ناقش الباحث في معهد واشنطن للدراسات، إريك تراجر، الأخطاء التي وقعت فيها جماعة
الإخوان المسلمين بعد الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.
وكتب في ورقة بحثية له أن "الإخوان المسلمين كانوا يتوقعون فعلا أنهم سيكسبون الصراع على السلطة الناتج عن الانقلاب. فقد اعتقدت الجماعة أن عددا صغيرا فقط من الجنرالات قد أيد إسقاط مرسي، وأن تظاهراتها ستُحدث شرخا داخل المؤسسة العسكرية، وبالتالي تعيد مرسي إلى السلطة".
وأضاف: "واعتقدت جماعة الإخوان أيضا أن باستطاعتها الصمود أمام أي محاولة لتفريق الاحتجاجات، بما أن أعضاءها كانوا مستعدين للموت من أجل قضيتها. فقد أفاد المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد للصحفي ماجد عاطف ما يلي: "إذا ما أرادوا تفرقة المعتصمين، فعليهم أن يقتلوا 100,000 متظاهر، ولا يستطيعون القيام بذلك؛ [لأننا] مستعدون للتضحية بـ100,000 شهيد".
وفي الوقت نفسه، دعا الإخوان إلى تنظيم احتجاجات مؤيدة لمرسي في كافة أنحاء البلاد. وقد أغلق المتظاهرون الطرق، واشتبكوا مع قوات الأمن. وكانت تلك الأنشطة بأجمعها تهدف إلى توجيه رسالة واضحة جدا للنظام الجديد مفادها أن
مصر لن تنعم بالاستقرار ما لم يتم إبطال مفعول الانقلاب".
وتابع: "تلقى النظام الرسالة، وكان مصمما أيضا على كسب الصراع على السلطة. فقد قال لي حازم الببلاوي، الذي كان رئيس وزراء مصر خلال تلك الفترة، في مقابلة معه في تشرين الأول/ أكتوبر 2014: "كنا واثقين من أمر واحد، وهو أنه لا توجد بلاد تستطيع الصمود إذا كان قسم من شعبها لا يعترف ببساطة بالسلطة ويتحداها، وهذا غير مقبول".
وبين أن الحكومة المصرية أوضحت تماما أنها "كانت مستعدة لاستخدام القوة الحازمة ضد احتجاجات الإخوان. ففي 8 تموز/ يوليو، قُتل واحد وخمسون مؤيدا لمرسي خارج "مقر الحرس الجمهوري"، حيث كان الرئيس السابق معتقلا".
"ومن ثم في 24 تموز/ يوليو، دعا وزير الدفاع
السيسي إلى تنظيم تظاهرات حاشدة لـ"تفويض" الجيش بمحاربة الإرهاب، وكان يقصد بذلك الإخوان، واستجاب عدة آلاف من المصريين لدعوته، من خلال تدفقهم إلى الشوارع بعد يومين. ولكن بعد شهر من الإطاحة بمرسي، والذي تزامن مع شهر رمضان المبارك، أجّلت الحكومة خططها لتفريق احتجاجات الإخوان، وسمحت للدبلوماسيين الغربيين بدراسة الاحتمالات؛ للتوصل إلى حل عن طريق التفاوض"، كما يقول الكاتب.
وقال: "وجهت "مجزرة رابعة" ضربة قاسية جدا لجماعة الإخوان. ففيما يتخطى عدد القتلى المرتفع، فقد قادة الجماعة وكوادرها ملاجئهم الفعلية، وخلال الأشهر القليلة التالية انتهى الأمر بالآلاف منهم إما في السجن أو في المنفى. وفي نهاية عام 2013، أصبحت بنية الجماعة التراتبية بشكل واضح مقطوعة الرأس بالكامل، ما جعلها غير قادرة على تنفيذ أي نوع من الاستراتيجيات الوطنية داخل مصر".
وأضاف: "تستمر جماعة الإخوان بنشر أفكارها ونهجها السياسي انطلاقا من قاعدتها الفعلية في إسطنبول، إلا أنها لم تعد تشكل تهديدا ملحوظا للحكومة الحالية، وبالكاد يمكن رؤيتها في مصر اليوم".