شنّت جماعة "
الإخوان المسلمين" في
سوريا هجوما حادا على المجتمع الدولي والإقليمي، بسبب ما أسمته تغاضيه عن الجرائم التي ترتكب ضد الشعب السوري، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها تدرس قرار الانسحاب من مؤسسات العمل الوطني (المعارضة) لتتفرغ لـ"تحصين العمل الثوريّ والإنسانيّ".
وقالت الجماعة، في بيان لها مساء الأحد، إن "الموقف الدولي والإقليمي تجاوز كل القوانين والمبادئ والقيم التي قامت عليها الحضارة الإنسانية وتأسست عليها المنظمة الدولية للأمم المتحدة".
وأضافت أن هناك "إصرارا دوليا لحرمان أبناء سوريا من حقوقهم الإنسانية الأساسية، ويتم كل ذلك تحت عناوين وذرائع وادّعاءات؛ أهمها الحرب على الإرهاب، وحماية ما يسمى الأقليات، والحفاظ على وحدة سوريا، أو حماية مؤسسات دولتها".
وأوضحت الجماعة في بيانها أن "الانحياز الدولي تجلّى واضحا في تغاضي الدول الكبرى عن تدفّق عشرات الآلاف من قتلة الولي الفقيه إلى سوريا للمشاركة في قتل السوريين، وفي تغاضيه عن تجوّل قاسم سليماني الإرهابي (قائد فيلق القدس التابعة للحرس الثوري) على الأرض السورية، وفي تمريره الجرائم المتراكبة في استخدام الأسلحة المحرمة الدولية ضد مدنيين عزّل من كيميائي وفسفوري وحارق وخارق".
وتابعت: "كما بدا هذا الانحياز في منع الدول الكبرى من تسليح السوريين بأنظمة الدفاع الجوية، التي تعينهم على حماية حياتهم، وفي رفض المجتمع الدولي إقامة منطقة عازلة آمنة تثبت المهجّرين السوريين على أرضهم، وبلغ الانحياز بالمجتمع الدولي أنه أقرّ حصار ملايين السوريين في مدنهم وبلداتهم، ومارس أبشع أنواع الانحياز في توزيع الخبز والملح على جائعيهم، حيث غدا هذا من فضائح ما يسمى منظماتهم الإنسانية الأممية".
وأكدت الجماعة في بيانها على "التمسّك بالدولة المدنية الديمقراطية التعددية، المبنية على قواعد المواطنة المتساوية، وعلى دستور مدني يعبّر عن إرادة الأكثرية السياسية، ورفضها للعنف وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، مهما تكن غايتها ومشروعيتها".
وأدانت "الإرهاب بكل أشكاله، وتطالب بتحديد علمي موضوعيّ له، تعريف يسبق إلى إدانة إرهاب السلطة المنفلت من القانون، كما يرفض التصنيف الانتقائيّ للإرهاب على أساس ديني أو ثقافي أو عنصري".
وشددت على "إيمانها بالحوار بين جميع مكونات المجتمع السوري، وتمسّكها بالحل السياسي المنبثق عن هذا الحوار، وسعيها الصادق والجادّ إليه، ورفضها الكامل للحل العسكري، الذي تعمل كل قوى الشرّ على فرضه على شعبنا عن طريق الحصار والقصف والغزو الطائفي".
وفي ضوء ما أسمته الجماعة "التواطؤ الدوليّ على فرض الحل العسكريّ، بصيغته الروسية – الإيرانية"، أعلنت أنها "لن تكون معبرا لجريمة تصفية الثورة، ولا جسرا تمرّر عليه الإرادات الشريرة للروس والإيرانيين والمتواطئين معهم".
وأكدت أنها "مع احترامها لكل مؤسسات العمل الوطني والمشاركين فيها، فإنها ستسعى دائما لتكون مواقف هذه المؤسسات منسجمة مع أهداف الثورة، بعيدة عن الانسياق مع رغبات الآخرين، وأنها ستدرس قرار انسحابها من هذه المؤسسات، لتلتفت إلى ما تعدّه الأهمّ في تحصين العمل الثوريّ والإنسانيّ، في هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة".
وشددت الجماعة على أنه "من واقع الحصار المفروض عليها بكل أشكاله، من قِبَل قوى دولية وإقليمية متعددة، ستظلّ تضع كل إمكاناتها في خدمة سوريا والثورة".
ويأتي بيان "إخوان" سوريا بعد يومين من إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، توصّله مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إلى اتفاق بشأن خطة لوقف إطلاق النار في سوريا، تبدأ اعتبارا من الاثنين.
وقال كيري في مؤتمر صحفي: "نعلن عن توصلنا لترتيبات تهدف لوقف إطلاق النار، وتمهيد الطريق أمام حل الصراع القائم في سوريا".
وأوضح أنه بموجب هذه الترتيبات ستبدأ الهدنة ليل الأحد/ الاثنين، مشيرا إلى أنه "إذا ما استمرت هذه الهدنة لمدة أسبوع، فستقوم الولايات المتحدة وروسيا بإنشاء مركز مشترك لمحاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة".
ومنذ منتصف آذار/ مارس 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 45 عاما من حكم عائلة بشار الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات؛ ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، وإلى معارك دموية بين قوات النظام والمعارضة.