افتتح مركز “الزيتونة للدراسات والاستشارات” سلسلة دراسات تصدر تباعا بعنوان “
مصر بين عهدين:
مرسي والسيسي?—?دراسة مقارنة”، بدراسة حول “التغيرات الدستورية والانتخابات في مصر”.
وناقشت الدراسة التطورات الدستورية والعمليات الانتخابية التي شهدتها مصر في الفترة منذ 25 كانون الثاني/ يناير 2011 حتى نهاية 2015.
وأظهرت دراسة “الزيتونة” أنه قد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، وحكم البلاد ثلاثة رؤساء.
وأشارت إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديمقراطية انتخابية، شهد لها بالنزاهة والحيادية، حيث أُجريت تحت إشراف قضائي، وبمراقبة من مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية.
وتابعت الدراسة أن جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، أظهرت قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، حيث قالت الصناديق “نعم” لتعديل الدستور في مناسبتين، وأعطت الأغلبية لهم في مجلسي الشعب والشورى، وتوجتها بفوز محمد مرسي بالرئاسة.
وأوضحت الدراسة أن الاستفتاء الأول على التعديلات التي اقترحتها لجنة التعديلات الدستورية جرى في 19/3/2011، حيث قال 77.27% من المصريين الذين شاركوا في التصويت “نعم” للدستور، وبلغت نسبة التصويت 41.19%، كما أقر المصريون خلال كانون الأول/ ديسمبر 2012 الدستور الجديد لمصر، بانتخابات حرة نزيهة وشفافة.
وأظهرت نتيجة الاستفتاء، الذي شاركت فيه القوى المعارضة، أن 63.8% من المصريين الذين شاركوا في التصويت قالوا “نعم” للدستور الجديد.
وفيما يخص الاستفتاء على دستور 2014، قالت الدراسة إن إقبال المواطنين كان ضعيفا بغض النظر عن الاستعدادات، وبالرغم من ذلك، فقد أعلنت اللجنة المنظمة للاستفتاء أن نسبة الذين أيدوا الدستور 98.1% من المصريين الذين شاركوا في التصويت.
وشككت الدراسة في هذه النتيجة التي أثارت “علامات استفهام كبيرة في العودة إلى أساليب نظام مبارك في تزوير الانتخابات والاستفتاءات، حيث تحدثت التقارير عن شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج التي أعلنتها اللجنة المنظمة للاستفتاء”.
وفي ملف الانتخابات التشريعية تذكر الدراسة أنه خلال الفترة 28/11/2011–11/1/2012 جرت أول انتخابات مصرية بعد ثورة 25 يناير، بمشاركة واسعة، وإقبال كثيف. وكانت أبرز النتائج حصول حزب الحرية والعدالة، الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين، على 235 مقعداً، بنسبة 47.2% من المقاعد.
غير أن هذا المجلس الذي يضم 15 حزب، لم يستمر عمليا سوى خمسة أشهر، حيث قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر في 14/6/2012 بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، وقضت بحله، وأكدت أن تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه.
وأجريت انتخابات مجلس الشورى في بداية سنة 2012، وتصدّر أيضاً التحالف الذي شكله حزب الحرية والعدالة المشهد بحصوله على 105 مقاعد، بنسبة 58.3% من المقاعد، فيما جاء تحالف حزب النور في المركز الثاني بعد حصوله على 46 مقعدا، بنسبة 25%، وجاء حزب الوفد في المركز الثالث بعد حصوله على 14 مقعداً، بنسبة 7.7%..
وذكرت الدراسة بانتخابات 2015، التي قالت إنها “شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، وانتشر رأس المال السياسي، وكانت الرشوة الانتخابية الأكثر تأثيراً. وفازت قائمة “في حب مصر”، المؤيدة للسيسي”.
ووصفت الدراسة أجواء الانتخابات الرئاسية لما بعد ثورة 25 يناير، التي فاز بها مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي، بالتنافسية.
واستدرك مركز “الزيتونة” أن هذا الأمر اختلف كثيرا عن انتخابات الرئاسة 2014، و”التي جرت بعد تطورات يراها مصريون مؤامرة وانقلابا أطاح برئيس منتخب، ويراها مصريون آخرون ثورة على ما يصفونه بحكم جماعة الإخوان المسلمين. وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين وخصوصاً الإخوان حسم
السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي”.
وأشارت الدراسة إلى نسبة مقاطعة الانتخابات آنذاك، “حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف الإقبال. وشكل عزوف الشباب المصري عن التصويت عاملا رئيسيا في ضعف المشاركة. وذكرت مراكز حقوقية أن سلطات الدولة المصرية تدخلت في العملية الانتخابية الرئاسية لتحسين نسبة الإقبال الضعيفة، ولمساعدة مرشح محدد”.
وخلصت الدراسة إلى أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 25 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد “أزمة حقيقية” تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعا للمؤسسة العسكرية.