نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا قال فيه إن الهجمات الجوية التي تنفذها قوات التحالف العربية ضد مواقع
الحوثيين في
اليمن تتسبب بـ"تآكل التراث والعمارة اليمنية التي تعود إلى تاريخ حضري عريق"، مشيرا إلى أن التاريخ اليمني هو الأكثر تضررا من الغارات المكثفة التي تستهدف الحوثيين.
وجاء التقرير في سياق تغطية نشرها موقع "ميدل إيست آي" للأحداث في اليمن، إلا أن كاتب التقرير الصحافي البريطاني المعروف بيتر أوبورن زار مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين دون المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية للبلاد، ما يعني أنه تمكن من رؤية ضحايا قوات التحالف، لكنه لم يتمكن من مشاهدة ما فعله الحوثيون في البلاد.
وقال الموقع في تقريره، الذي ترجمته "عربي21"، إن قصف قوات التحالف لليمن، والمستمر منذ 18 شهرا، تسبب بتدمير التراث المعماري في البلاد الذي لحقت به أضرار جسيمة، هذا إلى جانب الخسائر البشرية التي يخلفها في كل مرة.
وقال تقرير أوبورن إن مدينة صنعاء القديمة التي تأسست منذ أكثر من 2500 سنة، والمصنفة ضمن مواقع التراث العالمي، لم تنجُ من القصف، كما أن حيها القديم، الذي لا يقدر بثمن والفريد من نوعه، كما هو الحال في المدن الأوروبية مثل البندقية وفلورنسا، استهدف مرارا وتكرارا من قبل طائرات التحالف العربي.
ونقل التقرير عن مهند أحمد السياني، مدير الآثار في اليمن، الذي تخرج من قسم علم الآثار في جامعة صنعاء، قوله إن "75 موقعا أثريا في اليمن تعرض للقصف من قبل قوات التحالف التي تقودها
السعودية أو من قبل تنظيم القاعدة".
ويوجه مدير الآثار في اليمن أصابع الاتهام إلى السعودية، فيتهمها بتدمير المواقع الأثرية عمدا، خاصة أنها لم تلعب أي دور عسكري في الصراع.
ويواصل فيقول:" ليس من الممكن إخفاء أسلحة أو مسلحين في هذه الأماكن"، ويؤكد أن العديد من المواقع "تم قصفها بين 10 و15 غارة في آن واحد؛ لذلك لا يمكن أن يكون ذلك مجرد خطأ".
وأضاف التقرير أن السياني في حديثه قدم سد مأرب مثالا على استهداف التاريخ اليمني، وأضاف أن "سد مأرب هو واحد من عجائب الهندسة في العالم القديم".
كما كانت مأرب عاصمة مملكة سبأ القديمة، التي ازدهرت خلال الألفية الأولى قبل الميلاد. وقد حافظ المكان على مجده، وبقي سليما تقريبا لأكثر من 2000 سنة، حتى وقت استهدافه من قبل الطائرات السعودية العام الماضي، الأمر الذي تسبب في انهيار بعض الجدران وتدمير البوابة الجنوبية.
وأورد الموقع أنه في صعدة دمرت مبان ومواقع أثرية، الواحدة تلو الأخرى. ونقلت الصحيفة قول السياني: "شهد السكان بأنفسهم الدمار الرهيب الذي حل بالمدينة القديمة في صعدة، واحدة من أقدم وأهم المدن المميزة بالعمارة الترابية شمالي البلاد".
وعلى الرغم من الأهمية التاريخية لتلك المواقع، إلا أن قوات التحالف التي تقودها السعودية أعلنت بأن صعدة هدف عسكري. ويضيف التقرير أن أدلة كثيرة تؤكد أن العديد من مناطق المدينة تعرضت للقصف من قبل طائرات التحالف، وحتى باحة مسجد الإمام الهادي، المركز الروحي للمدرسة الزيدية، دمرت تماما. كما أن سكان محليين أكدوا أنه لا يوجد جنود في المنطقة، فقط القصف الجوي هو الذي دمر المدينة.
وبين التقرير أن أدلة الحضارات القديمة بدأت تتلاشى، وامتد الدمار إلى المدن القديمة والمتاحف والمساجد والقصور والمواقع الأثرية القديمة. وعلى الرغم من أن قصف قوات التحالف تسبب في أسوأ الأضرار، إلا أنه ليس المجرم الوحيد، فقد ألحق القصف الحوثي أضرارا واسعة النطاق، بما في ذلك البلدة القديمة في مدينة تعز.
وأضاف السياني أن "هناك العديد من الأضرار تسبب فيها تنظيم القاعدة، خاصة منها تلك التي لحقت بالمواقع الدينية، بما في ذلك القبور والمواقع التاريخية المطمورة".
وأشار التقرير إلى أنه إذا كان المجتمع الدولي مذنب في تجاهل الكارثة الإنسانية التي تواجه اليمن، فإنه مذنب أيضا باللامبالاة التي خلفت دمار التراث. كما اتهم بعض الخبراء السعودية بالانسياق وراء دوافع مماثلة لتنظيم الدولة وتنظيم القاعدة في تدميرها للتراث والحضارة الإنسانية العريقة.
ونقلا عن عدة مصادر، تم الكشف عن أن اليونسكو ووزارة الخارجية الأمريكية قدمتا قائمة بمواقع محددة إلى التحالف؛ لتجنب استهدافها. لكن السعودية تجاهلت مشورة حليفتها الولايات المتحدة، التي توفر لها الدعم اللوجستي والاستخباراتي والمعنوي للحملة الجوية في اليمن.
وانتهى تقرير "ميدل إيست آي" إلى القول إن وضع ملايين اليمنيين المحاصرين في هذا الصراع المرعب مروع للغاية، كما أن العالم سيخسر أجزاء لا تقدر بثمن من التراث المعماري في اليمن بسبب هذه
الحرب.