مع إسرائيل دون الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة في 1967. وكلفه ذلك حياته في أكتوبر 1981".
وطالب حنفي السلطات بـ"الإفراج عن جميع المعتقلين في السنتين الأخيرتين، باستثناء الرئيس المخلوع (حسني مبارك) وأنجاله وأصدقائه وشلته، الذين سلبوا أموال مصر، والذين قامت ثورة يناير 2011 ضدهم، وهم يتمتعون الآن بحسن الإقامة في المعتقلات، وطول مدد المحاكمات وعدم تنفيذها، على عكس ما حدث في الثورة الفرنسية عندما كانت المقصلة جاهزة للملك وزوجته وحاشيته. قد تأكل الثورة رجالها، ولكن تلك هي طبيعة الثورات في أولها خوفا عليها من عودة النظام الملكي السابق، بالرغم من عودته بالفعل. ويترك الشعب، جماهير يناير 2011، يتظاهر تأييدا لحكم القضاء حتى تعلم الشقيقة السعودية أن الشعب يملك القرار الأخير".
وواصل حنفي هجومه على اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير، واعتبرها سابقة في تاريخ مصر، بالرغم من الأطماع حولها في أراضيها. "وقد دخلت مصر الحرب دفاعا عن الجزر الثلاث في مدخل خليج العقبة".
وهاجم حنفي السلطات المصرية التي تواصل "الضحك" على الشعب، وقال: "سيكتشف الشعب أن توزيع الجيش المواد الغذائية بأسعار مخفضة تصل إلى النصف، وزيادة العلاوة لأصحاب المعاشات، والحديث عن إعادة بناء العشوائيات في ظرف سنتين، وتسهيل احتياجات رمضان، إنما هي غطاءات للأزمة الحقيقية في مصر، وفي مقدمتها الحريات والاعتقالات بالآلاف وأحكام الإعدام بالعشرات".
وأضاف: والعجيب أن هيئة قضايا الدولة بتحريك الحكومة لها تعمل لنقض حكم القضاء التاريخي! ومجلس النواب في خجل شديد، ماذا يعمل الآن بعد أن لم يتحرك بعد اتفاقية رسم الحدود، والتنازل طوعا عن جزء من التراب الوطني الذي من أجله استشهد المصريون بالآلاف؟ وماذا يعمل الإعلام الآن؟ سيقلب على الوجه الآخر، من التأييد إلى المعارضة، ومن القبول إلى الرفض، وبالتالي يفقد احترامه بعد أن فقده من قبل. وماذا ستفعل الدولة بقانون التظاهر؟ وهو حق مكتسب للمواطن منذ أن كان يتظاهر ضد الإنجليز والملك للمطالبة بالحرية والاستقلال، الاستقلال التام أو الموت الزؤام.
لن ينقسم الشعب المصري كما يتوقع البعض لتبرير ما حدث. فالشعب المصري مختلف عن الشعب السوري والعراقي والليبي واليمني. طالما حافظ على وحدته حتى لو كان في ذلك تنازل كبير عن بعض المطالب. الحركة الشعبية القادمة عودا إلى ثورة يناير 2011 بعد التموجات التي حدثت بها بين إخوان وعسكريين. ويتعلم مما حدث للثورة في السنوات الخمس الماضية. عندما قامت الثورة الفرنسية لم تتردد في نزع لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت، وجرهما نحو المقصلة في ميدان الكونكورد. وتوالى عليها كل أنصار الملكية الذين أفسدوا الحكم".
وتابع: "فإذا ما تحرك الشعب -ولو نصفه- كما حدث في 30 يونيو 2013، وسانده الجيش دفاعا عن أرض الوطن، فإنه يمكن تكوين حكومة ائتلافية تمثل جميع التيارات السياسية في مصر لوقت محدود لإجراء انتخابات مبكرة لرئيس البلاد، وحل مجلس النواب، وإجراء انتخابات جديدة أخرى حرة لنواب وطنيين يدافعون عن أراضي البلاد، وبطبيعة الحال حل الحكومة التابعة للنظام وتكوين حكومة وطنية مؤقتة من أهل الخبرة والكفاءة، وما أكثرهم في مصر. وقد تم استبعادهم لخلافهم في الرأي مع النظام السياسي. لا خوف على مصر".
واستنكر حنفي قيام الحكومة بالطعن على قرار محكمة القضاء الإداري بملكية مصر للجزيرتين، وقال: "هل من المعقول أن تطعن الدولة في حكم يرد إلى الشعب أراضيه التي طالما حارب واستشهد من أجلها؟ أمام محكمة النقض حلان: الأول، وهو الأشنع، نقض حكم الدرجة الأولى وعودة الجزيرتين إلى الشقيقة السعودية. والثاني تأييد حكم الدرجة الأولى، وفي هذه الحالة تكون السلطة التنفيذية قد خانت الأمانة، والسلطة التشريعية، مجلس النواب، قد أغرق بالبلاد ولم يدافع عن الدستور ضد خرقه. بقي حكم ثالث يزيل الخجل، وهو الحكم بعدم الاختصاص. ويكون السؤال إذن، فمن المختص في حالة بيع أراضي الوطن؟ وفى الحالات الثلاث ربما تقوم المظاهرات تأييدا لحكم محكمة النقض، أو لرفض حكمها الذي نقض حكم معاهدة ترسيم الحدود. وفي كل الحالات الشعب غاضب؛ لأنه مستبعد من المشاركة في صنع القرار. والرئاسة لم تدرك بعد أنها لا تستطيع أن تتعامل فقط مع الشعب بالسلاح".