بعد صراع استمر لأكثر من أسبوع بين فصائل الثوار وقوات النظام السوري، بهدف بسط السيطرة على ناحية كنسبا والجبال الاستراتيجية المحيطة بها في
جبل الأكراد بريف
اللاذقية، ظهرت خلافات واتهامات متبادلة بين المليشيات التي تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد على جبهات الساحل.
وكان الثوار قد سيطروا على بلدة كنسبا ومحيطها في 19 تموز/ يوليو، وذلك ضمن معركة اليرموك لاستعادة المناطق التي سيطر عليها النظام السوري في الأشهر الأخيرة.
ونشرت صفحات موالية، على مواقع التواصل الاجتماعي، أخبارا عن الهروب الفوري لضباط النظام من مناطق الاشتباك بعد أي هجوم يشنه الثوار، تاركين خلفهم المجندين للقتال دون الاهتمام بمصيرهم أو ما سيصيبهم.
كما اتهمت بعض الصفحات الموالية مليشيات النظام بالدخول إلى مناطق المعارك بريف اللاذقية، مثل كنسبا، بهدف "التعفيش" (السرقة) والتصوير، بعد تقدم النظام إلى أي منطقة، وبعد ذلك يتوجه مسؤولو المليشيات، بحسب ما نشرته إحدى الصفحات، إلى مراكزهم في المناطق الخلفية، تاركين عناصر الجيش في المقدمة في مواجهة الثوار.
من جهتها، ذكرت صفحة اتحاد إعلاميي الساحل المؤيدة للثورة؛ أن قوات النظام وبعد عزلها لمدير المشفى الوطني، والعديد من القيادات العسكرية والمدنية في مدينة اللاذقية، بسبب عمليات الفساد والفشل المستشري في المدينة مطلع الشهر الجاري، قامت يوم الخميس بعزل قائد ما يسمى "الفيلق الرابع" الذي شُكل مؤخرا، وأغلب تواجد عناصره على جبهات الساحل، حيث قامت قيادة النظام بعزله من مركزه ونقله إلى مكان آخر، بعدما سمته "الأخطاء المتكررة والتقييم غير الصحيح للمعركة"، على حد قولها.
وكان اللواء شوقي مسؤولا عن العمليات العسكرية في عدة محاور من ريف اللاذقية، إلا أن اختراقات الثوار الكبيرة لوحداته وخسائرها البشرية في الأسابيع الماضية، تسببت في إبعاد هذا الضابط، بحسب الصفحة.
من جهتها أوردت الصفحة الرسمية لمليشيا صقور الصحراء، التابعة لمليشيات الدفاع الوطني، أسماء أكثر من 11 عنصرا من عناصرها قالت إنهم قتلوا خلال المعارك الأخيرة في كنسبا. وكان من أبرز هذه الأسماء علي الدرداي، الملقب بـ"المختار"، قائد مركز دمشق ومجموعات المختار التابعة لقوات صقور الصحراء، إضافة إلى وعد حسون، قائد سرية الرشاشات بصقور الصحراء.
وبحسب الناشط مجدي أبو ريان، فإن قتلى عناصر النظام تجاوز المئة قتيل خلال معارك كنسبا، وأن قوات النظام أُجبرت على الاعتراف بخسارتها المعركة في هذه المنطقة بعد أن زجت بمئات العناصر بهدف السيطرة على البلدة، بعد تمهيد مدفعي وصاروخي هو الأعنف منذ بدء هجوم قوات الأسد على ريف اللاذقية.
وأكد أبو ريان في حديثه لـ"
عربي21" أنه رغم كل القصف الذي تعرضت له بلدة كنسبا من قبل النظام وزجه لمئات العناصر في المعركة، فضلا عن الدعم الجوي الروسي، إلا أن السياسة العسكرية التي اتبعتها فصائل الثوار نجحت في التفوق والسيطرة على البلدة، وذلك لأنها عملت على سياسة الهجمات السريعة والمواجهات المباشرة مع قوات النظام وتنفيذ عدد من الكمائن، وتنفيذ تفجيرات استهدفت عناصر النظام بعد انسحابهم من بلدة كنسبا وتجمعهم داخل قرية وادي باصور، وهذا ما أدى إلى تفوق الثوار الذين يمتلكون الخبرة في هذه الحروب، وفق قوله.
وأضاف أن الثوار يتميزون أيضا بمعرفتهم لتضاريس المنطقة ذات الطبيعة الجبلية والوعرة، والتي يصعب القتال فيها، على الرغم من اعتماد النظام على سياسة الأرض المحروقة والاستنزاف للسيطرة عليها.
وأشار أبو ريان لمحاولة النظام استيعاب مؤيديه الذين فقدوا أبناءهم بهذه المعارك، بعزل بعض القيادات من مناصبها؛ على أنها هي المسؤولة عن هذه الخسائر، "ولكن بالحقيقة النظام هدفه الوحيد التقدم على الأرض لو خسر مئات المقاتلين يوميا، لا يهمه الأمر بعكس فصائل المعارضة"، وفق قوله.
وأضاف الناشط أن الثوار لاحظوا عزل قيادات، من بينها قائد الفيلق الرابع المشكل حديثا، "إلى جانب تواتر التصريحات والتخوينات بين إعلاميي المليشيات، وهذا هو السبب الأساسي للصراعات الحاصلة في المناطق المؤيدة"، موضحا أن كل مليشيا تلقي المسؤولية على الأخرى.
يذكر أن الثوار تمكنوا من استعادة بلدة كنسبا مطلع الشهر الجاري بهجوم عسكري سريع ضمن معركة اليرموك، لتعود قوات النظام وتحاول السيطرة عليها، لتصبح بعد ذلك البلدة منطقة اشتباك ومعارك كر وفر يدخلها الثوار ليلا وعناصر النظام نهارا، قبل أن يتمكن الثوار من حسم المعركة وإحكام سيطرتهم عليها بعد عمل عسكري كبير بمشاركة عدد من الفصائل، أبرزها جيش الفتح.