انتقد السياسي
المصري الموالي للانقلاب
عبد الحليم قنديل بشدة السياسة الاقتصادية لرئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، معتبرا أنها تعمل ضد نظامه هو.
وحذر قنديل في مقال له في صحيفة القدس العربي من مغبة تلك السياسات على نظام السيسي نفسه، وعلى كل من تعاون معه.
وقال قنديل: "أخشى أن الرئيس السيسي يظلم نفسه، ويظلمنا معه، وتدفع حكومته البلد إلى أزمة خطيرة، وإلى انفجار اجتماعي يعلم الله وحده مداه المدمر".
مضيفا: "ليست هذه هي المرة الأولى التي نحذر فيها، فقد فعلنا قبل الآن بزمان، لكن أحدا لا يسمع، ولا يريد أن يتوقف ويتبين، ولا أن يتجنب مزالق الخطى المتعثرة، بل عدنا من جديد إلى «الفولكلور» البائس، والمتوارث من نظام إلى نظام، ومن حكم إلى حكم، الذي يحدثك عن تفضيل النقد البناء على النقد الهدام، ثم لا يعتبر «النقد البناء» سوى أن تطبل وتزمر وتقبل يد الحكام".
ووصف قنديل السيسي بأنه بات يضيق ذرعا بأي نقد.
وقال إن الرأي العام هو الذي "يميز الطيب عن الخبيث، ويفرق بوضوح رائق، بين النقد حتى لو وصل إلى مقام «النقض»، و «التشكيك» الذي تخوف منه الرئيس، ونعى عليه في خطابه الأخير، وإلى حد بدا معه أن الرئيس يخلط معنى النقد بمعنى التشكيك، ويضيق صدره حرجا بكل نقد يثار، حتى لو كان مستندا على حقائق مرئية لكل الناس".
وتابع قنديل: "خذ عندك ـ مثلا ـ كلام الرئيس عن الطاقة الكهربائية، فقد نوه الرئيس بالنجاح في توفير إمدادات الطاقة، وهذا كلام صحيح وفي محله، لكنه اعتبر كلام الناس عن غلاء فواتير الكهرباء تشكيكا، برغم أنها حقيقة ساخنة، بل زادت الفواتير غلاء على غلاء بقرارات صدرت عقب خطاب الرئيس نفسه، وبقرارات مضافة يخططون لصدورها كل عام مقبل حتى نهاية العقد الجاري. ولم ينكر الرئيس نفسه هذه الحقيقة، التي اعتبرها ـ للمفارقة ـ تشكيكا، وهذا تناقض مثير للأسى، وكأن الرئيس يريد للناس أن يذكروا فقط نصف الحقيقة، وأن يقولوا ـ فقط ـ أن الكهرباء توافرت، ثم أن يغلقوا أفواههم بعدها، ويضعوا النقطة في وسط السطر، ويحمدوا الله على إنجاز الرئيس، ولا يكملوا السطر عن أثر الإنجاز على حياتهم اليومية، ولا يضيفوا كلمة عن الفواتير التي صارت «نارا» بتعبير الرئيس نفسه، وكأن أحدا غير الرئيس هو الذي أشعل بقراراته حرائق الغلاء، بينما يعرف أبسط الناس أن الرئيس هو المسؤول في البدء والمنتهى، وأن الحكومة تعمل ـ كما تقول ـ بتوجيهات السيد الرئيس (!) .
وشكك قنديل في إنجازات السيسي الاقتصادية وقال: "سياسة الرئيس نفسه تنطوي على إخفاقات مرعبة، وكأن سياسة الرئيس تعمل للأسف ضد إنجازاته، في الأمن والسياسة، وفي الاقتصاد بالذات، حيث تظهر الإخفاقات، وتكاد الإنجازات تتوارى، فحياة الناس تلتهب، وجيوبهم تفرغ مع موجات الغلاء الكافر المتلاحقة، وبطول البقاء على قيد الحياة، تكاد تتحول إلى عمل مستحيل عند غالبية المصريين من الفقراء والطبقات الوسطى، وقد تحملوا عبء خفض شريحة من دعم المواد البترولية أول أيام السيسي في الحكم، لكن المزيد من «القرارات الصعبة» تنتظرهم على يد الرئيس نفسه، وفي صورة صدمات متوالية، ترفع أسعار تذاكر المترو والقطارات ووسائل النقل العام".
وحذر قنديل من لحظة الانفجار في: "الشروع في تنفيذ برنامج إلغاء دعم المواد البترولية بالكامل، وسكب نار البنزين على حياتهم التي صارت جحيما، والتعجيل بلحظة انفجار اجتماعي لا يبقي ولا يذر".
كما حذر قنديل من أن ما وصفه بـ"شعبية الرئيس" لن تصمد أمام الغضب القادم، وقال: ليس صحيحا بالمرة، أن شعبية الرئيس صامدة في نفوس الناس، وقد كانت للسيسي شعبية هائلة، أتيحت له في ظروف محددة، لكنها ـ أي الشعبية ـ تآكلت بشدة، وتحول المصريون العاديون إلى عادة «اللعان»من جديد، وتحميل السيسي وزر كل المصائب التي تلحق بهم، فهم لا يرون إنجازات الرئيس البعيدة ـ بطبعها ـ عن العين والقلب، التي ينتمي أغلبها إلى معنى إضافة أصول أو بنى أساسية، ليس متوقعا أن تؤتي ثمارا قريبة، برغم الإنفاق الهائل عليها".
وانتقد قنديل سياسة السيسي الاقتصادية التي حملت الطبقة الوسطى والفقراء ما لا يحتملون، وقال: "وضع همه كله في قرارات التجبر على الفقراء والطبقات الوسطى، وهم أغلبية المصريين بنسبة تصل إلى التسعين في المئة، يحملهم وحدهم ـ دون الأغنياء ـ عبء ومضاعفات العجز في الموازنة الحكومية المعلنة، وإشعال أسعار السلع والخدمات، وبصورة جنونية تتجاوز طاقة الناس على الاحتمال، وبدعوى بيع الخدمات العامة بسعر التكلفة، وبيع المياه والكهرباء والنقل والبنزين وغيره بالسعر العالمي، متصورا أن تلك هي العدالة وأصولها، ناسيا ومتجاهلا حقيقة كبرى، هي أنه حتى الفرقة الناجية من المصريين، التي تحصل على فرص عمل وتتلقى أجورا، يصل دخلها بالكاد إلى عشر متوسط الأجر العالمي، أي إن الإنسان المصري العامل يبيع جهده بعشر التكلفة العالمية، بينما يريد له الرئيس أن يتحمل تكلفة الأسعار كاملة، وبالمعدل العالمي، أي يريد له مصير السحق تحت عجلات الأسعار العالمية، وهو تناقض فادح فاقع، لا يلتفت له السيسي أبدا، أو يعتبر ذكره نوعا من التشكيك في إنجازات سيادته".