نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية، تقريرا قالت فيه إن القصف الذي يشنه النظام السوري وحليفه الروسي؛ يعزز نفوذ جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقا) في المنطقة، ويعقد المشهد السياسي والعسكري في
سوريا.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21" إن "الحرب في سوريا لا تعرف الراحة، ورغم تتالي الهدنات، فإن القصف لم يهدأ أبدا، وحوّل حلب إلى مركز الصراع اللامتناهي"، مشيرة إلى أن هذه الحرب "تواصل الإطاحة بضحايا مدنيين؛ من بينهم أطفال".
وأشارت إلى أن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أوضح أنه "منذ إعلان النظام عن انخفاض القصف في الجزء الشرقي من حلب؛ فقد أصبحت الغارات الجوية الروسية أكثر عنفا".
وبينت أن "حالة الحرب والفوضى التي يخلقها الجيش الروسي؛ تعزز نفوذ قوة معارضة للأسد، متجذرة في حلب وفي أجزاء أخرى من البلاد، وهي
جبهة فتح الشام (النصرة سابقا)"، مشيرة إلى أن هذا التنظيم "يضم في صفوفه حوالي 10 آلاف مقاتل، وأظهر منذ بداية 2014 قدرة على بسط نفوذه في المنطقة، ومنافسة باقي القوى".
ولفتت الصحيفة إلى أن
جبهة النصرة سابقا؛ ظهرت في 2011 بإرادة من تنظيم الدولة في العراق، ومبعوث هذه الحركة في سوريا أبي محمد الجولاني، مضيفة أنه "في مرحلة لاحقة؛ انفصل هذا التكوين عن تنظيم الدولة؛ من أجل التقارب أكثر مع تنظيم القاعدة، لتتركز جهوده فيما بعد في محاربة
بشار الأسد".
وبينت أنه "في مرحلة لاحقة؛ أعلنت جبهة النصرة عن انتمائها لتنظيم القاعدة، بهدف استقطاب أكبر عدد من المقاتلين الأجانب المتهافتين على القتال في سوريا، إلا أنها خسرت هذه المعركة؛ فالغالبية العظمى من المقاتلين التحقوا بتنظيم الدولة؛ بعدما أعلن الأخير عن قيام الخلافة الإسلامية بسوريا والعراق في حزيران/ يونيو 2014".
وقالت إنه "منذ هذا التاريخ؛ أصبحت استراتيجية جبهة النصرة تتركز على البحث عن التقارب مع المعارضة في سوريا، وخاصة بعد معاناتهم من هجمات النظام، والاستفادة من الانقسامات داخل الجيش السوري الحر لتجعل من تدخلها أمرا حاسما".
وتابعت: "عموما؛ فإن هذه الأساليب والحماسة في القتال؛ أعطت مفعولها على أرض الواقع، إذ حافظت على الصلة بين المعارضة وبين جبهة النصرة، على الرغم من الخلافات السياسية والدينية العميقة بينهما، كما أنه أمام مضاعفة النظام السوري وحليفه الروسي القصف ضد المعارضة؛ لم يبق أمامهم سوى القبول بالمساعدة التي تعرضها عليهم جبهة النصرة".
وأضافت الصحيفة أنه "في الوقت نفسه؛ تبنت الجبهة نهجا عمليا، إذ قبلت في عام 2015 بوقف القتال في منطقة إدلب، ورفضت هدنة أخرى في شرق الغوطة، وذلك لأسباب استراتيجية وليست أيديولوجية".
وأشارت إلى أنه "في إطار استراتيجية دعم نفوذها، واستقطاب المزيد من الموالين؛ تناولت جبهة النصرة في دعايتها موضوع الثورة ضد النظام، وانتصار الشعب، وفي نفس الإطار؛ قامت بالإعلان عن انفصالها عن تنظيم القاعدة في تموز/ يوليو 2016، وتغيير اسمها إلى فتح الشام".
وبينت الصحيفة أنه على أرض الواقع، أصبحت جبهة النصرة منذ عامين؛ عنصرا أساسيا داخل الجماعات المعارضة للجيش السوري، وتدريجيا؛ أصبحت على حد سواء؛ أداة عسكرية لا يمكن الاستغناء عنها، ووجهة تزعج المعارضة السورية والأمريكيين كذلك".
وفي هذا السياق؛ قال الباحث المستقل فيليكس يغراند، في تقرير حول استراتيجية جبهة فتح الشام، إن "التحالف بين المعارضة السورية وجبهة فتح الشام؛ يستند أساسا إلى التعاون في المجال العسكري، وهو بعيد كل البعد عن التقارب الأيديولوجي".
وبينت الصحيفة أن الإشارات التي بعثت بها الولايات المتحدة الأمريكية حول تحول استراتيجيتها تجاه جبهة فتح الشام؛ تعد من بين الانتصارات التي حققها هذا التنظيم. وحول هذا التغيير، صرح كريستوفر غارفر، المتحدث باسم التحالف الأمريكي في بغداد، لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" بالقول إن "التحالف لا يحارب جبهة فتح الشام، وإنما عدوّه الذي هو تنظيم الدولة".
وقالت "ميديا بار" إنه "بالإضافة إلى الإطاحة بآلاف الضحايا المدنيين؛ فقد ساهمت انتهاكات الهدنة المتتالية من قبل النظام والقصف الروسي، في خلق قوة أيديولوجية جهادية ثابتة على المدى الطويل في المنطقة، تحمل رغبة لا هوادة فيها في خوض المعركة ضد النظام السوري".
وأضافت الصحيفة أنه "كلما تواصلت الحرب في سوريا، وجنت على أكبر عدد من المدنيين على يد القوات السورية الروسية الإيرانية؛ تعززت قوى الجماعات المتطرفة، وتزايد نفوذها في المنطقة".