فتح قرار السلطة
الفلسطينية بتأجيل
الانتخابات المحلية الباب واسعا أمام واحد من ثلاثة سيناريوهات؛ لمنع حصول فراغ في إدارة
المجالس المحلية.
فإما أن تعود إدارة الهيئات المحلية كما كانت قبل استقالاتها للترشح للانتخابات، بناء على قانون الانتخابات المحلية لعام 2005، أو أن تلجأ حركتا فتح وحماس إلى تعيين هيئات محلية جديدة في الضفة وغزة، حتى تتم الدعوة إلى انتخابات جديدة، فيما يتمثل سيناريو ثالث بالإبقاء على الهيئات المحلية ذاتها، التي كانت قائمة قبل الدعوة للانتخابات، وإمكانية تطعيمها بأعضاء جدد بالتوافق.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، قرارا حكوميا يقضي بعودة رؤساء وأعضاء الهيئات المحلية الذين استقالوا، وتكليفهم بتسيير أعمالها إلى حين إجراء الانتخابات، علما بأن عدد من استقالوا للترشح للانتخابات المحلية بلغ 200 رئيس هيئة محلية و700 عضو.
وسبق قرار الحكومة إعلان
حماس، على لسان عضو مكتبها السياسي خليل الحية، في 6 تشرين الأول/ أكتوبر، أن الحركة ستتوافق مع الفصائل الفلسطينية لتشكيل هيئات محلية في غزة، ردا على سلوك فتح بتأجيل الانتخابات.
وكانت الحكومة الفلسطينية في رام الله أعلنت تأجيل الانتخابات المحلية في الأراضي الفلسطينية لمدة أربعة أشهر، بعد قرار للمحكمة العليا بعدم إجراء الانتخابات في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس.
استباق الأمر
وفي هذا الإطار، قال مدير وحدة البحوث في المركز الفلسطيني للدراسات الاستراتيجيّة (مسارات)، خليل شاهين، إن "قرار حماس بتعيين هيئات محلية جديدة ربما اتخذته بناء على معلومات لديها بأن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية قد تتخذ قرارا مشابها، فأرادت حماس استباق الأمر، مع أن مشاورات الأيام الأخيرة بين الرئاسة والحكومة الفلسطينيتين ولجنة الانتخابات المركزية بحثت في الخيارات المتاحة عقب تأجيل الانتخابات".
وأضاف شاهين لـ"عربي21" أن هذه الخيارات تتمثل بـ"تعيين هيئات محلية جديدة في الضفة، ما سينجم عنه توتير الأجواء مع حماس، أو إلغاء استقالات الهيئات المحلية، وكأنها لم تحصل، وعودتها إلى مزاولة أعمالها، وهو خيار أقل كلفة من الناحية السياسية، وهذا ما تم إعلانه".
ويبلغ عدد الهيئات المحلية في غزة 25 هيئة، عينت حماس رؤساء وأعضاء خمس منها في عام 2007، بعد سيطرتها على غزة، باستثناء هيئات عدة محدودة شهدت إجراء انتخابات محليّة في كانون الثاني/ يناير 2005، حيث فازت حماس في أربع منها من أصل ثماني هيئات محلية حصلت فيها انتخابات. ومنذ سيطرة حماس على غزة، أصبح غالبية رؤساء وأعضاء الهيئات المحلية فيها إما كوادر في حماس، أو مقربين منها.
من جهته، قال الناطق باسم حماس، فوزي برهوم، إن "تشكيل حماس لهيئات محلية جديدة في غزة يسعى إلى تحقيق الشراكة الوطنية، وتقديم خدمات أفضل إلى الفلسطينيين، في حين أن تعيينات الحكومة الفلسطينية في الهيئات المحلية محكومة لصالح فتح، وهي عمل فئوي وحزبي ترفضه حماس، ويمثل التفافا على إجراء انتخابات ديمقراطية"، وفق تعبيره.
التهديد بوقف التمويل
وأضاف لـ"عربي21" أن "أي تلويح دولي بوقف التمويل عن الهيئات المحلية التي تعينها حماس في غزة يهدف إلى إزاحة الحركة عن المشهد السياسي، والمحافظة على التعاون الدولي مع هيئات تعينها فتح في الضفة، لكن تجربة السنوات الماضية منذ عام 2007 تشهد بتواصل الدعم الدولي لهيئات غزة".
وكانت صحيفة "الجريدة الكويتية" ذكرت في 7 أيلول/ سبتمبر أن منظمات مانحة دولية، لم تحددها، حذرت السلطة الفلسطينيّة خلال لقاء جمع ممثليها مع وزير الحكم المحلي الفلسطيني حسين الأعرج، مطلع أيلول/ سبتمبر، في رام الله، من أنها ستوقف الدعم لكل هيئة محلية تفوز فيها حماس.
ويرى مراقبون أنه قد يكون الأجدى بالنسبة لحماس وللفلسطينيين في غزة ألا تقدم الحركة على تعيينات جديدة للهيئات المحلية، إلا إذا اتفقت مع بقية الفصائل السياسية والقوى المجتمعية على مشاركتها، وهذا لا يبدو مرجحا، وإن لم تحصل هذه الشراكة، فربما تبقى الهيئات المحلية على حالها، من دون تغييرات أو تعيينات جديدة.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، إن "حماس تخطئ لو عينت هيئات محلية جديدة في غزة، لكنها ربما تنجح بتسويق فكرة التعيين إذا ضمت إليها أعضاء من فصائل أخرى".
وأضاف أبو سعدة لـ"عربي21" أن "البوادر السياسية تستبعد حصول انتخابات محلية في المدى المنظور، ما قد يسهل المهمة على حماس لإقناع بعض القوى بالانضمام إليها، طالما أن الهيئات المحلية تقدم خدمات إدارية لا سياسية".
وعلمت "عربي21" من أوساط رسمية في وزارة الحكم المحلي بغزة، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، أن "رؤساء وأعضاء الهيئات المحلية في غزة، ممن استقالوا نتيجة ترشحهم للانتخابات المحلية، عادوا لمزاولة أعمالهم في الهيئات فور صدور قرار الحكومة بتأجيل الانتخابات المحلية أربعة أشهر".
وأضافت هذه الأوساط أن "التوجه الجاري في غزة اليوم يقضي بإجراء مشاورات مع الفصائل الفلسطينية لتعيين من تراه مناسبا من كوادرها، ليكونوا ضمن الهيئات المحلية القائمة، على أن يتم تغيير الأعضاء غير الفاعلين في هذه الهيئات، فإن وافقت تلك الفصائل سيتم دمج عدة كوادر منها بكل هيئة محلية في القطاع، وإن لم توافق ستقوم الهيئات المحلية ذاتها باستبدال أعضاء الهيئات غير الفاعلين بأعضاء جدد، من اللون السياسي ذاته، القائم حاليا من حماس".